لقد هزت الأحداث الأخيرة في بعلبك الدولة بكاملها رؤساء وأجهزة أمنية وأحزاب، لأن ما حصل شكل تهديدًا حقيقيًا للمجتمع البقاعي برمته، الأمر الذي استدعى تدخلًا فوريًا من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب واستنفرت الأحزاب المهيمنة على المنطقة والتي كانت وما زالت ممسكة بأمنها وبنيتها الإجتماعية.
النداء الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري دق فيه ناقوس الخطر، وأعاد التأكيد على أن "هناك محاولات مستمرة منذ سنوات لتشويه صورة البقاع وإظهاره بمظهر الخارج عن القانون ولبنان كل لبنان يكتفى بالتفرج فما المقصود؟"، وأضاف الرئيس بري: "وليس مقنعا أن أجهزة الأمن والجيش والدولة لا تستطيع القبض عليهم وتخليصهم من أنفسهم وتخليص البقاع والوطن منهم، وأضاف القصة قصة هيبة والحق الحق لا هيبة للدولة فتأهبوا وهبوا، أمن البقاع أمن لبناني، والتنمية والإستثمار كما الأمن والأمان يتلازمان".
وإضافة إلى مواقف الرئيس بري شكلت مواقف لنواب المنطقة النائب إيهاب حمادة والنائب جميل السيد نقلة إضافية ليعبروا عن موقف متقدم لـ "حزب الله" تجاه ما يجري، ويحمل هذا الموقف استغاثة واضحة بالدولة وبمطالبة صريحة باستعادة زمام المبادرة والإمساك بالوضع الأمني المتدهور مع هجوم عنيف على قيادة الجيش والأجهزة الأمنية واتهامها بالتقصير أو التورط.
وقد أدت هذه المواقف الجديدة تجاه ما يحدث في البقاع إلى جملة تساؤلات، ما معنى أن يستغيث "حزب الله" بالدولة ويتهمها آخرون بالتقصير؟ وما معنى إتهام الأجهزة الأمنية بالتورط في الوقت الذي يعتبر فيه "حزب الله" في المنطقة صاحب اليد الطولى أمنيا وسياسيا وإجتماعيا، وعلى أعين "حزب الله " وأجهزته استبيحت المنطقة أمنيًا إلى أقصى الحدود خصوصا في المرحلة التي سبقت الإنتخابات النيابية حيث سجلت اعتداءات عدة نفذها عناصر من "حزب الله" ضد معارضين لسياسات الحزب وتوجهاته، الأمر الذي شجع على مزيد من الفلتان الأمني فكانت المنطقة أمام حالة غير مسبوقة من تفشي ظاهرة السلاح والإعتداءات المتنقلة.
إقرأ أيضًا: الوجه الآخر للممانعة
هذه الأسئلة دفعت إلى رفض الإتهامات والمواقف الصادرة عن نواب الحزب في المنطقة وتؤكد أن فشل "حزب الله" في ضبط الشارع البقاعي وفق أهدافه استدعى الإستغاثة المتأخرة بالدولة، ولجأ اليوم إلى اتهام الدولة بالتقصير والمماطلة فيما كان إلى أمد قريب يتحكم بكل مفاصل الأمن والسياسة في المنطقة.
إن الفوضى الأمنية التي اجتاحت منطقة البقاع خلال الأيام الأخيرة الماضية ولا تزال، تؤكد فيما لو استمرت ذهاب المنطقة بكاملها إلى المحظور وتصيب بتداعياتها "حزب الله" وبيئته تحديدا، ولما وقف "حزب الله" عاجزا أمام الواقع المتردي الذي يعيشه البقاع وبعدما ظهر الحزب متورطًا ومسؤولًا عما وصلت إليه الأمور في المنطقة يستنجد ويستغيث اليوم بالدولة في صرخة متأخرة قد لا تشفع له استباحته للمنطقة خلال الفترات السابقة.
إن الدولة هي الجهة المسؤولة وحدها عن أمن البقاع والبقاعيين وإن "حزب الله" أخفق مرة جديدة فذهبت المنقطة إلى مزيد من الفوضى وإلى ما يشبه الحرب فكان الخيار المتبقي هو التنصل من المسؤوليات وتحميل الدولة تبعات ما حصل ويحصل.
ونحن على مشارف تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع نأمل أن تكون هذه الخطة بعيدة عن إملاءات الأحزاب والنافذين لتستطيع الأجهزة القيام بواجباتها وتنفيذ القانون بحذافيره بعيدًا عن الواسطات والمحسوبيات والرغبات الحزبية والعائلية والسياسية وبذلك يكون البقاع أمام بداية مشرفة لإنهاء هذه الأزمة.