الكتلة التي غاب عنها أقطاب الطائفة السنية المعترضة ربما على أداء الحريري وليس على توجّهه، والذين من الممكن إدراجهم تحت مسمّى «المستقلين»، اعتبرت استثناء السنة المستقلّين من التمثيل هو خروج على المعايير، وفي حال حصل لا تصحّ صفة «الوحدة الوطنية» على الحكومة.
إلّا انّ أوساط الاقطاب السنّة التي لم تشارك في هذا الاجتماع كان لها رأيها الخاص في تقييمه، فبعضها يستغرب البيان الذي صدر باسم «النواب السنة العشرة المعارضين»، لافتةً الى انّ عدد النواب الذين شاركوا في الاجتماع كان 6 وليس 10. وهم، بالإضافة الى كرامي، عبد الرحيم مراد، الوليد سكرية، عدنان طرابلسي، جهاد الصمد، قاسم هاشم، هذا من حيث الشكل.
امّا المضمون فتحدّث عنه سكرية، علماً انّه محسوب على كتلة «الوفاء للمقاومة»، واصفاً الأجواء التي سادت الاجتماع في دارة مراد بـ»الجيّدة»، مبرّراً الدعوة الى عقده قائلاً: «انّ 10 مقاعد سنيّة لم تعد لتيار»المستقبل» في المجلس الجديد، وعندما شُكّلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عقد تيار «المستقبل» اجتماعاً في دار الفتوى برئاسة المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني، ووصف المجتمعون آنذاك حكومة ميقاتي بأنها «غير ميثاقية»!
ميقاتي غير مَعني
أوساط ميقاتي تعتبر ان لا علاقة لها بهذا الاجتماع، وانه غير معني به أو بأيّ اجتماع سنّي او غير سني يتخذ طابعاً مذهبياً. أمّا القريبون من ميقاتي فيشيرون الى أنّ عقلانيته ووسطيته تمنعه من المشاركة في اجتماع سني ـ مذهبي هدفه واضح، خصوصاً انّ محاولات إيصال مرشّح كالنائب فيصل كرامي، الذي وُصف في حكومة ميقاتي بـ»الوزير الشيعي السادس»، يستفزّ اسمه أو توزيره السعودية، الأمر الذي يتجنّبه ميقاتي. وإذا ارتأى الحريري ترك التسمية السنية لميقاتي، فسيفضّل الأخير اختيار شخصية سنية معتدلة للتوزير لا تستفزّ السعودية، هذا اذا وافق الحريري على التمثيل السني المعترض وليس استبداله بالمسيحي، علماً انّ أحد النواب في كتلة الحريري كشف لـ»الجمهورية» أنّ الكتلة تفضّل توزير أي شخصية سنّية أو مسيحية تسمّيها كتلة ميقاتي.
المخارج
امّا بالنسبة الى المخارج فيقول قريبون من الحريري انّ الأخير قد يقبل بمبادلة المقعد السني مع رئيس الجمهورية بمقعد مسيحي، وبذلك يكون قد ترك تسمية الوزير السني المعارض لرئيس الجمهورية. ويضيف هؤلاء انّ عون اذا ارتأى ان لا ضرر من تسمية كرامي فليُسَمّه ضمن حصته وليس من حصة الحريري، تماماً مثلما يسمّي الآن النائب الدرزي طلال ارسلان.
وتقول الاوساط نفسها انّ هذا الاقتراح وصل الى عون، الذي تفيد أجواؤه انه إذا أراد فعلاً تسمية الوزير السني المعارض فهو سيسمّي شخصية قريبة منه ومن خطه ومن سياسته، إذ انّه لم ينس انّ سهام كرامي طاوَلته وتيّاره في مناسبات عدة في طرابلس، خصوصاً انّ كرامي لم يعترف يوماً بحيثية «التيار الوطني الحر» في عاصمة الشمال، ولم يقبل بانضمام مرشّحيه الى اللوائح الكرامية لا في النيابة ولا في البلدية.
لم يتأخر كرامي في الرد وسارَع الى التعليق على هذا الواقع منذ أيام فقال: «لسنا منّة من أحد، ولسنا هدية لكي يسمّينا أحد، فنحن نمثّل حيثية شعبية ومن حقنا ان نتمثّل...».
ومخزومي أيضاً
قطب آخر لم ينضمّ الى الحالة الإعتراضية السنية هو النائب فؤاد مخزومي، الذي يبدو أنه ارتأى في بداية ولايته النيابية تجنّب الصدام مع الحريري. أولاً، كونه نائب أيضاً عن مدينة بيروت. وثانياً، لأنه يعلم جيّداً انّ هذا الاجتماع هدفه إيصال كرامي الى الحكومة الجديدة الأمر الذي لا يعنيه مباشرة، ومن المشروع التساؤل لماذا لا يتوَزّر هو مثلاً وليس كرامي؟ كما أن ليس من مصلحته أن يبدأ ولايته النيابية بالصدام مع الحريري من أجل مصالح الآخرين، وهو الذي يسعى اليوم الى تثبيت موقعه بيروتياً ونيابياً، والأفضل له إبقاء العلاقة متوازنة مع جميع الاطراف.
وتؤكد مصادر قريبة من مخزومي أنه يمثّل حالة استقلالية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهو ليس معنيّاً باجتماع «المعارضين السنة»، ولا نيّة لديه بالانضمام إليهم ولا أيضاً في مجابهتهم. كذلك لا يريد الإنضمام الآن الى ايّ تكتل او تيار موال او معارض، ويرفض المشاركة في اجتماعات سياسية تندرج في إطار الموالاة او المعارضة.
وتضيف هذه المصادر أنّ مخزومي وصل الى المجلس بأصوات الشعب، واعداً ببرامج تنموية وحديثة تستحوذ على اهتماماته الاولية، وانه يفضّل انتهاج ممارسة استقلالية بكل ما تحمل من معنى، وهو يردد دوماً «الناس انتخبوني ليس لأكون وزيراً وإنما لأنوب عنهم، وأنا مُكتف بنيابتي».
وأسامة سعد
قطب سني آخر معارض لم يشارك «في الإجتماع السداسي» المعترض على عدم توزير النواب السنة المعارضين، هو النائب أسامة سعد، الذي تقول أوساطه انه «لا يحبّذ المشاركة في اجتماع مذهبي طائفي تغيب عنه التلوينة السياسية المعتدلة، ويفضّل اتّباع نهج الاستقلالية الفعلية».
يبقى اللافت في الذين لم يشاركوا في «الاجتماع السداسي» انهم يُعتبرون أقطاباً وليسوا شخصيات سنّية عادية، في وقت تساءل البعض عمّا اذا كان ممكناً إدراج اسمَي النائبين الوليد سكرية عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» وقاسم هاشم عضو كتلة «التنمية والتحرير»، ضمن كتلة النواب السنة الموالية للخط الكرامي الشمالي السني، وليس كتلة مستعارة على نسق كتلة النائب طلال ارسلان؟!