ردّ سيرغي لافروف على لجنة الأمم المتحدة التي عاينت عن قرب وعن كثب "الغوطة الشرقية" وتبيّن لها أن الجيش السوري استخدم غاز السرين وغيره من أدوات القتل الممنوعة والمحرّمة دولياً وحمّلها مسؤولية التلاعب بالمعطيات التي تؤكد مسؤولية الموتى عن موتهم فهم من رشوا على أنفسهم مبيدات سامة أدّت الى انتشار السموم القاتلة وأودت بهم الى حتفهم واعتبر المعلم الروسي أن لجنة تقصّي الحقائق قد زيّفت الحقائق وهي اعتمدت في تقريرها على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المصادر الأخرى المزورة لحقيقة ما حصل في " الغوطة الشرقية " من جريمة منظمة ومدبرة من قبل من ماتوا بسمومهم وقد اتهموا نظام الأسد البريء كل البراءة من دم النعاج خاصة و أن الجيش العربي السوري قد تربى على حماية الشعب وقتال العدو وتجربته حافلة ولا حاجة لشرح المزيد عن بطولات جيش أعدّ لتحرير الجولان السوري كمقدمة لتحرير فلسطين .
ردّ وزير خارجية روسيا السيد لافروف ذكرنا بصاحبه وزير خارجية سورية وليد المعلم عندما فضح المعارضة السورية بجريمة نكراء كانت قد ارتكبت في لبنان وعرض صورها المعلم على أنها جريمة حصلت في سورية وعلى يد المعارضين المجرمين من بعد هذا الردّ الذي عرضه المعلم في مؤتمر صحفي إبتعد أو أقصي وليد عن المسؤولية المباشرة كونه قد فشل في ترتيب الأفلام ولا خبرة عملية له في وضع السيناريوهات المقبولة في أعمال تحتاج الى حبكة جيدة كي يستسيغها السامع و المشاهد .
ومنذ تورط روسيا في الحرب السورية مسك الروس وزارة الخارجية و أصبح لافروف الناطق الرسمي باسم النظام السوري ولكنه هو الآخر خريج نفس المدرسة الستالينية ولا يتقن فنّ الدبلوماسية ولا يجيد عملية قلب الحقائق بل إنه يؤكدها من خلال الاعتراض عليها بقصص لا تقنع حمير البرية .
إقرأ أيضا : حقوق الإنسان بين أميركا وروسيا
كل هذه الحروب اليومية في سورية وهذه الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري لا علاقة للنظام بها لا من بعيد أو قريب بنظر الدبلوماسية الروسية ولو كانت أكثر عقلانية لقامت بتحميل المعارضة الكثير من الجرائم و أدانت النظام ببعض الجرائم كيّ يكون كلام الروس مقنعاً ومقبولاً لدى المستمع للمواقف الروسية التي لا تعرف سوى النفي عن كل ما يتعلق بالنظام حتى صدقنا أن النظام السوري أقرب الأنظمة اتصالاً بالنظام السويسري .
حتى بعض المحسوبين على النظام يدينون ارتكابات الجيش والأمن و الميلشيات الطائفية بحق سوريين ويتحدثون بوضوح عن جرائم كبيرة حصلت و تحصل و ترتكب في السجون ومن خلال البراميل التى تنزل كالمطر على المدن والقرى السورية ولكن السيد لافروف لا يرى ، هو كفيف سياسي يرى في أذنه و يسمع في عينه لذا يبصر بطريقة مختلفة تماماً عن البشر الأسوياء.
هذ السياسة الروسية تكشف حماقة الدبلوماسية المنتهجة والمعتمدة في سورية وتؤكد دور الروس المكشوف في دفن المعارضة و إحياء النظام وما محاولاتها لتحسين شروط الحوار السوري - السوري الاّ خديعة لا تنطلي على أحد اذ أنها صنعت معارضة نائمة في روسيا لتفاوض النظام بلا شروط والقبول ببقاء الأسد الى الأبد وهكذا تكون المعارضة قد حصلت على فرصتها التاريخية في حلّ يرضي النظام وضمن صيغة سياسية تستوعب هذه المعارضة البناءة من جماعة المنصة الروسية .
من المعيب التعاطي مع حروب تدمر بلاداً و شعوباً بتسخيف الحقائق و تزويرها لصالح مصالح لا علاقة لها بالبلاد المدمرة ولا بالشعوب التي تعاني من نيران الحرائق المشتعلة والمسؤولية التاريخية تفرض على روسيا العمل على إيقاف الحرب و السعي نحو إصلاح سياسي فعلي لا هرطقي على الطريقة الروسية ولكن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف لنظام محكوم من قبل الأجهزة الأمنية و العسكرية ومن قبل شبكات مالية ويعمل لصالح فرد واحد هو نصف إله أن يحلّ النظام السوري الذي يشبهه في كل شيء ؟