في كل صرخة أتت من أعماق نفسه، تألمتُ وكأنّ الطفل ينتزعُ جزءاً من قلبي مع صرخته
وكأنّ في الأمر خطراً يدهم الأمة العربية، فاستدعى أن يحاط الطفل البريء بهيبة الدولة وقوى الأمن اللبنانية، التي يرتجف الرجال لصوت اقدامها، فكم بالحري بطفل حساس لم تعرف أحاسيسه إلا الصدق والبراءة.
فسألت نفسي كم عضمة وكم شريان اهتز في جسد الطفل النحيل عند دخول الدولة عليه في أكثر مكان يعرف عنه الخصوصية والأمان
اضطر الفارس أن ينحني أرضاً ويتكىء على ركبتيه وكأنه يواجه "داعش" قبل طلوع الروح.
من أنت أيها الأب لتزرعَ الذعر في قلب طفل آمن بك قبل ان يؤمنَ بربه؟
من أنت حتى تكسر أعراف الله والطبيعة لتفطرَ قلب أم كنت يوماً قد اخترتها شريكة لك؟
ومن أنتِ ايتها الزوجة الجديدة وكيف تقبلين هذا التصرف من زوجك؟ هل أنت مكرهة على القبول بسلطان زوجك؟
أيها الأب وفي عيد الأبوة، هل تعتقد انك ستعوّض على ابنك هذا التعدي؟ هل ستلعب بعقله وقلبه كي تربح معركة فتخسر نفسَك وتجرّده من عنفوانه وكرامته؟
هل نسيت أنّ الأيام تمرّ بسرعة، وسيأتي يوم لا محال، يهبّ الفارسُ بسيفه؟
اذ تنزع نزواتُك الطفولةَ من قلب الطفل، لن تنزعَ من روحِه وأعماقه حبّه لأمّه وتوقَه لحضنها، بل لقد زدتَ هذا الحبّ صلابة وساهمتَ باستفزاز الطبيعة حتى تكرّسَ حبّ الأم وتكسرَ في قلبه صورة الأب.
فلا معركة رابحة مع طفلك إلا من خلال محبتِك لمصلحتِه ومستقبلِه واحترام حقّه بحضن أمه ولو على حساب كبريائك وجبروتك وسلطانك. فتذكّر حضنَ أمّك واحكم، وتذكر موقفك من كل من انتقد أمّك وانتَ طفل، واعترف أن أمان طفلِك في التاسعة من عمره، لن يجده في حضن أدفأ من حضن أمه، مهما كان رأيها بك أنتَ ورأيك انتَ بها.
فللفتى رؤية خاصة بك وبها يزرعها الله سبحانه وتعالى، احمها بنور عينيك ولا تشوّه صورة اي منكما في قلبه وذهنه، لأنك بذلك تجعل منه مُقعدا مكسورَ الرجلين والجوانج معنويأ ونفسياً
من أجل الطفل، تعالَ على نفسك أيها الأب واعط ابن التسع سنوات حقّه بل اضمن حقّه بحضن والدته ولا تجعل من جمال طفولته جحيما!
-النقيبة السابقة لنقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان - جينا الشماس