يبدو أن كابوس لعبة الحوت الأزرق لم ينتهِ بعد، اذ ما زالت تُسجل حالات انتحار جديدة من جراء هذه اللعبة، لا سيما بين أوساط المراهقين، بسبب التحديات التي تتطلبها منهم هذه اللعبة والتي تصل الى حد إيذاء وقتل النفس.

وكانت القوى الأمنية في وقت سابق قد حذرت في بيان لها عن تلقي عدد من الإفادات من قبل المواطنين، حول اطفال تظهر عليهم علامات خمول ذهني ويحاولون الانتحار نتيجة استخدامهم هذا التطبيق، وشرحت مخاطر استخدام هذه اللعبة بين الأطفال.

وبالرغم من تأكيد القوى الأمنية منع هذه اللعبة في لبنان، إلا أننا ما زلنا نلحظ محاولات انتحار متعددة بين الشباب، لعل آخرها كان الشاب "ليث" الذي سقط من شرفة منزله الكائن في الطبقة الرابعة من بناء في شارع عمر بن الخطاب في منطقة رأس النبع، وكُتب له ان يعيش بلطف العناية الإلهية.

السؤال الذي يُطرح هنا، هو كيف ما زال المراهقون قادرين على لعب هذه اللعبة بالرغم من عدم وجودها فعلاً على متجري "آبل ستور" و"غوغل بلاي"؟

يجيب عن هذا السؤال خبير التقنية جمال قاسم بالقول: إن متاجر التطبيقات لديها اشتراطات عامة تتبعها عند اعتماد وطرح أي تطبيق جديد على أنظمة تشغيل الهواتف والأجهزة الذكية، ولا توجد آلية حجب مباشرة يمكن لمؤسسات تنظيم الاتصالات في أي دولة عبرها حجب استخدام تطبيق بعينه إلا بحالة واحدة وهي استخدام التطبيق عبر الإنترنت، عندها يمكن لشركات الاتصالات حجب خوادم هذه الألعاب، وبالتالي منعها من العمل عبر الشبكة. اما في حال عمل هذه التطبيقات من دون الحاجة للاتصال عبر الإنترنت (أوفلاين) فلا يمكن حجبها إلا بالتواصل مع إدارات المتاجر المختصة مثل "آبل ستور" و"غوغل ستور" لحذفها عن هذه المتاجر ومنع تثبيتها.

وأضاف قاسم: "تمتلك غوغل وآبل التكنولوجيا الكافية والشروط والأساليب المتعددة التي تمكنها من حظر التطبيقات التي تحتوي على برمجيات خبيثة بشكل تلقائي فور رفعها على متجرها، أما بالنسبة للمحتوى وطريقة عمل التطبيقات، فلا يمكن لهذه الشركات حظرها بشكل فوري، اذ انها بحاجة إلى تقارير أو مراجعات من المستخدمين حول التطبيق، وبهذه الحالة يتم تحويل هذا التطبيق الى قسم الشكاوى المختص بها والذي بدوره يدقق بهذه المراجعات، وفي الوقت عينه يعمل على التدقيق ومراجعة التطبيق ليتخذ قرار بحظره عن المتجر أو لا"!

تجدر الإشارة هنا، الى ان تصنيف الأعمار يلعب دوراً بتوجيه التطبيق او اللعبة، بمعنى آخر، اي شخص يريد تطوير او رفع تطبيق معين، عليه ان يحدد لأي عمر موجه هذا التطبيق سواء في "آبل ستور" أو "غوغل بلاي".

اختفاء اللعبة في متاجر التطبيقات

وحول لعبة "الحوت الأزرق" أشار قاسم: "إذا ما بحثنا عن اللعبة على متجري غوغل وابل، نلاحظ إختفاءها من المتجرين في لبنان، وعلى الأغلب في الخارج ايضاً، ولكن الذي يحصل هو ان المراهقين يقومون بتبادل ملف اللعبة، بطريقة مباشرة على "واتساب" او عبر "البريد الإلكتروني" او حتى تقنية "البلوتوث" وتثبيتها "أوفلاين"، وبهذه الطريقة لا يُمكن لقوى الأمن الداخلي منعها الا في حال تعاونت مع الشركات المنتجة لأنظمة التشغيل مثل "غوغل" و"ابل" لتطوير برمجيات خاصة لمنع عمل هذه اللعبة على نظامي "اندرويد" و "IOS"، عندها يتم منع اللعبة من خلال نظام التشغيل وليس فقط من خلال متجر التطبيقات.

اللعبة منتشرة في "سرفرات" متعددة

من جهته، أكد الخبير التكنولوجي علي عميص بما يتعلق بموضوع حجب لعبة "الحوت الأزرق" ان "اللعبة منتشرة في سرفرات متعددة وفي مواقع غير متاجر الهواتف، وبالتالي هناك صعوبة في حجب كافة المواقع التي تستضيفها، فكل ما يلزم الطفل أو المراهق أن يقوم بتحميلها وتخطي رسالة التحذير عبر الهاتف لكي يُنصب اللعبة ويبدأ اللعب، ولا يمكن غلق منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي من خلالها تنتشر اللعبة".

أما في ما يتعلق بمنع المتاجر للألعاب العنيفة فقال عميص: "يمكن القول إن المتاجر يمكنها بكل تأكيد منع نشر هذه الألعاب، وهي تخضع للمراقبة قبل وضعها على المتجر، بل إنه يمكن للمستخدمين إرسال تقارير في هذه اللعبة لإدارة المتاجر من أجل إيقافها، لكن في حالة لعبة "الحوت الأزرق" فهي غير متوفرة على المتاجر بل يتم وضعها من قبل المستخدمين أنفسهم على مواقع متعددة، كما أن مخترع اللعبة المواطن الروسي فيليب بوديكين حكم عليه بالسجن واتهامه بالتحريض على قتل المراهقين".

التوعية هي الأهم

خلاصة القول يجب على الأهل والدولة التوعية على مثل هذه الألعاب، لأن في المستقبل قد يظهر العديد من هذه الألعاب الخطيرة على المجتمع، ومع صعوبة حجبها يتطلب من الخبراء إيجاد طرق جديدة لكي تحد من انتشارها، وقد يكون الحل مع الشركات المبرجمة للهواتف بحيث يمكن إيجاد آلية للتشدد في قبول تنزيل التطبيقات على الهواتف.