تُبدي أوساط وزارية وديبلوماسية قلقها حول ما يمكن أن تقوم به الأمم المتحدة في حال "لم تمتثل" المفوضية العليا للاجئين لموقف وزير الخارجية والمغتربين بالنسبة إلى تسهيل عودة النازحين والمساعدة في إطار يخدم عودتهم.
وتشير هذه الأوساط إلى أن هناك استعداداً لدى المفوضية لأن تصل إلى أن تترك لبنان أو الحد من عملها فيه، إذا استمرت ما تعتبره مضايقات في لبنان. هناك بعض الليونة في التعامل معها حصل في جنيف، لكن مهمة المفوضية ليست التشجيع أو عدمه. وهي قد تتراجع إذا استمرت الضغوط القوية تاركة للبنان أن يعالج ملف النازحين منفرداً.
وتسأل الأوساط، ما هي الأسباب وراء القرار المفاجئ حول أن المفوضية لا تقوم بعملها كما يجب؟ والقانون الدولي واضح في هذا المجال، إلا إذا رأى بعض المسؤولين اللبنانيين أن بإمكانهم إقناع الأمم المتحدة بأن تقوم بتعديل هذا القانون لناحية مفهومها للّاجئ وللعودة الآمنة. وتخشى الأوساط، أن يكون التعامل مع هذا الملف بهذا الشكل مرتبط بما يحصل في الآونة الأخيرة في القصير والمناطق القريبة منها. أو أنه مرتبط بعدم تمرير دور مسؤول أمني بارز، في هذا الملف، والسعي لمنافسة دوره. إذ ما السبب في أنه حصلت عودة لنازحين من مناطق شبعا إلى سوريا ولم يعترض أحد، ولم يأخذ هذا الموضوع هذا البعد. والسؤال أيضاً هل أن حزباً كبيراً منزعج من الخطوة لأنها يفترض أن تعيد أهل القصير إلى بيوتهم المهدمة على أيدي فريق لبناني؟.
وتفيد هذه الأوساط، أن دولاً عديدة تتفاجأ بالموقف الإتهامي لوزير الخارجية لها على أنها تريد توطين النازحين السوريين في لبنان، وأن المجتمع الدولي كله يريد توطينهم. مثلاً ألمانيا منزعجة جداً من هذه الإتهامات، مع الإشارة إلى أن الألمان أول من تجاوبوا مع دعوة وزير شؤون النازحين معين المرعبي بالنسبة إلى القانون رقم 10 السوري ، وأصدرت الخارجية الألمانية بياناً بعد ثلاثة أيام على تحرك المرعبي في مؤتمر بروكسل حول سوريا. إذ أن القانون المذكور انعكس يأساً في أوساط النازحين ليس فقط في لبنان، بل أيضاً في تركيا والأردن . وسويسرا أيضاً تجاوبت مع تحرك لبنان في هذا الشأن. وألمانيا وسويسرا تقولان انهما لا تسعيان إلى التوطين، وانهما ليستا من القوى المؤثرة في الوضع السوري، لكي تسعيا للتوطين، وليستا من أصحاب المصالح في سوريا. والمعروف أن أصحاب المصالح في سوريا هما الأميركيون والروس من دون ان يكون هناك اتهام اليهما بشيء محدد. لكن لبنان يمكنه القيام بتحرك معهما. والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي زار روسيا قبل ايام قليلة بحث في موضوع العمل لإعادة النازحين. لذلك تطرح الاوساط تساؤلات عن جدوى معاداة العالم كله والمجتمع الدولي في اطار السعي لحل مشكلة النازحين، بدلاً من الحوار معهما، وماذا يستفيد لبنان اذا "هربت" المكاتب الاقليمية للمنظمات الدولية منه الى عواصم اخرى؟.
وتقول مصادر ديبلوماسية، ان عدم الحوار مع العالم، سيحتّم على لبنان احتمال مواجهة توجيه الأمم المتحدة إليه رسائل سياسية، قد لا تقتصر فقط على الإنسحاب من البحث بمسألة النازحين، انما أيضاً قد تؤثر لمناسبة التمديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل". بحيث تستفيد الأمم المتحدة من أجل إطلاق مواقف ما حول لبنان، أو إتخاذ اجراءات ذات صلة بخفض التمويل للقوة، أو خفض العديد. لكن أي إجراء لن يطال عمل القوة ومهمتها ولا جوهر وجودها. ذلك أن وجودها يطبق قراراً دولياً صادراً عن مجلس الأمن، والمنظمة الدولية، وكذلك لبنان، وإسرائيل، وكل الدول المعنية بالقرار تريد إستمرار أجواء الإستقرار السائدة في الجنوب، وإستمرار التوازنات القائمة.
ومنذ بيان بروكسل، يتضح وجود موقف دولي ثابت رافض لإعادة النازحين من دون وجود ظروف عودة آمنة. ولبنان لا يمانع بعودة من يريد العودة. موضوع معالجة مسألة النازحين مرتبط بطريقة النظرة للأزمة السورية، ولمفهوم الصراع في سوريا. فمن يفهمها أنها حرب بين النظام والمعارضة ، يقول أنه لا يوجد أمن حتى لو توقف القصف. ومن يقول أن الأمر هو بمثابة حرب ضد ارهابيين يعتبر أن الأزمة انتهت وهناك أمان.