وليد جنبلاط الزعيم العابر لحدوده ولبنانيته يختار مواقفه بدقة ويغرد مطمئنا فيقول ما يريد بتوقيته السياسي ليعبّر بذلك عن موقف يتصل حتما بما يلتقطه سياسيا من خلال إطلالته المحلية والخارجية فيخلط الأوراق على قاعدة ما يستشعره على الصعيدين الداخلي والخارجي.
أشعلت تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط جمهورية "لبنان القوي" التغريدة التي اعتبر فيها "العهد فاشل منذ اللحظة الأولى" وجاء فيها "اما المهجرون في الأرض فلا عيد لهم ولا راحة، يلاحقهم الموت في البحار وفي الصحاري تجار البشر، يهربون من الظلم والحروب من اجل حياة احسن، فاذا بجدران الكراهية والعنصرية ترتفع في كل مكان، وفي لبنان يطالبون بتسليمهم الى الجلاد، بحجة تحميلهم سوء الاحوال، ومصيبتنا في عهدٍ فاشل منذ اول لحظة".
لم تكن هذه التغريدة وليدة اللحظة أو وليدة الفراغ السياسي كما أنها ليست مجرد موقف عابر أو تغريدة ستنتهي مفاعيلها قريبا، هذه التغريدة هي موقف مقصود من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وربما هي بداية المرحلة القادمة لبنانيا وسيكون لها تداعياتها في مرحلة التشكيل والتأليف من جهة، وتتصل لاحقا بالموقف من هذا العهد برمّته، العهد الذي يحرج نفسه فيخرجها إلى دائرة الإنتقادات والحملات بعدما بلغ المستوى الذي وصل إليه حدا لا يمكن السكوت عنه.
في 31 /10/2016 انتخب مجلس النواب اللبناني العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بتسوية شارك فيها معظم الأحزاب السياسية في لبنان لتشكل هذه التسوية مرحلة جديدة في الحياة السياسية اللبنانية ولتعبر عن شبه استقرار سياسي أرخى بظلاله على الأجواء السياسية بشكل عام .
استقرت الأمور على ما هي عليه وبدأت التحضيرات للإنتخابات النيابية التي انتهت بتشكيلة جديدة لمجلس النواب .
سجل للعهد الجديد إجراء الإنتخابات إلا أن ملفات أخرى كثيرة سجلت إخفاقات كبيرة للعهد وحاشيته التي يترأسها الوزير جبران باسيل الذي أمسك زمام الرئاسة بكل تفاصيلها ليجعل من العهد صورة مهزوزة محليا وخارجيا وتحت عنوان لبنان القوي استأثر باسيل بملفات عدة وتجاوز اللياقات السياسية والدبلوماسية فأحرج العهد والحكومة أكثر فأكثر، الأمر الذي كان بحاجة إلى رفع الصوت ووضع حد لهذا الإستهتار بالجمهورية كلها، الجمهورية التي أصيبت بمقولة العهد القوي بمفعول عكسي فظهرت إلى العلن روائح الصفقات والفساد والتجاوزات التي لم يعد يتحملها أي لبناني.
إقرأ أيضا : البلد على كفّ تغريدة ... نبش للقبور بين عون وجنبلاط
وليد جنبلاط رأى أن السكوت لم يعد في محله وأن رفع الصوت بات حاجة وضرورة بل ومسؤولية ولذلك كانت التغريدة الجنلاطية على مستوى عال من التعبير وقد أصابت "لبنان القوي" بالجنون ليتبين مدى ضعف العهد الذي تهزه تغريدة.
فتح جنبلاط المجال لضرورة النقد وهز صورة العهد لتخرج جوقة تشبه المافيا فتطلق التصريحات والمواقف من هنا وهناك فيما لم يصدر عن أي منهم أي موقف يوضح الأسباب التي أدت إلى تغريدة جنبلاط فأسقطوا العهد مرة ثانية قبل أن يسقطوا في مستنقع الولاء للزعامة على حساب الوطن والجمهورية فبات لبنان القوي على كفّ غفريت .
لبنان القوي بالقانون والمؤسسات، لبنان القوي بجيشه وأجهزته، لبنان القوي بالمحاسبة والرقابة وبوضع حد للفساد المالي والإداري الذي طبع صورة العهد وشوّه كل الجمهورية.