رفع اليوم المفتي عبد اللطيف دريان الصوت عالياً في خطبة عيد الفطر بوجه نزعات الاستفراد ووضع اليد على صلاحيات رئيس الحكومة، والتلاعب في المصير الوطني من قبل طرفٍ لم يُسمّه (التيار الوطني الحر) ووزيرٍ بعينه (جبران باسيل)، وذلك في أخطر مسألة داخلية ذات أبعاد إقليمية ودولية، وهي أزمة النازحين السوريين، الأزمة التي يمضي الوزير باسيل في استغلالها وتوظيفها لحسابات طائفية وعنصرية ولا إنسانية، وذلك عبر دعمٍ تام من مقام رئاسة الجمهورية، ورضىً صامت من قبل "حزب الله " لأسبابٍ لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في حسابات النظامين السوري والإيراني.
إقرأ أيضًا: نوابُ الأمة يتلهفون على الثمار العفنة بدل مُعالجة الشجرة
وصوتُ المفتي اليوم ليس صرخةً جديدة، فقد سبق للوزير معين المرعبي (وزير شؤون النازحين) أن نبّه لخطورة هذا الاستفراد، وهذا الامتهان لدور رئيس الحكومة ومعه الحكومة بكاملها، إضافةً لما غرّد به اليوم الوزير وليد جنبلاط، داعياً للكفّ عن المتاجرة بآلام ومعاناة النازحين السوريين من قبل عهدٍ فاشل منذ انطلاقته، عهدٌ أوكل للوزير-الصهر التلاعب بقضايا حساسة ومصيرية قد تُعيد توليد صراعات طائفية وعنصرية يجهد اللبنانيون المخلصون يومياً للخروج من أتونها والشفاء من جروحها الدامية، وبدل أن يُنصّب وزير الخارجية نفسه وزيراً لشؤون النازحين، كان أحرى به أن ينصرف إلى معالجة إشكالات تأليف الحكومة الجديدة المتعسّرة، بدل أن يُمعن في افتعال أزمات وهمية لا تحفظ نظاماً ولا تبني وطناً ولا تُحصّن كياناً.
إقرأ أيضًا: فخامة الرئيس..لا داعٍ لتشاؤم المواطنين طالما أنّ الرئاسات بخير
وقد يقول قائل : وما ينفع احتجاجُ المرعبي ومواعظ دريان وتغاريد وليد جنبلاط، ومعها انتقاداتكم لسلوك الوزير باسيل في ملف النازحين السوريين وغيرها، وجوابنا ما قاله أحد رجال الخوارج عندما قُدّم إلى الخليفة عبدالملك بن مروان لتُضرب عنقُه، ودخل على عبدالملك ابنٌ صغير له قد ضربهُ المعلم، وهو يبكي، فهمّ عبدالملك بالمعلم، فقال الخارجي: "دعهُ يبكي فإنّه أفتحُ لحلقه، وأصحُّ لبصره وأذهبُ لصوته" فقال له عبدالملك: أما يشغلُك ما أنت فيه عن هذا؟ قال: ما ينبغي للمرء أن يشغله عن قول الحقّ شيء، فأمر الخليفة بتخلية سبيله.
عسى أن يُخلى سبيل هذا الوطن المعذّب!