يؤلِّفون الحكومة... وأيَّ حكومة يؤلِّفون لدولة لبنان العظيم...؟ وأين همُ العظماء...؟
أنظروا الى الديمغرافيا السياسية... تفرَّسوا في الوجوه، تمعّنوا في السِيَرِ الذاتية واسألوهم: أين هم عظماء الحكومة لشعب لبنان العظيم...؟
ليس كلُّ قصير منهم نابوليون...
وليس كلُّ أصلع منهم شكسبير...
العظماء عندنا هاجروا ألمَـاً وخيبةَ أمل... تفوَّقـوا في دول الخارج وفيها تجنسّوا... والذين عندنا تجنسوا أضافوا تشويهاً الى عظمة لبنان العظيم...
والذين أفرزتهم التلاعبات المشبوهة بالدستور والقوانين الإنتخابية، من زعماء ومن نواب يمثِّلون الزعماء، ووزراء يختارهم الزعماء، كأنما هم مجنَّسون بالعظمة... فيما العظماء من لبنان بتهمة العظمة معتقلون، ومسؤولية الـذُلّ تحاصرهم في الظلّ.
كنا ننتظر بعد زمنٍ هابـط بالإنحدار، مثقلٍ بالمعاناة، أن ينقذنا قانون انتخابات إصلاحي، عصري، وحدوي متطور وطنياً، فإذا القانون الإنتخابي الأخير أسوأ من أسلافه وأخطر، يهبط بالوطنية الى المذهبية، ويقلّص هدف الإنصهار المجتمعي الى التقوقع والإنحسار، ولا يزال القابضون على الزمام هـمُ همُ، حكاماً يرزقون آباء وأبناء.
لقد تنبّه كمال جنبلاط يوماً الى هذا الإستنساخ السلطوي فطالب بأن يتقاعد النواب في الرابعة والستين من عمرهم لإفساح المجال أمام التغيير، ولعل تقاعُدَ وليد جنبلاط يأتي تنفيذاً لوصية والده.
يقول الفيلسوف اليوناني هيراكليس: «من المرهق والمؤلم أن تخدم أسياداً لا يتبدَّلون...
ما دمنا نعاني دوّامة الإِرهاق والألم في خدمة مَنْ نصّبوا أنفسهم أسياداً ولا يتبدلون، فلماذا لا نفّتش عن حـلّ يقينا التمرّغ في وحول الحلول الفاشلة.؟
فتشوا إذاً عن المرأة... هو الحلّ الذي لجأ إليه رئيس وزراء إسبانيا الأسبوع الفائت فاختار حكومته وغالبية أعضائها من النساء.
النساء في التاريخ كان مُلْكُ بعضهنّ أروع العهود الملكية، هذه: سمير أميس، وكاترين الثانية، وفكتوريا، وأمبراطوريات الصين، وشجرة الـدرّ التي تبوأت عرش مصر في عهد الأيوبيين.
وهذه سورة التوبة في القرآن تقول: «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض...»
إذا كان الحق الإرثي في التاريخ كان يجيز ارتقاء النساء الى العروش، وإذا كنتم لا تتخلّون عن الحق الإرثي في لبنان، فلتكن النساء إذاً بديلاً من أشباه الرجال.
وإذا كان الحق الإرثي في بريطانيا قد أنتج أشباه الرجال فصدر قانون باسم الشعب يبيح زواج الرجل بالرجل فقد تصبح المرأة إذ ذاك إمرأة ورجلاً في آن.
وفي إسبانيا عندما راح أبو عبدالله آخر ملوك العرب في الأندلس يذرف الدمع على التاج المضيَّع لتقول له أمُّـه: إبكِ مثل النساء ملْكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال، فقد يصبح من حق إسبانيا أن تلجأ الى حكومة من النساء.
ويصبح من حق لبنان أن يتشبه بإسبانيا على ما بينهما أيضاً من تقارب في الموسيقى الشعرية والموشحات الأندلسية التي انبثقت منها فنون الزجل عندهم وعندنا.
وحسْبُنا، بالـزجل الذي عندنا، وبلسان الموشحات التي عندهم أن نطلق الشكوى من هذا الواقع اللعين قائلين:
أيها الساقي إليكَ المشْـتُكى قـد دعـوناكَ وإنْ لم تسمعِ
عشِيَتْ عينايَ من طول البُكا وبكى بعضي على بعضي معي