الحريري التقى بن سلمان في موسكو وأشاد بدعمه المستمر
 

مع انطلاق «شهر المونديال» الذي ستنافِس خلاله المواجهات الكروية على «المستطيل الأخضر» التطورات في «ملاعب النار» في المنطقة، بدا الحدَث اللبناني موزَّعاً بين موسكو والرياض وجنيف وبيروت، وسط ترقُّب لما ستحمله عطلة عيد الفطر على صعيد تحديد اتجاهات الريح في الملفيْن الأكثر حماوة، تشكيل الحكومة الجديدة وعودة النازحين السوريين الى بلدهم.
ففي العاصمة الروسية حيث شارك الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في افتتاح مونديال 2018 الى جانب عدد من قادة الدول ورؤساء الوزراء، التقى زعيم «تيار المستقبل» أمس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أن يغادرا في أعقاب انتهاء مباراة روسيا /‏‏‏ السعودية إلى المملكة حيث يرجّح أن يشارك الحريري في صلاة عيد الفطر إلى جانب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. 
وجاء لقاء الحريري - بن سلمان غداة استقبال بوتين الرئيس المكلف، وسط انطباعٍ بأن هذين الاجتماعيْن أتاحا لزعيم «المستقبل» تكوين صورة واضحة عن مآل الوضع في المنطقة ولا سيما آفاق الأزمة السورية والتطورات المتسارعة في اليمن، وفي الوقت نفسه عرْض مسار الواقع اللبناني الذي تختزله هذه الأيام المساعي لتأليف الحكومة الجديدة بما يراعي مقتضيات حفْظ الاستقرار في البلاد والنهوض بها وتفادي إعطاء أيّ إشاراتٍ «نافرة» حيال اختلال الموقع الإقليمي للبنان.
وفي أعقاب اللقاء مع بوتين وعشية الاجتماع مع ولي العهد السعودي، أشاد الحريري بسياسات الأمير محمد بن سلمان «الهادفة للتصدي للمخططات الخبيثة ضد المملكة والعالم العربي وبالخطط المستقبلية الطموحة في المجالات الاقتصادية والتنموية»، مشيراً إلى أنّ «اللبنانيين ينظرون بعين الارتياح لاستمرار السعودية بالوقوف إلى جانب لبنان في كل الظروف، وحرص سموّ ولي العهد على تقديم كل عوامل الدعم للحفاظ على أمن لبنان واستقراره والنهوض باقتصاده». 
وقال الرئيس المكلف بمناسبة مرور عام على تولي محمد بن سلمان ولاية العهد: «إن السياسات الحكيمة والحازمة التي اعتمدها لمواجهة المحاولات الهادفة لتفتيت الدول العربية واستهداف أمنها واستقرارها، نجحت بفاعلية في إفشال هذه المحاولات وأكدت الدور الريادي للمملكة...». 
وفيما كان الرئيس المكلف، الذي تلقى برقية تهنئة بعيد الفطر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يعطي إشارة اطمئنان الى ان مسار تأليف الحكومة ما زال «في أمان»، بدا في بيروت وكأنّ «حزب الله» وحليفه رئيس البرلمان نبيه بري انتقلا الى التعبير الصريح عن الامتعاض مما تعتبره أوساط قريبة منهما تباطؤاً مقصوداً في استيلاد الحكومة بانتظار تطوراتٍ إقليمية يمكن أن تصبّ في خانة عدم صرْف نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة على مستوى الملف الحكومي، ولا سيما في ضوء «التباهي» الإيراني بأن «حزب الله» حقق «نصراً» في هذه الانتخابات وفاز بالأكثرية فيها. 
ولم يكن عادياً ما قاله بري من أن «محرّكات الحكومة ليست معطلة، بل معطلة ونصّ. ومنذ أسبوع لم يطرأ أي تقدّم. ونحن على أبواب العيد»، محذّراً من أنه «اذا انقضى الاسبوع الاول بعد العطلة بلا حكومة، فلن يجدوني هنا، وسأكون في إجازة في الخارج»، وهو الأمر الذي عَكَس استعجال الثنائي الشيعي ولادة الحكومة لترجمة نتائج الانتخابات وتوازناتها واستباق موجات ضغوط خارجية إضافية على «حزب الله» من ضمن المواجهة الأميركية - الخليجية المفتوحة مع إيران ونفوذها في المنطقة.
وفي حين يفترض أن تشهد عطلة العيد المزيد من مشاورات الكواليس في محاولة لتذليل العقد ذات الصلة بحصص كتلة «القوات اللبنانية» و«اللقاء الديموقراطي» (الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) والنواب السنّة خارج كتلة الحريري، برز أمس تحرك وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي (من حصة «القوات») في اتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم وزير الثقافة غطاس خوري (من فريق الحريري) في سياقٍ بدا من الصعب فصْله عن الملف الحكومي، ولاسيما في ضوء الثقل الذي بات يشكّله التوتر التصاعدي بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» (حزب عون) على مسار التأليف.
وفي موازاة ذلك، بقي ملفّ النازحين السوريين في صدارة الاهتمام في ظلّ محاولة الرئيس الحريري احتواء اندفاعة وزير الخارجية جبران باسيل في وجه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي يتّهمها بتخويف النازحين السوريين من العودة وعرْقلتها، وهي الاندفاعة التي تخفي وراءها عمليةَ دفْعٍ لقضية «العودة» لجعْلها على رأس أجنْدة عمل الحكومة المقبلة وبخلفياتٍ اقليمية.
وفيما حمل باسيل أمس ما وصفه بـ «النزاع» مع المجتمع الدولي حيال ملف النازحين الى جنيف حيث التقى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا والمفوض العام للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين فيليب غراندي، كان الرئيس عون يستقبل سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان ويبحث معهم في قضية النزوح، مؤكداً «ان عودة النازحين باتت ممكنة على مراحل الى المناطق التي صارت آمنة ومستقرة في سورية وهي تتجاوز بمساحتها خمس مرات مساحة لبنان، وغالبية النازحين يقيمون في هذه المناطق»، مشدداً على «ان لبنان حريص على المحافظة على علاقاته المتينة مع الأمم المتحدة والدول الصديقة خصوصا مع الدول التي تساعده والتي هي دائماً موضع شكر وتقدير وليست موضع شك لا بالدول ولا بالأشخاص».
بدورها، أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل على الطبيعة الموقتة لوجود النازحين في لبنان «واتفقنا على وجود حاجة لدفع الشراكة بين لبنان وشركائه الدوليين بطريقة بنّاءة ومثمرة للتعامل مع هذا الملف».