كما فعلت الامطار الطوفانية في شوارع وبساتين وبيوت بلدتي رأس بعلبك والقاع، فعلت السيول السياسية المطلبية في مساعي تشكيل الحكومة الحريرية، بحيث جرفت بطريقها كل الاحتمالات التي توقعتها قبل عيد الفطر، ثم بعده بقليل لتصل بعد تطورات الساعات الاخيرة الى نهاية يونيو، وربما الى نهاية الصيف في اسوأ الاحوال.
وأبعد من ذلك، يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري ان محركات التشكيل معطلة بالكامل، فالعقد على حالها، من مسيحية ودرزية وسنية، والاتصالات التي حصلت لم تنجح في حلحلتها، فالقوات اللبنانية على موقفها، وهي تؤكد انه لا احد قادر على احراجها فإخراجها من الحكومة.
وقال رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع ردا على الوزير جبران باسيل: اذا اردت ان تعرف ماذا في خلفية هجوم الوزير باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، على القوات اللبنانية، فابحث عن صفقة بواخر توليد الطاقة التركية والتي تواجهها القوات بصلابة.
من جهته، نفى الرئيس نبيه بري علمه بصيغ ومسودات طرحت على خط تأليف الحكومة، مضيفا: ما عندي خبر، لقد سبق وقلت انني اريد تشكيل الحكومة امس قبل اليوم، وتوافقنا في اللقاء الرئاسي في بعبدا على ان تولد الحكومة في اقرب وقت، وعلى ضرورة ان تقوم كل القوى السياسية بتسهيل هذه الولادة لكنني اليوم، وفي ظل الغموض الموجود، لا ارى ما يشجع على قرب ولادتها، ولا ارى امامي شغلا على قاعدة التأليف.
في غضون ذلك، يعتقد البعض ان زيارة الرئيس سعد الحريري الى موسكو واستقبال رئيس الدولة الذي خصه به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اجلسه الى يمينه واتاح له الادلاء بالتصريح الرسمي بحضوره فضلا عن الخلوة المطولة التي عقدها معه، كل هذا يجب ان يقوي اندفاعة الحريري الحكومية، لكن يبدو ان المعطيات المحلية اشد تعقيدا بعد تغلب النكهة الطائفية المحبوكة بالمصالح النفعية والشخصية على ما عداهما من مفاهيم واعتبارات وطنية.
ومن الامور التي تحدث الحريري عن بحثها مع الرئيس بوتين القانون السوري رقم 10 الذي يجيز مصادرة املاك النازحين الذين لم يثبتوا ملكيتهم لها، وعودة النازحين من لبنان، وحفظ حقوقهم في بلدهم.
عن الحكومة، قال: لست خائفا من التأخير في تشكيل الحكومة، لكن كما تعلمون رمضان جزء من هذه الحالة، وليس علينا ان نحكم بالحصص بل بالانتاجية.
بوتين الذي هنأ الحريري بإعادة تكليفه قال ان علينا ان نستمر في نهج تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، خصوصا ان هناك نقصا في هذا المجال، كما علينا تكثيف اجتماعات اللجنة الحكومية المشتركة، فهناك شركات روسية تعمل بنشاط وهناك اعمال مكثفة في مجالات اخرى.
ومن موسكو، توجه الحريري بالتهاني الى اللبنانيين عموما والعرب والمسلمين خصوصا بحلول عيد الفطر واعتذر عن عدم استقبال المهنئين بالعيد لوجوده خارج لبنان.
وعلمت «الأنباء» ان الرئيس الحريري كلف رئيس الحكومة السابق تمام سلام تمثيله بمراسم العيد وضمنها الانتقال بسيارة رئاسة الحكومة الى منزل مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان واصطحابه بموكب رسمي الى مسجد محمد الأمين لاداء صلاة العيد.
ملف النازحين كان محل بحث بين وزير الخارجية جبران باسيل في جنيف مع المفوض العام للاجئين فيليب غرانديز من زاوية النزاع الحاصل بين وزارة الخارجية اللبنانية والمفوضية العليا بخصوص النازحين السوريين في لبنان، حول ضرورة تشجيعهم على العودة الى سورية، بدل تخويفهم كما يقول باسيل، طالما انها تتم بصورة طوعية، بغض النظر عن الضمانات الامنية من الجانب السوري التي تطالب بها الامم المتحدة وفريق من اللبنانيين.
اوساط الرئيس الحريري اكدت انه من حيث المبدأ لا خلاف مع باسيل حول ضرورة عودة النازحين الى بلادهم، لكن الخلاف على الطريقة لا على المبدأ ومن زاوية انسانية.
وتقول مصادر ان الحريري بدا وكأنه يريد ان يقول «الامر لي»، مؤكدا ان لبنان شريك للامم المتحدة في ملف النزوح والعودة وليست خصما. اما عن قرار باسيل تجميد منح الاقامة لموظفي المفوضية، فقد اوضحت المصادر ان قرار باسيل غير قابل للتنفيذ لأن هؤلاء غير ملزمين بالحصول على الاقامة، وان هذا الامر ارتبط بقرار صدر من وزير الخارجية الاسبق فؤاد بطرس، لكن تنفيذ اي قرار ضد اي من هؤلاء بالاعتقال او الابعاد، فهل يعتقد باسيل ان الاجهزة الامنية ستنفذ اوامره؟
في موضوع مرسوم التجنيس، اعلن الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط امس تقديمه طعنا بالمرسوم امام مجلس شورى الدولة التزاما بموقفه من هذا «المرسوم الفضيحة»، واستغرب الحزب سعي المسؤولين عن هذا الملف الى لفلفته على الطريقة اللبنانية المعروفة، بما يؤكد مخاوف الحزب من صفقات تعتريه، وسأل: هل هذا المستوى من الناس الذين يشرفون الجنسية اللبنانية؟ وهل ينقص لبنان المزيد من الفساد ليستورد ابطال الصفقات المشبوهة؟