على مدى ساعة من الوقت، أعقبت خلوة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المكلف سعد الحريري في الكرملين، اجتمع الزعيمان حول مشاورات سادتها ايجابية لافتة، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، تنقلت من العلاقات الثنائية التي طالبت موسكو بتعزيزها لا سيما "تجاريا"، الى الملف السوري وصولا الى قضية النازحين السوريين وسبل معالجتها. الا انها عرضت ايضا، وفق المصادر، لمسألة مرتبطة بأزمة اللجوء، هي ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا.

وفي السياق، تكشف المصادر ان الرئيس الروسي، وفي ظل المساعي لتسوية النزاع المسلح في سوريا، طالب ضيفه اللبناني بضرورة اطلاق ورشة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ووضعها في عهدة الجيش اللبناني فقط لا غير، على ان يضطلع بمهمة ضبطها بإحكام ووقف عمليات التسلل العسكري والتهريب، من والى سوريا.

المصادر تعتبر أن مطلب بوتين ليس مفاجئا، فهو يأتي وسط اتفاق اميركي – روسي على إحياء مناطق خفض التصعيد في سوريا، نصّ في شكل خاص على ضرورة سحب القوات الايرانية وتلك الموالية لها من سوريا. وقد شكّل توجُّه الشرطة الروسية الى القصير، حيث ينتشر عناصر حزب الله، لمطالبته بالانسحاب من المنطقة، ترجمة واضحة لهذا "التفاهم" الدولي. ما يعني، بحسب المصادر، ان مناشدة موسكو بيروت إحكامَ السيطرة على حدودها مع سوريا، يصب في الخانة نفسها: قطع الطريق على ذهاب واياب مقاتلي الحزب الى سوريا.

الجدير ذكره ايضا، ان مطلب بوتين يأتي غداة احياء الاميركيين طرحا لـ"الترسيم" أيضا، وقد حمله عضو الكونغرس الأميركي من أصل لبناني داريل عيسى، الى المسؤولين اللبنانيين في زيارته الاخيرة، وينص على ترسيم شامل للحدود البحرية والبرية بما فيها مزارع شبعا.

واذ توضح ان هذا الملف طُرح من باب إلزاميته لتسهيل التسوية السورية المنتظرة، تلفت المصادر الى ان عودة النازحين بحثت في السياق عينه. فاستتباب الامن في سوريا ضروري لتحقيق العودة. وفي وقت طلب الرئيس الحريري من بوتين الاستفسار من الرئيس السوري بشار الاسد حول القانون رقم 10 وخلفياته وأبعاده، خصوصا ان الخشية كبيرة من ان يحرم مئات الاف النازحين من املاكهم وارزاقهم في سوريا، بما يشجعهم على البقاء في لبنان، أعرب بوتين، وفق المصادر، عن حرص بلاده على عودة النازحين الطوعية والامنة، مؤكدا ان لا حل لهؤلاء الا بعودتهم الى ديارهم خصوصا وان لبنان لا يمكنه ان يتحمل اعباء النزوح. وأشار "القيصر" الى ان "هناك اليوم مناطق امنة يمكن للنازحين العودة اليها، مشددا في الوقت عينه على وجوب ضمان سلامتهم، اذ يتخوف كثيرون منهم من التعقب والاستدعاء للتحقيق وسوء المعاملة والسجن والدعوة الى الخدمة العسكرية. وعليه، لفت بوتين الى ان موسكو ترى ان المنظمات الدولية لا بد ان تواكب هذه العودة.

وليس بعيدا، طالب الرئيس الحريري بوتين بالتدخل لدى النظام السوري لتسهيل عودة النازحين. فالاخير يبدو يعدّ لترانسفير ديموغرافي، حيث بدأ نقل السنة الى الشمال والشيعة الى الجنوب، وهو ما يرفضه اللاجئون الذي يريدون العودة الى قراهم. وفيما غالبية من هربوا الى لبنان أصلهم من منطقة القلمون الخاضعة للنفوذ الايراني اليوم، بما يعوق عودتهم اليها، تقول المصادر ان الرئيس الحريري ناشد الجانب الروسي مواصلة اتصالاته مع حلفائه في دمشق وطهران، للخروج من هذه المنطقة بما يسهّل رجوعها الى سكانها الاصليين. ولم يكن بوتين بعيدا من هذا التوجّه، بدليل ما حصل في القصير، تختم المصادر.