تصاعدت الاحتجاجات الفلسطينية على استحداث الجيش اللبناني بوابات إلكترونية على مداخل مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع في منطقة صيدا جنوب البلاد. فبعد أن كانت التحركات رسمية ومحصورة باجتماعات بين القيادات الفلسطينية ومسؤولين سياسيين وأمنيين لبنانيين، تحولت مؤخرا إلى تحركات شعبية مع خروج العشرات من اللاجئين في مسيرات «رفضا لوضع بوابات إلكترونية على مداخل المخيم، وللإجراءات المشددة التي تتخذ لتفتيش المارة والسيارات الداخلة إليه والخارجة منه».
وأوضحت مصادر عسكرية لبنانية أن «البوابات الإلكترونية جزء من خطة أمنية موضوعة مسبقا تشمل أيضا الجدار الإسمنتي الذي تم بناؤه حول المخيم»، لافتة إلى أن الهدف الأساسي من كل هذه الإجراءات «ضمان أمن اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين على حد سواء». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «آخر ما يريده الجيش هو إهانة اللاجئين على الحواجز وعلى البوابات، فكرامة اللاجئين الفلسطينيين من كرامة الشعب اللبناني». وأشارت المصادر إلى أنه «ونظرا لوجود عدد كبير من المطلوبين داخل (عين الحلوة) توجب تنفيذ هذه الخطة وهذه الإجراءات للتصدي لأي تحرك لخلايا نائمة داخل المخيم ومنعا لتمدد أي خطر إلى الداخل اللبناني».
ويقتصر وجود عناصر الجيش اللبناني على مداخل «عين الحلوة»، بحيث تتولى عناصر فلسطينية تابعة لقوة مشتركة تتمثل فيها كل الفصائل الأمن داخل المخيم الذي لطالما شهد في السنوات الماضية أحداثا أمنية نظرا للجوء عشرات الإرهابيين إليه. وقد فر كثير من هؤلاء نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي منه إلى سوريا، بحيث يُقدر وجود نحو مائتي مطلوب في المخيم بينهم 35 خطرون.
ويشهد «عين الحلوة» منذ فترة هدوءا ملحوظا، جعل القيادات الفلسطينية كما اللاجئين يستغربون الإجراءات الأمنية الجديدة. وأشار القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح، إلى أنه «تم التمني على قيادة الجيش اللبناني إعادة النظر بموضوع البوابات الإلكترونية، نظرا لأن هذا الإجراء لم يلق استحسانا لدى سكان المخيم باعتباره أعاق تحركاتهم وعطّل أعمالهم وتسبب في زحمة، نظرا للوقت الذي يستلزمه تفتيش كل لاجئ يدخل أو يخرج من المخيم». وأكد المقدح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الأمني داخل المخيم «ممتاز... ولا يشكل أي خطر على الجوار، كما أن هناك تواصلا وتنسيقا يوميا مع الجيش اللبناني لضمان بقاء الوضع على ما هو عليه».
وأوضحت مصادر ميدانية داخل المخيم أن العمل بالبوابات الإلكترونية انطلق قبل نحو 15 يوما بعد الانتهاء من بناء الجدار الإسمنتي الذي تعلوه أبراج مراقبة، لافتة إلى أنه ومنذ ذاك الحين، «تشهد المداخل زحمة؛ مما يثير استياء اللاجئين، خصوصا أن عناصر الجيش يضطرون لتفتيش أي شخص تشير البوابة إلى أنه يحمل معدنا، مما قد يكون عبارة في معظم الأحيان عن حزامه أو قطعة نقدية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الأهالي يعدّون ما يحصل من تضييق عليهم إهانة لكرامتهم وإعاقة لتحركاتهم، ولذلك يطالبون بإزالة هذه البوابات».
وقد انضمت مرجعيات لبنانية للمطالبة بإعادة النظر بهذه البوابات. فشدد مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، بعد اجتماعه بوفد من القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية في منطقة صيدا، على وجوب «الاتفاق على صيغة مشتركة تحقق من ناحية كرامة المواطن الفلسطيني واستقراره وأمنه، وتحقق من ناحية ثانية قيام الأمن اللبناني بواجباته»، متمنيا على قيادة الجيش «إعادة النظر في هذا التدبير»، مؤكدا «الوقوف مع الشعب الفلسطيني في حقه وكرامته وإنسانيته ومعيشته حتى يعود إلى أرضه ووطنه فلسطين».
هذا؛ وفي إطار سعي القيادات الفلسطينية لتحسين ظروف عيش اللاجئين في لبنان، قدّم وفد من «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» برئاسة عضو المكتب السياسي علي فيصل، مذكرة إلى رئيس الحكومة السابق والنائب الحالي تمام سلام، «تتضمن مطالب فلسطينية خاصة بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها حق العمل للفلسطينيين في كل المهن، وحق التملك إلى حين العودة، واستكمال إعمار مخيم نهر البارد، ومعالجة أوضاع المخيمات الاجتماعية والبيئية والصحية، ورفع المضايقات عنها، لتوفير المناخ لحوار فلسطيني - لبناني رسمي ينظم العلاقات على أساس ثوابت اجتماعية وقانونية وأمنية واضحة توفر المناخ لخطة نضال مشتركة لدعم اللاجئين لانتزاع حق عودتهم والقضاء على أي مخططات توطينية أو تهجيرية».