في أول تعليق لها منذ اتخاذ وزير الخارجية جبران باسيل قرارا بإيقاف طلبات تجديد إقامات عامليها الأجانب، دعت مفوضية شؤون اللاجئين لبنان إلى إعادة النظر بالقرار، فيما أكدت «الخارجية» الاستمرار بالإجراءات إلى أن تبدّل المنظمة سياستها التي تصفها بغير المشجعة لعودة النازحين.
وأكدت المفوضية في بيان صدر عنها أمس من جنيف على «أهمية العمل الوثيق مع لبنان من أجل التوصل إلى حلول آمنة ولائقة ومستدامة لأزمة النزوح»، داعية إلى «إعادة النظر سريعاً بقرار وزير الخارجية».
وشدّدت على أنها «تحترم حقوق اللاجئين في كل البلدان لا سيما حقهم في اتخاذ القرار بشكل حر في شأن العودة إلى ديارهم، وفي موازاة ذلك نحن لا يمكننا أن نعمل على عدم تشجيعهم على العودة التي هي في الأساس مبنية على قرارات فردية حرة وواعية».
وإذ أعربت عن قلقها من قرار الوزير باسيل الذي قضى بتجميد إصدار إقامات لأفراد المنظمة، أشارت إلى أن «القرار يؤثر بشكل مباشر على طاقم العمل وعائلاتهم وعلى مقدرة المفوضية على العمل من أجل تأمين الحماية والحلول في لبنان بشكل فاعل»، مضيفة، أن «عملها يهدف إلى دعم الحكومة اللبنانية والمجتمعات المضيفة في إدارة التحدي الهائل الذي يواجهه لبنان في إيواء نحو مليون نازح سوري»، مشددة على «الاستمرار في جهودها مع أسرة الأمم المتحدة والدولية من أجل التوصل إلى حلول خارج لبنان للاجئين».
وأكد هادي الهاشم، مدير مكتب وزير الخارجية أن الإجراءات ستبقى مستمرة إلى حين قيام المفوضية بخطوات عملية لتحقيق عودة النازحين رافضا محاولة إبقاء اللاجئين في لبنان مقابل المساعدات الدولية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أهم الخطوات التي يمكن للمفوضية القيام بها، وهي «عدم تخويف اللاجئين من الرجوع إلى بلدهم والجلوس مع السلطات اللبنانية للبحث في الخطة المطلوبة للعودة». مع العلم أن الخارجية وفي رسالة لها للمفوضية كانت قد منحت الأخيرة أسبوعين لوضع خطة لعودة النازحين. وأكد الهاشم أن «الهدف من الإجراءات التي يقوم بها باسيل ليس المواجهة مع الأمم المتحدة أو أي طرف، لكن لا يمكن أن نقبل بأي عمل يتناقض مع مصلحة لبنان، وقرار إيقاف طلبات الإقامة ليس إلا تحذيرا وإشهارا للبطاقة الصفراء بوجه المفوضية لتغيير سياستها». وشدد على أن ظروف عودة اللاجئين أصبحت مؤمنة في الكثير من المناطق، موضحا «قادرون على إيجاد الحلول التي تحفظ عودتهم الكريمة والآمنة».
وعن سبب مضي وزير الخارجية بقراره رغم رفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وما أكده مستشاره نديم المنلا أنه طلب من باسيل التراجع عنه معتبرا إياه أحاديا ولا يمثل سياسة الحكومة، قال هادي: «الإجراءات التي قام بها الوزير باسيل هي ضمن صلاحياته، وحتى في مرحلة تصريف الأعمال يمكن اتخاذ قرارات في حالة الضرورة»، ولفت إلى أن قرار إيقاف طلب الإقامة شمل لغاية الآن شخصين أجنبيين في المفوضية في منصب رئيس قسم، كانا قد تقدما بطلب الإقامة.
ومن المتوقع أن تكون أولى عمليات العودة المقبلة تلك التي يحضّر لتنفيذها من عرسال حيث سجّل 3600 شخص أسماءهم لمغادرة لبنان إلى القلمون، وهو ما أكد عليه الهاشم، معتبرا أن نجاح هذه العملية من شأنه أن يمهّد لعمليات أخرى مماثلة، بحيث يشكل حافزا وعاملا مشجعا للاجئين لاتخاذ قرار الرجوع إلى سوريا.
وفي ظل معارضة بعض الأطراف لسياسة باسيل ورفضها التطبيع مع النظام السوري، والتي كان على رأسها حزبا «الكتائب» و«القوات»، برز موقف رئيس «القوات» سمير جعجع الذي قال أمس إن عودة اللاجئين ليست نوعا من التطبيع مع النظام ورئيسه بشار الأسد، بينما أعلن «حزب الكتائب» عن عدم ممانعته التواصل مع النظام لتنسيق هذه العودة، وهو ما عبّر عنه النائب نديم الجميل وأوضحه النائب إلياس حنكش. وقال حنكش لـ«الشرق الأوسط»: «الكتائب لم يغيّر في موقفه لكن الدعوة للتنسيق مع النظام تأتي انطلاقا من الواقع القائم الذي لا يخلو من التواصل السياسي والأمني والدبلوماسي مع الحكومة السورية». وذكّر بمطلب الكتائب القديم الذي دعا إليه رئيس الحزب النائب سامي الجميل سابقا، وهو أن يكون التفاوض مع النظام برعاية حليفته روسيا، وأضاف: «طلبنا منذ بداية الأزمة السورية إقامة مخيمات للاجئين عند الحدود لكن قوبلنا بالرفض بحجة الخوف من تكرار السيناريو الفلسطيني، وإذ بنا نصل إلى هذه النتيجة اليوم». وكان الجميل كتب على حسابه على «تويتر»: «العودة السريعة للاجئين السوريين إلى بلادهم ضرورة وطنية قد تقتضي التنسيق المباشر مع حكومة النظام في سوريا».
من جهته، شدّد جعجع أنه لا تنازل عن ضرورة عودة هؤلاء لبلادهم، وقال لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لبنان تحمل إقامة أكثر من مليون لاجئ سوري لسبع سنوات ولا يمكننا المضي لأكثر من هذا لا الخزينة تتحمل ولا الوضع الاجتماعي ولا المساحة أو الموارد»، وسأل هل المطلوب سقوط لبنان حتى يستشعر الجميع الخطر عليها جراء وجود هذا الكم الكبير من اللاجئين على أراضيها؟
وأضاف: «هؤلاء عليهم العودة خاصة أن كثيرا من المناطق في سوريا صارت آمنة أو على الأقل لم تعد بها عمليات عسكرية»، مشيرا إلى أن «عودة اللاجئين قد تكون نقطة التوافق بيننا وبين التيار الحر وإنْ كنا نؤكد على ضرورة التصرف بحكمة وبشكل يحقق الهدف».
ورفض جعجع اعتبار عودة اللاجئين نوعا من التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد واعترافا بانتصاره. وقال: «العودة ليست تطبيعا ولا اعترافا بل على العكس، أي تنسيق مع النظام سيعيق عودة هؤلاء اللاجئين الذين هربوا من جحيم نظامه بالدرجة الأولى، عودتهم ليست بحاجة لتنسيق ولا تطبيع مع أحد، إنما هي بحاجة لقرار سيادي لبناني والتنسيق مع اللاجئين أنفسهم والمرجعيات الدولية المعنية بعودتهم».