تنتظر ورشة تأليف الحكومة الجديدة، نتائج الاتصالات الفاصلة عن مرحلة ما بعد عيد الفطر، والمخصصة لتذليل العقبات التي تعترض التصوّر الذي وضعه الرئيس المكلف سعد الحريري لدى الرئيس ميشال عون، في ما خصَّ حصص الكتل الكبرى وحتى الصغرى.
ومع مغادرة الرئيس الحريري مساء أمس إلى موسكو، حيث يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين عند الرابعة من بعد ظهر اليوم في الكرملين، ويشارك غداً في افتتاح المونديال إلى جانب عدد من رؤساء الدول والحكومات، قبل ان ينتقل إلى المملكة العربية السعودية.. تكون البلاد دخلت عطلة عيد الفطر السعيد، الذي دعا دار الفتوى والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى إلى التماس هلاله مساء غد الخميس.. إلى حين عودته إلى بيروت بعد الثلاثاء المقبل.
وعليه، لم تطرأ أي تحركات أو لقاءات جديدة حول تشكيل الحكومة، لكن مصادر مطلعة على الاتصالات قالت لـ«اللواء» ان الاتفاق تم بين الرئيس نبيه بري والرئيس المكلف و«حزب الله» على حصة الثنائي الشيعي من الحقائب، وان لا مشكلة في هذا الجانب. ولكن بقية العقد لم تجد لها حلا حتى الآن.
واوضحت المصادر ان موضوع الوزير السني من خارج «تيار المستقبل» محلول ايضا تقريبا والاتجاه هو ان يكون من حصة رئيس الجمهورية وهو ما أعلنه الحريري نفسه بسبب رفضه الحريري توزير شخصية من السنة المستقلين من حلفاء «حزب الله»، ما لم يصرّ الفريق الاخر على ذلك او على توزير شخصية مسيحية من الحلفاء.
واستبعدت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان تكون ولادة الحكومة وشيكة، أي بعد عطلة العيد مباشرة، مشيرة إلى ان التصور الأوّلي وغير النهائي الذي اودعه الرئيس المكلف، رئيس الجمهورية قبل سفره لتوزيع الحصص الحكومية على الكتل النيابية الكبيرة، لا يعني ان الأمور تحلحلت، بل ما زالت بحاجة إلى الكثير من البحث والنقاش في ضوء استمرار العقدتين المسيحية والدرزية على حالهما، لأن «القوات اللبنانية» لم تقبل بأن تكون حصتها في الحكومة ثلاثة وزراء، مع وزير رابع يكون مشتركاً بينها وبين حزب الكتائب، وتصر على ان يكون لها 5 وزراء من بينهم منصب نائب رئيس الحكومة، وهو ما يرفضه «التيار الوطني الحر» الذي يفضل ان يكون هذا المنصب من حصته، فيما العقدة الدرزية ما زالت على حالها بالنسبة إلى رفض «اللقاء الديموقراطي» ان يحسب النائب طلال أرسلان من الحصة الدرزية، وهذا الموقف ما زال ساري المفعول بانتظار عودة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي انتقل من السعودية إلى شمال أوروبا (النروج)، بحسب ما كشف في تغريده له عبر «تويتر»، من «اجل تمضية بعضاً من الوقت الضائع بعيدا عن الخلطة الوزارية».
وعليه، استبعدت المصادر ان تتبلور الصورة النهائية لتصور تركيب الحكومة قبل الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، لافتة النظر إلى ان فكفكة العقد الموجودة أمر غير سهل، وهي مرتبطة مباشرة بموعد ولادة الحكومة والتي تعتبرها المصادر بأنها هي الأساس في عملية التأليف، لأنه في حال تمّ التوافق والتفاهم على حصص القوى السياسية التي يجب أن تتمثل، بالنسبة إلى العدد والحقائب، يكون الرئيس المكلف قد تخطي المرحلة الأكثر صعوبة، ويكون عندها امام ولادة وشيكة للحكومة، خصوصا وان لا مشكلة بعد ذلك بالنسبة إلى الأسماء التي ربما أصبحت معروفة بشكل اولي لدىكل فريق سياسي، وان كان هذا الأمر لايعني ان كل الأسماء المتداولة هي صحيحة.
وكشف نائب من كتلة الثنائي الشيعي لـ «اللواء» عن مشروع حل للعقدة الدرزية، تقضي بتوزير ارثوذكسي هو النائب السابق مروان أبو فاضل من الحزب الديموقراطي اللبناني الذي يرأسه النائب أرسلان، ولكن من حصة رئيس الجمهورية، ويعهد إليه في الوقت نفسه بمنصب نائب رئيس الحكومة.
اما رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، فأمل ان تكون هناك سرعة أكثر في تشكيل الحكومة، لافتا إلى ان أي مشادات من هذا النوع لا تعطي أية نتيجة.
وقال بعد الاجتماع الأسبوعي «لتكتل «لبنان القوي» ان الحكومة تتألف بعد انتخابات نيابية حيث ظهرت الاحجام والوقائع السياسية، والممكن وغير الممكن واضح جداً من دون ان يقوم أي طرف بتكبير أو تصغير حجمه ليشارك في الحكومة بالقدر الذي أراد فيه النّاس ان يُشارك.
إلى ذلك، أفادت أوساط سياسية مطلعة لوكالة الأنباء «المركزية» ان المسؤولين السعوديين الذين التقاهم جنبلاط ونجله النائب تيمور والنائب وائل أبو فاعور، اغتنموا فرصة زيارة الوفد الاشتراكي للمملكة، لتأكيد تمسكهم بضرورة تأليف الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن، مشددين على ان الرياض لا تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، غير ان هذا لا ينفي بحسب الأوساط الأهمية التي تعلقها المملكة على صون الاستقرار في لبنان، بدليل انها أكدت امام جنبلاط  والوفد المرافق استعدادها لتقديم المساعدات وتنفيذ المشاريع التي من شأنها انعاش الاقتصاد اللبناني، على ان يكون أول الغيث توافد السيّاح السعوديين إلى بيروت خلال فصل الصيف.
تصريحات سليماني
في هذا الوقت، طرأ تطوران في ما يتصل بردود الفعل على تصريحات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
الأوّل من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، حمل ما يشبه النفي الضمني لقول سليماني بأن «حزب الله» يمتلك في البرلمان اللبناني 74 نائباً من أصل 128 مقعداً، حيث أكّد انه «لم يعد هناك من فريق في المجلس النيابي يستطيع ان يمتلك الأكثرية الدائمة، والتي أصبحت متجولة».
وجاء هذا الرد على سليماني، ولو كان بصورة غير مباشرة، ليؤكد المعلومات التي اشارت إليها «اللواء» أمس، من ان تصريحات المسؤول الإيراني، فاجأت «حزب الله» وخلقت لديه ارباكاً، لأنه لم يحدث مرّة ان تناول تحالفاته بهذه الصورة المباشرة والتي لا تخلو من فجاجة.
فالثاني حرص رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل بعد اجتماع «تكتل لبنان القوي» على ان يرد على سليماني من دون ان يُشير إليه بالاسم، أو إلى تصريحاته بصورة مباشر، حيث أكّد ان «تكتل لبنان القوي» هو تكتل مستقل وصل إلى المجلس النيابي بقوته الذاتية وتأييد النّاس له، وليس تابعاً لأحد، ولا أحد يتبعه، في إشارة واضحة إلى انه ليس تابعاً لـ«حزب الله».
اما عضو التكتل النائب شامل روكز فأعتبر ان التكتل غير معني بكلام سليماني ولا نعرف ما هي حساباته، ولكن يبدو انه مهتم جدا بالتفاصيل اللبنانية على رغم الاستحقاقات الإقليمية التي تخوضها بلاده. لافتا إلى ان الساحة السياسية منشغلة بتشكيل الحكومة وملف النازحين أكثر من تصريحات سليماني.
إلى ذلك، استبعدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان تكون لتصريحات سليماني تأثيرات سلبية على ملف تأليف الحكومة، معتبرة ان ما قاله الجنرال الإيراني دليل على محاولة إيرانية لتغطية فشلها في العراق وفي سوريا، وهو ما أشار إليه الرئيس الحريري الذي ردّ عليه بشكل واضح من القصر الجمهوري، عندما اعتبر ان هذه التصريحات كانت للتعويض على خسارة إيران للانتخابات في العراق.
وأكدت هذه المصادر ان ما قاله سليماني غير مقبول لبنانياً ولا عربياً ولا دولياً، لأن الجميع بمن فيهم «حزب الله» يعتبر ان الأولوية اليوم هي لتشكيل الحكومة من أجل إنقاذ البلد سياسياً واقتصادياً، لأننا جميعاً في النهاية في مركب واحد علينا المحافظة على سلامته.
وفي السياق، نفى عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمّد آل زلفة في تصريحات نقلتها له وكالة «سبوتنيك» الروسية ما قاله سليماني من ان المملكة العربية السعودية انفقت نحو 200 مليون دولار من أجل توجيه الانتخابات في لبنان، مؤكدا ان هذا الكلام غير صحيح ومجرد شائعات يستخدمها الإيرانيون لعلها تجد صدى لدى البسطاء ممن يصدقون هذه الأمور. ومؤكدا في شكل قاطع ان السعودية لا تقدم المال لتوجيه أحد، رغم ان لبنان له اهمية في الوسط العربي.
ورأى آل زلفة ان «حزب الله» لم يحصد أي مقاعد ذات قيمة في الانتخابات اللبنانية، فما حصل عليه لا يعد شيئاً، إلا إذا أضيفت إليه مقاعد الحلفاء، لذلك لا يُمكن القول بأنه حصد أو حقق فوزاً كبيراً، فحلفاؤه هم أصحاب القوة الحقيقية.
أزمة مفوضية اللاجئين
وفي ما يتصل بأزمة مفوضية اللاجئين مع وزارة الخارجية حول طريقة التعاطي مع ملف عودة النازحين السوريين، فقد كان لافتا للانتباه دخول الرئيس الحريري شخصيا على خط المعالجة الديبلوماسية لهذه الأزمة، من خلال استقباله أمس، وقبل سفره إلى موسكو، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني، وممثلة مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار.
وفي إشارة لافتة أيضاً، خرج الرئيس الحريري من الاجتماع ليدلي بتصريح وكذلك فعل لازاريني للإيحاء بالوصول إلى مخرج للأزمة، إذ أكّد رئيس الحكومة المكلف بأن مفوضية اللاجئين هم شركاء في مساعدتنا لمعالجة موضوع النازحين، كما ان الحل النهائي في ما يخص اللاجئين بالنسبة إلينا وكذلك بالنسبة إليهم هو في عودتهم إلى سوريا».
ومن جهته، أكّد لازاريني على شراكة الأمم المتحدة الوثيقة مع لبنان في التجاوب مع ازمة اللاجئين السوريين.
وأضاف: لقد أكدنا باستمرار أن عودة اللاجئين إلى سوريا أو إعادة تموضعهم في دولة ثالثة هما الحلان الدائمان الوحيدان. وإلى حينه، نحن نحترم قرارهم الشخصي بعودتهم إلى ديارهم، ولن نعيق أبدا أي عودة يمكن أن تحصل، تكون قائمة على قرارهم الخاص. إنه حقهم، وسيكون غير قابل للتصديق أن تعارض الأمم المتحدة قرار اللاجئين بشأن مستقبلهم.
 وفي اول تعليق لها على اجراء وزارة الخارجية في حقها، أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيان صادر عنها امس، من جنيف على «أهمية العمل الوثيق مع لبنان من أجل التوصل الى حلول آمنة ولائقة ومستدامة لأزمة النزوح».. وأملت المفوضية «إعادة النظر سريعاً بقرار وزير الخارجية».
وأكدت أنها «تحترم حقوق اللاجئين في كل البلدان لاسيما حقهم في إتخاذ القرار بشكل حر في شأن العودة الى ديارهم، وفي موازاة ذلك نحن لا يمكننا أن نعمل على عدم تشجيعهم على العودة التي هي في الأساس مبنية على قرارات فردية حرة وواعية».
وإذ أعربت عن قلقها من قرار الوزير باسيل الذي قضى بتجميد إصدار إقامات لأفراد المنظمة»، أشارت الى أن «القرار يؤثر بشكل مباشر على طاقم العمل وعائلاتهم وعلى مقدرة المفوضية على العمل من أجل تأمين الحماية والحلول في لبنان بشكل فاعل»، مضيفة أن «عملها يهدف الى دعم الحكومة اللبنانية والمجتمعات المضيفة في إدارة التحدي الهائل الذي يواجهه لبنان في إيواء نحو مليون نازح سوري»، مشددة على «الإستمرار في جهودها مع اسرة الأمم المتحدة والدولية من أجل التوصل الى حلول خارج لبنان للاجئين»، داعية الخارجية الى «إعادة النظر بالقرار والتراجع عنه».
اما باسيل، فكان تصريحه بعد اجتماع تكتله بصفته رئيساً للتكتل وليس كوزير للخارجية، وكان في معظمه تبريرياً أو توضيحياً، إذ لفت إلى ان بعض الخارج يريد لازمة النازحين ان تطول بدليل ما هو مكتوب على الموقع الالكتروني التابع لمفوضية اللاجئين والذي عدد الأهداف بمنع العودة المبكرة بدل ان تتحدث عن العودة الآمنة الكريمة، داعيا إلى ان لا يكون ملف النازحين موضوع تجاذب داخلي، لافتاً إلى ان النازح عندما يعود إلى بلده تنتفي عنه صفة النزوح، مشيرا إلى اننا اتفقنا في حكومات سابقة على ان يستعمل بنك المعلومات في وزارة الشؤون للتخفيف من اعداد النازحين عبر شطب أسماء من يعود، لكن هذه المعلومات لم تسلم للأمن العام على المعابر الحدودية، ونريد ان نعرف لماذا لم يطبق ما اتفق عليه في الحكومة؟
وطالب باسيل رئيس مجلس النواب بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في عدم وصول هذه المعلومات للأجهزة الأمنية للاستفادة منها للتخفيف من اعداد النازحين.
إلى ذلك، نقلت محطة OTV الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» عن مصادر خاصة بها، قولها ان إجراءات وزير الخارجية بحق مفوضية اللاجئين لن يترتب عليها أي زعزعة في علاقات لبنان والأمم المتحدة، مشيرة إلى ان خطوة باسيل لم تستفز الرئيس الحريري على اعتبار ان الأخير متفق بالجوهر مع وزير الخارجية لجهة ضرورة عودة النازحين إلى ديارهم رغم الاختلاف المحدود في آلية العودة واسلوب التعاطي مع مفوضية اللاجئين، نافية ان يكون باسيل اتخذ اجراءاته للتغطية على مرسوم التجنيس بحسب ما يحاول البعض الايحاء بذلك.
وختمت مصادر الـ«أو تي في»: «الاتصالات مستمرة داخليا لسحب الموضوع من دائرة السجال الداخلي اولا مع تمسك الوزير باسيل باجراءاته، واعادة رسم مسار عمل المفوضية العليا على الاراضي اللبنانية ثانيا بما يتناسب مع سياسة الحكومة».
.. وأزمة مرسوم القناصل
وعلى صعيد آخر، اكدت مصادر ثنائي «حزب الله وحركة امل» لـ«اللواء» انتهاء ازمة مرسوم القناصل الذي اصدره رئيس الجمهورية بناء لاقتراح وزارة الخارجية، وتمت معالجة الموضوع خلال اجتماع عقُد نهاية الاسبوع بين الوزير باسيل ووفد من «الحزب» ضم المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. اللذين تمنيا ان تتم اضافة توقيع وزير المالية علي حسن خليل على المرسوم، لكن كانت هناك استحالة دستورية إذ لا يجوز اضافة اي توقيع بعدتوقيع رئيس الجمهورية، لكن باسيل اوضح للوفد انه بصدد اعداد مشروع مرسوم جديد لتعيين عدداخر من القناصل الفخريين، وسيحيله الى وزير المالية لتوقيعه.
واوضحت مصادر المعلومات ان وفد الحزب نقل الاقتراح الى الرئيس بري الذي وافق عليه، على ان يصدرالمرسوم بعدعطلة العيد، وبعدانتهاء الوزير خليل من تقبل التعازي بوفاة والدته.