شنّت النائب بولا يعقوبيان هجوماً عنيفاً على الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، متهمة إياها بأنها «صاحبة العقل القائم على فكرة نهب الدولة، على حساب الناس وصحتهم وبيئتهم». ورأت أن بعض المسؤولين بمن فيهم وزير الخارجية جبران باسيل «يصنّف المواطنين بين فئة جيدة وأخرى دنيا، ويتعاطى معهم على أساس الطائفة لا المواطنة»، رافضة الاتهامات التي تساق ضدّها بـ«الخيانة ونكران الجميل». وذكّرت بأنها دافعت لسنوات طويلة عن الحريري، كونه شخصية محببة ومؤمنا بفكرة لبنان الواحد، انطلاقاً من إيمانها بقدرته على إنجاز التغيير.
ولا تزال يعقوبيان تغرّد خارج سرب الكتل النيابية الكبرى سواء الحزبية أو المستقبلّة، وتفضّل العمل بمفردها، وأكدت في مقابلة أجرتها معها «الشرق الأوسط»، أن صوتها «لن يكون مجرّد صرخة في وادٍ»، وأعلنت أنها بدأت توجيه أسئلة لوزراء في الحكومة حول أدائهم في وزاراتهم، وكشفت عن توجيهها سؤالاً بواسطة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى وزير البيئة طارق الخطيب، يتعلّق بمكبّ برج حمود للنفايات، لكون وزارته هي المخولة مراقبة هذا الملف، مشيرة إلى أنها منكبّة على «إعداد اقتراحات قوانين تحتاج إلى نائب واحد، يمكن أن يكون صوتها مؤثرا أكثر ممن يقفون بالصفّ».
وطالما أن أربعة أو خمسة شخصيات يقررون كلّ شيء في لبنان والباقون يبصمون على قراراتهم بحسب تعبير النائب الآتية من عالم الصحافة والإعلام، فلا داعي للالتحاق بهذا الفريق أو ذلك. وعبرت عن أسفها لأن «الأحزاب السياسية تخوض معاركها وفق مصالحها، وهي لا تختلف مع بعضها إلا على المسائل المتعلقة بالحصص والمكاسب الذاتية». وقالت: «سأمارس دوري النيابي كاملاً في الدفاع عن حق المواطن بالصحة والبيئة والحياة الكريمة، ومنع استمرار التلوث، وأعتقد أنه لا يهم إن كان من يقوم بذلك نائب واحد أو أكثر، المهم نوعية العمل ونتائجه».
ولم تجد بولا يعقوبيان أي خلاف بين القوى والكتل الكبرى على مقاربة الخيارات السياسية والاستراتيجية، وهي تعتقد أن «الصراع القائم بينها الآن هو صراع على المغانم والصفقات، وهم لا ينكرون ذلك، وكلّ منهم يتحدث عن حجمه». وأردفت «لدينا وزير خارجية (جبران باسيل) يشبّه بعض الطوائف بـ«حبّة الكرز فوق قطعة كاتو»، أو مجرّد رشّة بهارات في الطعام، وهذا أمر معيب أن يتعاطى المسؤول مع اللبنانيين حسب طوائفهم وأعدادهم». وشددت على أن «المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، وليس هناك مواطن درجة ممتازة ومواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية أو ثالثة وما دون، هذه الأفكار تسيء للوطن قبل أن تسيء للمواطن».
وخلال المعركة الانتخابية والمشاورات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون، واجهت النائب المنتخبة عن المقعد الأرمني في دائرة بيروت الأولى (الأشرفية)، انتقادات لاذعة من جمهور تيّار «المستقبل» على خلفية رفضها تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، وذهب البعض حدّ اتهامها بـ«الخيانة ونكران الجميل»، لكونها عملت لأكثر من عشر سنوات في تلفزيون «المستقبل» وكانت تربطها علاقة جيدة بالحريري شخصياً، لكنّ يعقوبيان سارت إلى دحض كل هذه الاتهامات، أكدت أنها كانت «وفيّة إلى أقصى الحدود للرئيس الحريري طوال فترة العمل كإعلامية في تلفزيون المستقبل». وقالت: «طيلة هذه السنوات قمت بواجباتي على أكمل وجه، وكنت إلى جانب الرئيس الحريري، خاصة أني كنت أؤمن بأن هذا التيار (المستقبل) يمكن أن يكون تيار الوطن الواحد والشعب الواحد، وعلى هذه الأسس كنت أثق بأن الحريري هو الشخص الملائم في التركيبة السياسية الموجودة، وكنت مؤمنة أؤمن بقدرته على إنجاز تغيير ما».
وفيما لم تصوّب يعقوبيان على الحريري شخصياً، لم توفر بعض المحيطين به من هجومها اللاذع، بقولها «كان لدي توجس من بعض الفريق المحيط بالرئيس الحريري، لا سميا بعض رجال الأعمال الذين لا يهمهم سوى جني الأموال حتى لو أتت هذه الأموال من سرقات ونهب وفساد». وأشارت إلى أن هناك «الكثير من المسائل التي لم أوافق عليها لكن في الخطوط العريضة إن شخصية الرئيس الحريري المحببة وطيبته، إضافة إلى كونه مع المواطن ومع فكرة لبنان الواحد، جعلني أقف إلى جانبه في بعض المسائل السياسية»، رافضة ما يلصق بها من تهمة الخيانة، وتتابع: «كنت صحافية في تلفزيون «المستقبل» وعملت فيه لسنوات من دون أجر، لأنه كان يمرّ بأزمة مالية، وحينها تلقيت الكثير من العروض المغرية من محطات لبنانية وعربية، لكني لم أترك «المستقبل» في محنته». وأردفت «لقد تركت هذا الفريق في أوج قوته، بعد أن انتهت أزمة استقالة الرئيس الحريري وعاد إلى لبنان، في هذه اللحظة وجدت أنني أستطيع أن أغادر وأترجم قناعاتي».
ولم يكن عزوفها عن تسمية الحريري نابع من قرارها الشخصي، إنما ترجمة لتوجهات المجتمع المدني الذي تمثّله، والذي خاضت الانتخابات باسمه، وبرأي بولا يعقوبيان إن «ما تريده الطبقة السياسية برمتها غرف ما تبقى من خيرات لبنان، في حين أنها لا تقدّم شيئا للمواطن». وتعطي مثالاً صارخاً على ذلك، وتشدد على أن هذا المرسوم الجديد «يمثّل فضيحة كبرى لأنه انتقى مجموعة من المتمولين ومنحهم الجنسية من دون معرفة المعايير التي ارتكز إليها». وسألت «كيف لا يحق للأم اللبنانية أن تعطي الجنسية لأولادها الذين يعيشون مأساة حقيقية، فيما نهديها لنافذين من دون أي مبرر».