في لقاء "ودي وحميم" كما وصفه رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، التقى الأخير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المملكة تلبية لدعوة رسمية لبيك المختارة.
يأتي هذا اللقاء ليرمم العلاقة المتأذية بين الأمير والبيك، عقب استقالة الرئيس المكلف سعد الحريري المشبوهة من الرياض، عشية تشكيل الحكومة التي تتخوف فيها السعودية من سيطرة حلفاء حزب الله.
أعاد المشهد الثنائي الودي بين الطرفين إلى الأذهان شريط الذاكرة اللبناني إلى الوراء، تحديداً إلى أسبوعين ماضيين، عندما قصد الحريري المملكة في زيارة كانت الثانية له بعد استقالته والعودة عنها. وكان لافتاً في تلك الزيارة عدم التقاء الحريري بولي العهد على الرغم من استمرار الزيارة لبضعة أيام، بحجة أن الزيارة عائلية ومحل إقامة بن سلمان يختلف عن مكان إقامة عائلة الحريري.
ترجّح مصادر مطلعة عدم حصول اللقاء بين الحريري وبن سلمان بسبب امتعاض المملكة رئيس الحكومة المكلّف الذي لم يبادر إلى الرد المباشر على تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التي كشفت فيها عن دور فرنسا أثناء احتجاز الحريري في الرياض، إذ جاء رد الحريري بعد فترة، بطريقة غير مباشرة. وقال في إحدى الإفطارات إن بن سلمان يدعمه شخصيًا، وأن دوره محوريّ في استقرار لبنان، منوهًا إلى عمق العلاقات بين بلاده والسعودية.
في هذا الإطار، يؤكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش لـ"ليبانون ديبايت" أنه ليس بالضرورة أن تُعلن اللقاءات التي يعقدها الحريري دائماً في السعودية، فيمكن أن تكون عقدت لقاءات بينه وبين ومسؤولين سعوديين في زيارته الأخيرة للمملكة ولم يتم تظهيرها للعلن، علماً أن الحريري أكد أنها زيارة عائلية على الأقل على المستوى الإعلامي.
وحول ما إذا كان هذا الحج نحو الرياض عشية تشكيل الحكومة يُعتبر تدخلاً سعودياً بشأن لبناني، يقول علوش "التدخل ليس بالضرورة أن يكون بزيارة، فقد يكون عبر الهاتف أو من خلال السفير، وإن كان يُحكى عن تدخل فنحن نعرف أن لبنان مفتوح بهذه الاتجاهات. فانتخاب رئيس الجمهورية يتخلله تدخلاً خارجياً، وقرار الحرب والسلم بتدخل خارجي، والشتائم نحو السعودية بتدخل خارجي أيضاً".
ويرفض علوش الحكم على الزيارة المقبلة قبل أن تحصل، "بناءً للمعطيات التي تظهر بعدها، وبناءً على اللقاءات التي ستحصل، إما أن نقول إنها زيارة طبيعية لرئيس حكومة للسعودية الشريك الأهم على المستويين السياسي والاقتصادي بالنسبة للبنان، وإما نسمع منه ونحكم إن كانت تدخلاً أم لا".
وعن استقبال جنبلاط من قبل الملك السعودي ونائبه، يؤكد علوش أنها توحي بأن هناك إعادة ترميم للعلاقة بين الطرفين وإعادة إنتاج من جديد. ولا ينكر علوش تخوف السعودية من تضاعف وجود حزب الله وحلفائه في المجلس النيابي وانعكاسه على السلطة التنفيذية، "المفروض أن يتخوف لبنان من هذا الوجود، لأنه هدّام تاريخيا ومرتبط بالنظام السوري. ومن الطبيعي أن تعتبر السعودية هذه المجموعة معادية لها ومن المنطقي أن تتخوف من ازدياد حجمها".
اشتراكياً، يرفض النائب السابق غازي العريضي وضع زيارة جنبلاط إلى السعودية في الإطار الحكومي، ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن العلاقة تاريخية بين المملكة والمختارة بحكومة ومن دونها، واللقاءات دائمة والتواصل والتشاور مستمران.
كما يرفض اعتبارها ترميماً للعلاقة بين الطرفين، ويصر على أن هذه الخلافات "وُضعت وراءنا منذ زمن، والتواصل لم ينقطع بيننا وبين المملكة وبناءً على هذا التواصل تمت الدعوة وكانت الزيارة".