سماحة العلامة الشيخ حسين الخشن .
بعد التحية والسلام أحببت أن أخرج عليكم ببعض الأفكار ولنفتح الباب أمام نقاش واضح وشفاف نخرج فيه من أسر السلف الى رحابة العقل والنظر في الادلة المستقاة من الكتاب وصحيح السنة والتمسك بمقاصد الشريعة السمحاء بدون تقديس لآراء السلف الصالح من علمائنا وإن كانوا على قدر من القداسة في عيون المسلمين إلا انهم لهم عقولهم و لدينا عقولنا ولديهم قدرة على فهم النص ومقاصد الشريعة ولدينا ما يفوقهم لأننا قرأنا لهم و قرأنا بعدهم وهم لم يتسن لهم قراءة ما بعدهم فنحن في حقبة جامعة لكل عناوين النقاش وهم لم يدركوا زماننا ليروا نقاشنا وسؤال عصرنا .
فقد أجابوا عن أسئلة عصرهم ولا بد لنا أن نقدم أجوبة على أسئلة عصرنا وإنني و إن كنت محبا وفخورا لمقدار علمكم وسعة أفقكم ومقدار اجتهادكم فإني لا أحب أن أقيسكم بالمأسورين للماضي من الزمان إلا أنني لم أجد في بحثكم سوى محاولة لجواب العصر ولم تفلحوا في التفلت من أسر نصوص أعلام لم يكونوا كاملين فضلا عن أنهم غير معصومين .
على صغر حجم اهتمامي بالفقه وادوات الفقيه والفقهاء وعلى قلة علم قد اكون أحمله إلا انني أرى فيكم بارقة أمل يُدخل يدخل إلى الفقه جديد فهم وقليل أسر فياليتكم وانتم تدخلون البحث الفقهي وأنتم تحملون ولا تتخلون عن أسئلة المفكر والمرشد للناس في عصرهم ولا يستهينون مناقشة الفكرة ببعدها العملاني .
لقد أسرتكم ادوات الفقيه لتسدلوا الستار على الادوات العقلية التيي لم يستطع الفقه ولا الفقيه تكبيلها وظلت بوصلة في تصديق الاحكام وتثبيتها واعتبر العقل اساسا يتشرف الشارع به هو سيد العقلاء فكيف يكون السيد معطلا لمجلس العقلاء .؟ فقد كان في دراستكم عن محاذير الإعلام الآخر المنسوب الى الاسلام قدرته و معرفته في ضوابط النص الاسلامي كي لا يقع في الترويج لثقافة الآخر وحاولتم جعل ضوابط شرعية لعمل الاعلام مع أن الصنعة مستجدة ولو بأشكالها وإن كانت قديمة قدم الانسان ولكن لكل زمن اعلامه .
فقد اعتبرتم ان في ظهور المقدسات الدينية لغير المسلمين على شاشة التلفزة الاسلامية عرضا او نقدا ضرورة بحث لمعرفة الحلال فيها ليؤمر به والحرام منها ليؤمر اجتنابه ثم فصلتم الظهور للمقدسات الغير اسلامية تارة مع العلم وبدونه ومع القصد وبدونه مع الترويج وبدونه ومع النقد وبدونه واعتبرتم ان مقدسات غير المسلمين قد تمثل امتدادا لفكر الضلالة عندهم وإظهارا لكفر ما لديهم .
إن البحث بهذه الطريقة يرجعنا الى زمن غابر مر وانقضى والى سؤال ماض وعصرنا اليوم يسبقنا وقد لا يترجل التقدم الحياتي ليسير مع اضعف الماشين ولذا قد يترك العلم والعصر والتقدم العلمي الفقيه ويسير ويصبح البون شاسعا بين الفقيه المتأني في مسيرة والعلم المتسارع في تقدمه .
لماذا نأسر انفسنا في ادوات الماضي وبالتالي تصبح دائرة الحلال أضيق واذا كان احترام ثقافة غير المسلمين حراما فعدم احترامها واجب وهذا يوصلنا الى عدم احترام حامليها والقائمين على تلك الثقافات وبالتالي اذا التزمنا بنصوص السلف في وجوب الدعوة الى كسر الصلبنان كما في تراثنا الغث منه والثمين لا يمكن ان نكرم راهبا او رجل دين نعتبر دينه يحمل الضلالة ولم تبريء النصوص الدينية عندنا غير المسلمين من اليهود والنصارى من الضلالة وندخل الناس في اختلال لمجتمعاتهم وعدم موادعة في معاملاتهم .
وتحدثتم عن ظهور المقدسات لغير المسلمين في اعلام المسلمين وفصلتم ما يظهر قهريا وما يظهر نقدا وما يظهر تبشيريا او تعريفيا وبرأتم الظهور القهري وأبحتم الظهور النقدي وحرمتم الظهور التبشيري مع بعض نقاش في اشكاله كل ذلك لظهور ثقافات غير اسلامية ا دعوة كفر او دعوة الحاد .
وهذا خلط غير مبرر فقد الثقافة الاسلامية عام يدخل فيه الكفر وافعال ليست كفرا ولا من سنخية فكرة الالحاد كما في عادات الشعوب وتقاليدها وثقافاتها فهل نحكم على كل تلك الثقافات والتقاليد بانها ثقافة غير اسلامية وبالتالي يحرم نشرها وإظهارها في مؤسسة إعلامية إسلامية .
ثم أن نظرة المسلمين لعقائد غيرهم وثقافاتهم اما لها ان تحط رحالها عند الدعوة الى الاحترام المتبادل وتترك للفرد الاختيار وهذه دعوة الله الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه وقد مدح الله تعالى استماع مطلق القول مع الاحتفاظ بحق الاختلاف والخلاف بدون الحرمة و الحلية ام ان جواب الفقيه لا يتعدى الحديث إلا بالحرمة و الحلية .
إني أرى فيك مفكرا قبل أن أراك فقيها ولو كنت فقيها بدون تفكر لما ناقشتك حال بعض الفقهاء الذين يجلسون في بيوتهم بعيدين عن الحياة اليومية للناس والمجتمع والعصر ويحفظون كلمات السلف هذا إن حصلوها وإني أحب ان تعمل أدوات البحث العلمي والعقلي وتأتي إلى الفقه والحكم بالحرمة و الحلية من باب الفكر لا من أسر النص القديم وقد سبقك على ذلك من انت امتداد له المرحوم المفكر قبل ان يكون فقيها والفقيه بعد ان عرف العصر وخبر الماضي فالعمدة عليك وعلى امثالك من العلماء والمحصلين على تقديم فقه جديد يفهم مقاصد الشريعة ولا يدعو إلى التعبد في تطبيق نصوص السلف وإعطاء الاحكام للشرع بدون الالتزام بالتقليد حتى في طريقة العرض .
لقد أغراني بحثك لمحاولة نقاشك في المقالات التي ينشرها مدير تحريرنا وهو متتبع لسيل أعمالك وفقك الله وسدد خطاك لتقديم الراي الاسلامي السديد .
الشيخ عباس الجوهري