شهد العالم تحولاً كلياً في نمط استخدام الأدوات التسويقية ووسائل استهداف الزبائن وآلياتها خلال السنوات الماضية. إلا أن الهدف يبقى واحداً مهما تغيّر الوقت وطال الزمن، ويتمثل في «الوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم، والتأثير الآني أو المستقبلي على قراراتهم الشرائية تحديداً». ولاحظت شركة «المزايا القابضة» في تقريرها الأسبوعي، أن «التسويق الإلكتروني يتصدّر حالياً خصوصاً شبكات التواصل الاجتماعي المشهد العام، بحيث يشكل منافساً رئيساً ومكملاً لوسائل التسويق التقليدية وأدواتها، على غرار الحملات الإعلانية والتسويقية المباشرة والعروض الترويجية».
وتتضمن منظومة التسويق ذات الأبعاد التأثيرية الشاملة، وفقاً للتقرير «مزيجاً من الأدوات التسويقية التي يتطلب كل منها دراية وخبرة في الإعداد والتجهيز والتنفيذ، وغالباً ما تحال هذه المهمات إلى شركات التسويق المتخصصة، التي باتت تشكل اليوم واحداً من أهم القطاعات الخدمية في أي منظومة اقتصادية في دول العالم». وأشار إلى أنها «تنتج عائدات مالية تكاد توازي تلك المتأتية من قطاعات خدمية وتجارية وصناعية رئيسة، بفعل اعتماد معظم القطاعات الاقتصادية على الخدمات التسويقية في الترويج لها، وذلك على رغم اختلافها».
تشير التوقعات إلى أن «الإنفاق الإعلاني العالمي سيزيد بنسبة 4 في المئة هذه السنة، لتصل قيمته إلى 578 بليون دولار». وتوقعت المصادر أن «يشكل الإنفاق الإعلاني الإلكتروني 40 في المئة من الإجمالي العالمي، وأن ينمو إلى 44 في المئة عام 2020». وذكرت أن الولايات المتحدة «تستحوذ على 27 في المئة من الحجم الإجمالي للإنفاق لتحل في المرتبة الأولى عالمياً، تليها الصين بنسبة 20 في المئة». ولفتت إلى أن «حجم الإنفاق على الإعلان الإلكتروني بلغ 25 في المئة عام 2017، بعدما كان 15 في المئة عام 2016 و10 في المئة عام 2015، من الإجمالي حول العالم». وثَبت وفق «المزايا»، أن «تأثير التسويق الإلكتروني والوصول إلى شرائح مستهدفة، أصبح أكثر فعالية مقارنة بوسائل الإعلان التقليدية، لما يتمتع به من طرق ذكية، تعزز آليات البحث والوصول والتأثير في المستهلك»، من دون إغفال «القدرة على فهم النمط السلوكي لكل مستهلك مستهدف، وسهولة في الوصول إلى البيانات والمعلومات الشخصية للمستهلك والحصول عليها، والتي تعدت حاجز الخصوصية الفردية والمعلومات في بعض الحالات».
وبات القطاع السياحي «أكثر القطاعات المستفيدة من التطور الحاصل في منظومة التسويق الإلكتروني خلال السنوات الماضية، إذ يساهم مباشرة في رفع وتيرة النشاط في هذا القطاع السياحي، على رغم التراجع والكساد اللذين يواجههما بين فترة وأخرى، وتحديداً التأثير الموسمي».
ورصد التقرير «تنامي أهمية التسويق الإلكتروني نتيجة ازدياد أعداد المتعاملين مع الإنترنت على مستوى العالم يوماً بعد آخر، ما يؤدي إلى تحويل متصفح الشبكة العنكبوتية إلى زائر دائم ومن ثم إلى مستهلك، ما دفع الشركات والمؤسسات إلى تعزيز تواجدها على هذا الشبكة، وساعد في شكل كبير على إيجاد أسواق إلكترونية سهلت دخول الشركات إلى دول جديدة، لم تكن لتتواجد فيها ضمن الإطار التقليدي».
وبالعودة إلى القطاع السياحي، أكدت «المزايا» أن ترويج المنتج السياحي ضمن قنوات التسويق الإلكتروني «بات مناسباً للموازنات المنخفضة وخطط تقليص نفقات التسويق والدعاية التي ينتهجها العاملين في القطاع، والتي انعكست على تكلفة المنتج النهائي وعززت عوامل المنافسة». ولم تغفل «توفير مساحة كافية لعرض المحتوى النصي والصوري أو الفيديو والدخول في طرق ذكية لإدارته، ولتصبح معها شبكات التواصل الاجتماعي من أهم اللاعبين في توجيه الفرد، حول الوجهة أو المنتج السياحيين في دول العالم».
في مقابل أهمية التسويق الإلكتروني، لم تنكر «المزايا» استمرار الحاجة إلى التسويق التقليدي، مؤكدة أنه «ضروري ومكمل لأي من الحملات التسويقية الناجحة»، إلا أنه يُعتبر «مرتفع التكلفة إذا ما قورن بالإلكتروني، نظراً إلى حاجته للتفاعل المباشر مع الشرائح المستهدفة بطرق، تُعدّ تكلفتها الإنتاجية والتشغيلية أو حتى اللوجستية مرتفعة». مع الأخذ بالاعتبار أن التسويق الإلكتروني مشتق من التسويق التقليدي ويشكل حالة مستحدثة ومتطورة منه للوصول إلى العملاء بصورة أسرع وأسهل واقل كلفة ومتوفرة على مدار الساعة.
أما تأثير التسويق الإلكتروني على واقع القطاع العقاري ومستقبل أسواقه، فهو بحسب التقرير «مفتوح ويرفع وتيرة النشاط وزيادة حجم البيع، إلى جانب إيصال المعلومات والبيانات التي توجّه المستخدم النهائي نحو اتخاذ قرار الاستثمار أو التملك الصحيح». إذ طوّرت جهات كثيرة «منصات رقمية متخصصة لعرض الوحدات والمشاريع العقارية وبيعها وتأجيرها في مختلف دول العالم». إذ بات الزبائن «قادرين على الاطلاع على آلاف الوحدات السكنية المعروضة على المواقع الإلكترونية، وأصبحت توفر لهم الخيارات والتفاصيل المتعلقة بالمواقع والمواصفات الفنية والتصميمية». وتفيد البيانات بأن «أكثر من 50 في المئة من الشركات العقارية ومكاتب التسويق العقاري، تعتمد على التسويق الإلكتروني لترويج المنتجات وتوسيع دائرة الزبائن والانتشار والشهرة».