عشية كل استحقاق حكومي تشرّع الأبواب للسؤال عن ضرورة وجود وزارة المهجرين بعد 28 سنة على صمت مدافع الحرب الأهلية اللبنانية وبعد 4 سنوات على عقد آخر مصالحة شاملة في بلدة بريح.
في رفوف الوزارة مئات آلاف الملفات بعضها أغلق وبعضها الآخر لا زال ينتظر الاعتمادات المالية اللازمة. وفي أروقتها يجلس 140 موظفاً ينتظرون الاعتمادات نفسها للمباشرة بإنهاء أعمالهم وإيفاء الناس حقوقهم، وهي الأعمال التي قد تنتهي خلال أشهر في حال توفرت الأموال من الدولة اللبنانية.
ترى وزيرة المهجرين السابقة أليس شبطيني في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" أن من أهم المشاكل التي تواجه وزارة المهجرين هو التضخم الكبير جدا في الناحية المالية. "في السابق كانت الوزارة تعطي المتضرر 20 ألف دولار للمساهمة في إنشاء بيت له، أما اليوم هذا المبلغ لم يعد يكفي"، على حد قولها.
وعاد وتوسع بيكار مهام وزارة المهجرين بعد إدخال ترميم البيوت المتضررة من الحرب إلى جدول أعمالها. زادت المهام وزاد تأخر الدولة بمد الوزارة بالأموال الكافية بعد توالي الأزمات الاقتصادية.
"سنتان وعشرة أشهر أمضيتها في الوزارة، ولم تحوّل الدولة لصندوق المهجرين إلا 10 مليارات ليرة لبنانية، بينما هناك أكثر من مئة ألف طلب في كل المناطق اللبنانية تنتظر إغلاقها، وفقاً للوزيرة.
تطالب شبطيني إنهاء هذا الملف ووضع حد لمعاناة الناس الذين يداومون على مراجعة طلباتهم في الوزارة من دون جدوى، وإنشاء مكتب تصفية حقوق المتضررين من جراء الحرب وإقفال الوزارة، ومنح هذا المكتب الرأسمال الكافي لإغلاق كل الملفات العالقة.
بدوره، مدير عام وزارة المهجرين أحمد حمود يرى أن المشكلة في أنه ليس للوزارة موازنة بل تمويل، والأموال تأتي بموجب قوانين لا يتحمل وزير وحده تأخيرها بل الدولة مجتمعة.
وعن الغاية من بقاء الوزارة يؤكد حمود لـ"ليبانون ديبايت" أن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال طلال ارسلان تقدم بمشروع قانون لإقفال الوزارة وصندوق المهجرين بعد إنجاز الاعمال المطلوبة والعالقة.
المشروع المتكامل الذي قام الوزير بتقييم ملفاته بحسب كل بند ووضع لها اقتراحات وحلولاً ومهلاً زمنية، أصبح في مجلس الوزراء على أن يتم البت به ويتم تحويله إلى مجلس النواب. وهو يضع الدولة أمام خيارين إما تأمين الاموال اللازمة لإنهاء الملف وفق معايير وضوابط معينة، أو اتخاذ قرار سياسي بإقفال هذا الملف مع أو من دون ترميم.
وعن إنجازات الوزارة خلال 25 سنة، يقول حمود إن ملف عودة المهجرين إلى بيوتهم واستلام أملاكهم أُنجِز 98 في المئة منه، مع وجود مشكلة قضائية في موضوع كفر سلوان.
ويتأسف حمود لطريقة تعاطي الناس مع هذه الوزارة، إذ لا تتعاطى مع وزارة المهجرين على أنها قامت بإنجازات خلال 25 سنة بالإعتمادات البسيطة التي كانت تصلها، في ظل واقع لم يسلم فيه أحد في البلد من التهجير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. بالاضافة إلى أن كل مشاريع البنى التحتية التي بعض الوزارات لم يكن لديها إمكانية للقيام بها تم تنفيذها على حساب صندوق المهجرين. "فالوزارة دفعت حتى اليوم 2800 مليار ليرة خلال 25 سنة، وهو ما يساوي خسارة الكهرباء بسنة وحدة".
وعن مصير مشروع القانون المقدم من ارسلان في ظل إعادة تشكيل الحكومة، يقول حمود "أي مشروع مرسل إلى الحكومة بغض النظر عن بقاء الوزير أو عدمه، بحسب آلية العمل الحكومي بالتأكيد سيرجع الملف للوزير الجديد الذي يعاود تحويله من جديد إلى الحكومة الجديدة".
وللمحامي زياد عقل موقف ملفت من وزارة المهجرين، اذ يرى في بقاء الوزارة وسيلة لاستمرار هدر المال العام بشكل غير مبرر على الإطلاق.
"نحن أمام تخمة في التنفيعات المضرة للدولة اللبنانية إذ إن عدد الوزراء كبير جدا ويكلف هدرا كبيرا من المال العام. وبرأيي ان استمرارية وجود وزارة تحمل اسم المهجرين هو أحد سمات هدر المال العام المتواصل في الدولة"، وفق عقل.