يمكن إدراج مجموعة من العوامل السلبية مقابل مجموعة من العوامل الإيجابية تؤثر على مستقبل الاوضاع في لبنان.
بين الهبة الباردة التي تبعث على الاسترخاء، والهبة الساخنة التي تبعث على الخوف، لا بد من قياس حرارة الحالة المستقبلية للبنان بميزان دقيق، قبل الوقوع في تحليلات لا تشبه ما يجري إطلاقا.
ومجاراة المتشائمين بالكامل، فيه شيء من التشويش السياسي غير المحسوب، كما ان بعث التفاؤل على الشاكلة التي يطلقها الرئيس سعد الحريري مبالغ فيها بكل تأكيد، برغم وجود تمنيات جامحة عند الاغلبية من اللبنانيين، ترغب في تحقيق الانتعاش الذي يتطلع اليه الحريري.
في العوامل المحسوبة على «مانيفست» التفاؤل: إنجاز الانتخابات النيابية بنجاح، بصرف النظر عن شوائب القانون.
ونجاح انعقاد مؤتمر «سيدر – 4» في باريس، والذي سيرفد الاقتصاد اللبنانية بما يتجاوز 11 مليار دولار (اغلبيتها الساحة قروض ميسرة).
وكذلك يمكن احتساب العطف الدولي الذي يساهم في رعاية الاستقرار الامني، ويدعم جهود الجيش والقوى الامنية الأخرى، في خانة العوامل الإيجابية التي تبعث على التفاؤل.
في العوامل السلبية، يمكن تسجيل بعض النقاط الواضحة، من دون الدخول في استنباط مؤشرات، قد تساهم في تبديد أجواء التفاؤل بالكامل، ونحن لا نميل الى تبني المقاربة التشاؤمية، ولكننا لا يمكن ان نتجاهل بعض المعطيات التي لا تخدم رؤية المتفائلين. ومن ابرز هذه المؤشرات السلبية:
الركود الاقتصادي المخيف - والذي دخل عامه السادس على التوالي - وهو مرشح لأن يطول، ولا تساعده الاوضاع العامة على الخروج من رتابته، لأن اعمال البنى التحتية التي اقرها مؤتمر سيدر – 4، لن تبدأ قبل بداية العام 2020، لأنها تحتاج الى فترة زمنية إلزامية للتحضير، وللتلزيمات، ولتأمين حصة الدولة اللبنانية التي ستدفع في كل مشروع، حتى لو كانت متدنية نسبيا، لأن مالية الدولة تعاني من ضغوط هائلة ناتجة عن الركود، وعن تنامي اعباء القطاع العام، خصوصا الصرف على عجز الكهرباء، والمقدر بـ 2.2 مليار دولار في الموازنة، بينما يقول المختصون في مؤسسة كهرباء لبنان: انهم يحتاجون الى ما لا يقل عن 2.8 مليار، إذا ما استمرت اسعار الفيول على ما هي عليه اليوم.
ومن العوامل السلبية أيضا: ارتفاع الفوائد على الودائع في العالم، مما قد يؤدي الى هروب بعض الودائع المالية من البنوك اللبنانية، وهذا الامر يقلل من منسوب الاستفادة التي يتطلع لها بعض المسؤولين اللبنانيين من جراء البدء بمرحلة إعادة الاعمار في سورية.
بالمقابل فإن بعض التوقعات التفاؤلية المبنية على قرب انتهاء الحروب في سورية، قد لا تتحقق، ذلك ان صعوبات جمة ما زالت تعترض الاستقرار السوري، لأن التسوية بين الاطراف تبدو بعيدة، ومن يعتقد ان الحروب يمكن ان تنتهي على قاعدة: ان حسما عسكريا قد تحقق لمصلحة النظام، ربما يكون مخطئا، ذلك ان الاستقرار الكامل لا يمكن ان يتوافر إلا بنوع من التسوية الداخلية والخارجية بحدها الادنى.
من جهة ثانية: فإن نخبا لبنانية وغير لبنانية، ترى ان إخفاقات كبيرة وقعت بها «الإستبليشمن» الجديدة في إدارة الحكم، لاسيما في التعاطي مع بعض الملفات، على قاعدة ان اطراف التسوية اللبنانية التي حصلت قبل عام ونصف العام، قادرون على تنفيذ ما يشاءون، وباقي القوى تفاصيل في الحياة اللبنانية.
هذه المقاربة خفضت من مستوى التفاؤل، وأساءت الى سمعة الادارة اللبنانية، وأبرزت وجها لا يوحي بالثقة «بالإستبليشمن» الجديدة، وأضرت بمستوى التفاؤل، وأحدثت خدوشا بسمعة المستقبل الموعود.