تُعتبر الإصابة بأذن السبّاح مشكلة شائعة يمكن أن تصيب جميع الأعمار في فصل الصيف، مسبّبةً الالتهاب عند البعض وعوارض اكثر جدّية عند البعض الآخر. صحيح أنّ الاذن معرّضة في كل فصول السنة للالتهابات المختلفة، ولكن لماذا يرتفع عدد المرضى في عيادات اطباء الانف الاذن والحنجرة في فصل الصيف، لاسيما بعد العودة من السباحة؟ في هذا السياق، يفسّر إختصاصي أذن أنف وحنجرة وجراحة الدماغ من الأذن والأستاذ في جامعة القديس يوسف الدكتور إيلي عتر في حديث لـ«الجمهورية» عن هذا الالتهاب الموسمي قائلاً «يتألف المجرى الخارجي للأذن من جلد رقيق جدّاً ومقفل بطبلة، وبهدف حماية هذه الجلدة الرقيقة يفرز الجسم مادة الصمغ التي تحتوي على الأسيد بهدف القضاء على البكتيريا والفطريات. أمّا الالتهاب فيكون نتيجة تسرّب البكتيريا إلى أذنه وفقدان الفرد للمناعة».
بين مياه الاستحمام والبحر
يتساءل البعض لماذا لا يصابون بهذا الالتهاب طول ايام السنة بعد الاستحمام وتعرّض أذنهم للمياه، ولماذا تقتصر الاصابة على السباحة في مياه البحر أو الأحواض؟ بحسب د. عتر «تُعتبر مياه الإستحمام نظيفة، عكس تلك التي نتعرّض لها في مياه البحر وأحواض السباحة رغم تكريرها او اضافة مادّة الكلور اليها، الّا أنّ هذه الخطوات لا تلغي البكتيريا، وفي طبيعة الحال للتأكد من عدم وجود هذه البكتيريا يجب فحص المياه وضبطها كما يجب، وللأسف أنّ هذا لا يحصل في لبنان، اضافةً الى تلوّث بحرنا الامر الذي يزيد عدد البكتيريا في المياه.
وعلى الاثر، يعتبر جميع مَن يقصد مياه الاحواض والبحر عرضةً للإصابة، ولكن ليس كل بكتيريا تدخل الى الأذن ستسبّب الالتهاب في الأذن الخارجية، فالتي تسبّبه هي بكتيريا البسودوموناس «Pseudomonas» التي تُعرف ببكتيريا المستشفيات الأكثر شيوعاً من ناحية التسبّب بالتهاب الأذن الخارجية، دون أن يعني ذلك أنها أشدّ أوأكثر خطورة من غيرها».
مضاعفاتٌ قاتلة
إلتهاب الأذن مشكلة شائعة جدّاً تصيب الجميع دون أيِّ استثناء ولكن تزيد بعض العادات الخاطئة والأمراض من خطر اصابة الفرد بأذن السبّاح. ويعدّد د. عتر الاكثرَ عرضةً قائلاً: «نبدأ بالاشخاص الذين ينظّفون أذنهم باستخدام عيدان القطن بشكل مفرَط كونهم يزيلون الصمغ الذي يحمي جلدة المجرى ما يؤدّي الى جفافها أو إمكانية جرحها. أمّا الأشخاص الذين يعانون من أمراض جلدية شائعة من نوع الأكزيما، فهم يصابون بالتهاب مزمن في جلدة الأذن ما يسبّب لهم الحكّة المزمنة التي تؤدّي بدورها الى جرح الاذن فيصبحون عرضة لالتهابات الاذن الخارجية.
كذلك، يُعتبر المصابون بداء السكري من الاشخاص الاكثر عرضة والذين يجب الانتباه لحالتهم جدّياً لمنع تطوّرها وتسبّبها بمضاعفات خطيرة على حياتهم، وهذه الفئة من المرضى تعاني بشكل خاص من ضعف مناعة تجاه بكتيريا البسودوموناس، فما إن يبدأ الإلتهاب بأذن مريض السكري حتى ينتشر بسرعة في الجسم ليصل إلى العظام ومن ثمّ إلى الدماغ، مسبّباً له الموت في حال تطوّره».
إلتهاب الأذن الخارجية هو من أكثر المشكلات انتشاراً في الصيف، ويُعتبر من الالتهابات الموسمية الخاصة بفصل الصيف، جرّاء انتشار البكتيريا في المياه كما ذكرنا آنفاً اضافةً الى الحرّ والعرق والرطوبة التي تُعرّض المجرى الى الالتهابات. بعد الإصابة تظهر العوارض سريعاً ويشير د. عتر الى أنّ «وجع الأذن هو من العوارض الأولى التي تظهر اضافةً الى الشعور بثقل في المجرى، وانسداد الأذن جرّاء الإفرازات الناتجة عن الالتهاب.
وننصح دائماً باستشارة الاختصاصي بعد استمرار الألم لمدّة 24 ساعة، لأنّه من الضروري التأكّد من عدم انسداد المجرى بعد التعرّض للالتهاب، لأنه إذا تورّم مجرى الأذن الخارجية فعندها لن ينفع استعمال القطرات لأنها لن تصل اليه، لذلك يجب تنظيف أذن المصاب جيداً من الإفرازات قبل استخدامه للقطرة. في المقابل عند تورّم المجرى وانسداده على الطبيب اللجوء إلى وضع فتيل في الأذن ووضع سائل القطرة عليها. ويوجد بعض الحالات التي تتجاوب مع استخدام القطرة فقط، واخرى تحتاج الى مضاد حيوي ايضاً».
مضاعفات وإرشادات
الاستعمال العشوائي للأدوية بشكل عام والتي تحتوي على المضادات الحيوية بشكل خاص خطيرة جدّاً على صحتنا، ما يفسّر صرخة الاطباء الدائمة التي تهدف الى الابتعاد عن هذه الآفة المدمّرة وعدم تناول المضادات الحيوية الّا بوصفة منهم.
وينهي د. عتر حديثه مشدّداً على أنّ «استعمال القطرات التي تحتوي على المضادات الحيوية لمدة طويلة تسبّب الالتهابات الفطرية في الأذن، وإذا كان المريض غير مدرك بإصابته بثقب في طبلة الأذن واستخدم قطرة غير مخصّصة لهذه الحالة، يمكن أن يفقد حاسّة السمع. أمّا الوقاية من هذه المشكلة فتكون عبر الحدّ من الامور التي تزيد من خطر الاصابة، كالابتعاد من استخدام عيدان القطن، وحلّ مشكلة الأكزيما.
ويعمد بعض الاشخاص الى سدّ أذنهم عند السباحة وهنا يهمني أن اوضح انّ الشخص الذي يعاني من ثقب في الطبلة أو من مرض مزمن في جلدة مجرى الأذن فمن الضروري أن يغلق مجرى أذنيه، أمّا الشخص العادي فلا ننصحه من سدّ أذنيه كي لا يعرّضهما الى زيادة الرطوبة فيهما ودخول الصمغ الى الداخل».