الحملة السياسية الإسرائيلية في الامم المتحدة اعتبرت أنّ علاقةً لوجستية عسكرية - إستراتيجية بدأت تنشأ أخيراً في لبنان بين «حماس» وبين «حزب الله» و«راعيه الإيراني»، وأنّ هدف هذه العلاقة هو بناء منظومة عسكرية كاملة لـ«حماس» على الاراضي اللبنانية تشتمل على مصانع صواريخ وعلى قوة عسكرية تضمّ آلاف المقاتلين الفلسطينيين. وأدرجت هذه الحملة التي تمّ توثيقها ـ بحسب معلومات لـ«الجمهورية»- برسالة بعثت بها الخارجية الإسرائيلية الى كل مِن مجلس الامن والامم المتحدة، جملة معطيات وصفتها بأنها معلومات إستخاريّة وهي تفيد أنّ «الحزب» أنشأ معسكرات تدريب لـ«حماس» في لبنان، تتمتّع بضيافته ويشرف على التدريب فيها ضباط من الحزب أبرزهم القائد العسكري «م. ح» المطلوب إسرائيلياً.
وبحسب معلومات لـ«الجمهورية» مستقاة من مصادر متابعة لحركة إسرائيل حول هذا الملف داخل الأمم المتحدة، فإنّ ما تريده إسرائيل الآتي:
ـ أولاً، دفع الأمم المتحدة الى تبنّي فتح ملف علاقة «حزب الله» بـ»حماس» في لبنان، بصفته جزءاً من انتهاكات لبنان لموجبات القرار 1701، وتحضير هذا الملف ليكون جاهزاً على طاولة النقاش بعد أشهر عندما يحين موعدُ تجديد الأمم المتحدة مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان.
ويشي هذا التوجّه بأنّ إسرائيل تضمر طرحَ تعديل قواعد اشتباك القرار 1701، يحيث يتضمّن لحظ علاقات «حزب الله» العسكرية داخل لبنان «التي تساهم في زعزعة أمن إسرائيل».
- ثانياً، تضمين الدعوة الدولية الى وقف نشاطات «حزب الله» العسكرية خارج حدود لبنان، كاليمن وسوريا والعراق، نشاطه العسكري مع «حماس» في إعتبار أنّ هذا النشاط سواءٌ تمّ على الأراضي اللبنانية أو خارجها، يؤدّي أيضاً إلى هزّ إستقرار المنطقة، ويعبّر عن تدخّل إيراني عبر «حزب الله» بشؤون الدول الأخرى.
وكشفت هذه المصادر لـ«لجمهورية» أنّ لائحة الإدّعاءات الإسرائيلية ضد لبنان و»حزب الله» على خلفية علاقة الأخير العسكرية بـ«حماس» وتطوير علاقاته العسكرية بها داخل الاراضي اللبنانية أنقسمت الى ثلاثة أقسام:
- الأول، صُنِّف على أنه ملف معلوماتي استخباري تمّ وضعُه في عهدة الامم المتحدة للإطّلاع عليه، لكي يساعدَها في تكوين ملفٍّ إتّهامي وسياسي ضد إيران و«حزب الله» ويسمح بمطالبة لبنان باتّخاذ خطوات فعلية حياله.
- الثاني، يعتمد على تصريحات قادة الحرس الثوري الإيراني التي تثبت وجود نيّات إيرانية لإستخدام لبنان نقطة تجميع وانطلاق لحرب شعبية تشتمل على مقاتلين من العالم كله ضد إسرائيل.
- الثالث، سياسي قانوني، وتجهد إسرائيل في تطويره ليصبح ذا صلة بالشروط الدولية المطلوبة من لبنان للإلتزام بموجبات القرار 1701، وضمن هذا القسم تطالب تل أبيب الأمم المتحدة بالضغط على الدولة اللبنانية لوقف النشاط العسكري المشترَك بين «حماس» و«حزب الله» فوق أراضيها، وطرد قيادات عسكرية لـ«حماس» موجودة في لبنان.
وفي شأن القسم الأول المتعلّق بالشقّ المعلوماتي والإستخباري تورد تل أبيب أنّ طهران تريد عبر «حزب الله» في لبنان توسيع نشاطها ليشمل فلسطين المحتلة، وذلك من خلال بناء قوة عسكرية لـ«حماس» في لبنان تحت رعاية الحزب. وهو أمرٌ تعتبره إسرائيل تهديداً لأمنها وأنها ستنظر لاحقاً الى وجود «حماس» العسكري في لبنان- بحسب المصادر عينها- بالعين نفسها التي نظرت فيها الى الوجود العسكري الإيراني في جنوب سوريا.
وعليه فإنها ستتعامل مع هذا الوجود «الحمساوي» في لبنان بالطريقة العسكرية والأمنية والسياسية نفسها التي تعاملت وتتعامل بها حالياً مع وجود إيران و«حزب الله» العسكري في جنوب سوريا.
ويؤشر هذا التوصيف الاسرائيلي للعلاقة بين «حماس» والحزب في لبنان، ودائماً وفقاً للمصادر عينها، الى توجّهٍ إسرائيلي لاستهداف وجود «حماس» العسكري في لبنان وخلق سياقٍ تفاعليٍّ تصعيدي سياسي وعسكري ضده، شبيهٍ بالسياق الذي أنتجته إسرائيل ضد وجود الحرس الثوري و«حزب الله» في منطقة جنوب سوريا.
وتحدّد المعلومات الاسخبارية التي رفعتها الخارجية الإسرائيلية الى الأمم المتحدة مجموعة خطوط حمر، اعتبرت أنها لن تسمح بتجاوزها ضمن هذا الملف، وهدّدت بالتعامل معها بصفتها تهديداً مباشراً لأمنها، وأبرزها: إستمرار سماح الدولة اللبنانية باستضافة لبنان دائماً أو موقّتاً، وبنحوٍ شرعي وغيرِ شرعي، شخصيات خطرة على أمنها تنتمي الى «حماس» أو مرتبطة بها، أو لديها ارتباط مشترَك بين «حماس» و»الحرس الثوري الإيراني».
وأبرز هؤلاء صالح العاروري نائب رئيس «حماس» والتي تقول إسرائيل إنه مقيم في لبنان دائماً وهو على تنسيقٍ سياسيّ وعسكريّ مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. وأيضاً سعيد إيزاي الذي يصفه التصنيف الاستخباري الإسرائيلي المرفوع الى الامم المتحدة، بأنه رئيس «شعبة فلسطين» في «فيلق القدس».
وتسعى إسرائيل من اثارة هذا الملف في الامم المتحدة الى دفع الاخيرة للطلب من لبنان تحديد موقفه وتبيان الإجراءات القادر على اتّخاذها تجاه مسألتين:
- الأولى، وجود جسم عسكري «إرهابي» إضافي لكيان «حزب الله» فوق أراضيه.
- الثانية، وجود استضافة لبنانية لشخصيات خطرة منتمية الى «حماس» والى قنوات عسكرية مشترَكة بين «حماس» والحرس الثوري الإيراني.