من الأخطاء الطبية إلى أخطاء الأطباء إلى جشع المستشفيات الخاصة إلى سعر الدواء يبدو أن المواطن اللبناني سيبقى ضحية الفساد والسمسرات والتي تطاله على كل صعيد.
آخر أخبار الفساد الطبي ما أشارت إليه اليوم صحيفة الأخبار تحت عنوان " فساد سوق الدواء: الأسعار أغلى من أوروبا بـ700%!".
الصحيفة نقلت عن جمعية حماية المُستهلك لدى مقارنتها أسعار الدواء في لبنان مع تلك المعتمدة في دول تصنيعها، أن المواطن اللبناني يدفع نصف مليون ليرة إضافية سنوياً في دواء واحد.
وهذا يكفي للدلالة على أن سوق الدواء في لبنان هو أيضا تحت سلطة مافيا الفساد المالي والإداري الأمر الذي لو أضيف إلى الأزمات الصحية الأخرى التي يعانيها المواطن اللبناني فإننا نكون أمام مهزلة حقيقية وأمام استهتار حقيقي بوجع الناس وأمراض الناس بغياب المؤسسات المعنية في وزارة الصحة بل في كثير من الأحيان بتواطؤ منها.
ونقلت الأخبار أيضًا أن جمعية حماية المستهلك أعدّت جدولاً بعدد من الأدوية التي يفوق سعرها في لبنان مئات أضعاف سعرها في بلد المنشأ، لافتة الى تجاوز بعض الفروقات في السعر نسبة 763%، كما هي الحال بالنسبة لدواء Lipitor-Tahor 80 لتخفيف نسبة الدهن في الدم والذي يتناوله بعض مرضى القلب في شكل دائم. إذ يباع هذا الدواء في لبنان بنحو 99 ألف ليرة لبنانية، فيما يبلغ سعره في الدولة المُصنّعة له بما يعادل 13 ألف ليرة لبنانية!
أمّا بالنسبة لدواء Coaprovel لعلاج مرضى الضغط، فيباع في لبنان بنحو 51 ألف ليرة فيما سعره في الدولة المُصنّعة لا يتجاوز 11 ألف ليرة، وبحساب بسيط، فإنّ المريض المُقيم في لبنان يدفع ثمن هذا الدواء سنويا نحو 620 ألف ليرة، فيما يدفع المريض المُقيم في الدولة المُصنّعة له نحو 132 ألف ليرة، ما يعني أنّ «المريض اللبناني يدفع نصف مليون ليرة إضافية سنويا في دواء واحد»!
إقرأ أيضًا: أمة طائشة أم رصاصة طائشة؟
وأوضحت الجمعية أنها أعدّت الجدول لإعطاء «نموذج عن وضع الدواء في لبنان وسرقة المستهلكين بتواطؤ غير معلن بين بعض الموظفين في وزارة الصحة وبعض المستوردين».
ونقلت الصحيفة عن رئيس الجمعية الدكتور زهير برو قوله: "إنّ الحجّة الدائمة التي تتذرّع بها وزارة الصحّة هي اختلاف جدول التسعير بين لبنان والدول الأوروبية الذي يؤدي إلى هذا الفارق، إلّا أنّ الفرق يجب أن لا يتجاوز 30% حدّاً أقصى"، واتهمت الجمعية لجنة التسعير في وزارة الصحّة بخلق هذا الواقع الفاسد مُلمّحة الى الإستثناءات التي يعمد اليها وزير الصحة للموافقة على الأسعار التي يتقدّم بها المُستورد.
الدكتور اسماعيل سكرية النائب السابق والناشط في مجال الصحة ومتابعة قضايا الفساد الصحي تحدث إلى موقع لبنان الجديد مشيرًا إلى ضرورة العودة إلى قانون مهنة الصيدلة الذي يتضمن سبل وآليات معالجة ما يحصل اليوم وفيه من المواد ما يضمن حقوق المريض وحقوق الصيدلي في آن معا.
أشار سكرية أن القانون يلزم شركات الأدوية بإظهار سعر الأدوية في بلد المنشأ ويضمن حق الصيدلي ببعض الإضافات المشروعة فيتم تحديد الأسعار المناسبة.
أما ما يجري التداول به اليوم، فأشار سكرية إلى أنه نسف للقانون بشكل كامل بتواطؤ وزارة الصحة منذ عقود ولا مبالاتها في العلاقة بين شركات الأدوية والتجار في الخارج وبالتالي يدفع المريض اللبناني الثمن.