كان من الممكن أن تصدق توقعات البعض بألا يحمل مؤتمر حركة أمل الرابع عشر (المرتقب في نهاية أيلول المقبل) تغييراً استثنائياً كما حصل في المؤتمرين الأخيرين (2009 و2015). لكن الأرقام التفضيلية التي حققها نواب الحركة في الانتخابات النيابية الأخيرة تفترض بنظر رئاسة الحركة وقواعد حركية واسعة إعادة النظر في الأداء التنظيمي والعلاقة مع الجمهور.
في أيلول 2013، أرجأت هيئة الرئاسة في حركة أمل موعد المؤتمر الدوري الثالث عشر من ذلك العام إلى موعد أقصاه شهر آذار من العام 2015. بالاستناد إلى النظام الداخلي، يعقد المؤتمر العام وهو الهيئة الحركية الأعلى، كل ثلاث سنوات في حال لم تتطلب ظروف طارئة تأجيله.
بعد ذلك التأجيل، أطلق الرئيس نبيه بري عبر «الأخبار» وعداً بالتغيير، وقال «حيّ على خير التغيير في كل شيء وفي جميع المناصب». حينذاك، انطلقت ورشة عمل تنظيمية بعنوان «التغيير والتطوير واستقطاب الشباب»، وتم اقتراح استحداث مدرسة دائمة لإعداد الكوادر وتأهيلهم للمسؤوليات، فضلاً عن وعد بري بتغيير نحو 50 في المئة من وزراء الحركة ونوابها والالتزام بالمداورة في الفترات اللاحقة. فماذا حصل؟
يتوقف أحد الكوادر الحركيين عند النتائج التي حققتها حركة أمل في الانتخابات النيابية. «معظم مرشحي الحركة لم يبلغوا الحاصل الانتخابي المحدد في كل دائرة» من دوائر الجنوب. لم يتخطّ كثر الصدمة بعد. ليس لأن نواب الحركة فازوا بفضل الأرقام التفضيلية العالية التي نالها مرشحو حزب الله فحسب، بل لأن عدداً ليس بقليل من الحركيين المنتسبين جيّروا أصواتهم التفضيلية لغير المرشحين الحركيين.
وعد التغيير الذي لم يصدق في 2013، بقي حبراً على ورق في المؤتمر الثالث عشر الذي عقد في 2015. التمديد لهيئة الرئاسة، برئيسها وأعضائها الستة انسحب بنسبة كبيرة على أعضاء المجلس المركزي والمكتب السياسي والهيئة التنفيذية. فيما سجلت خروقات طفيفة في الأقاليم والمناطق والشعب الحركية. حتى إن تلك الخروق «ظلت محكومة بقدرة فئة محيطة ببري وتستأثر بالقرارات والمنافع» على حد تعبير أحد الحركيين المتحمسين للتغيير.
هل ينتظر أن يحصل تبديل في معظم الوجوه الخضراء في أيلول المقبل؟
طامحون كثر لخلافة محمد نصر الله وأبرزهم عضو هيئة الرئاسة قبلان قبلان
يسود همس في أوساط الحركيين بين فريقين: أول، يرجح بقاء الحال على ما كانت عليه في المؤتمرات السابقة وحصر التغييرات اللازمة في مواقع حركية محدودة. الفريق نفسه يتحدث عن تغيير حتمي في منصب رئيس الهيئة التنفيذية الذي يشغله محمد نصر الله الذي انتخب أخيراً نائباً عن البقاع الغربي. الطامحون لخلافته كثر، وأبرزهم عضو هيئة الرئاسة قبلان قبلان. إلا أن منصبه كرئيس لمجلس الجنوب قد يعرقل الأمر بسبب تعارض وظيفته العامة مع المنصب الحركي. وزارياً، يتوقع هؤلاء تطبيق فصل النيابة عن الوزارة.
أما الفريق الثاني، فإنه يرفع سقف التوقعات عالياً. يتحدث البعض عن مقترح يتم تداوله في الحلقة الضيقة باحتمال استقالة بري من رئاسة الحركة وتفرغه لرئاسة المجلس النيابي، على أن يرعاها سياسياً كرئيس فخري. لكن ذلك يفرض انتخاب شخصية بديلة منه قادرة على الإمساك بزمام الحركة تنظيمياً وشعبياً. الفريق نفسه يتحدث عن رغبة بري بإحداث صدمة سياسية وتنظيمية تفسح المجال أمام جيل الشباب للإمساك بمواقع حركية، بما يعيد الجاذبية إلى البنيان التنظيمي.