من المفترض أن يطغى ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية الجنوبية على ما عداه من الملفات في المرحلة المقبلة. لا يفصل البعض تطورات هذا الملف عن مسار تشكيل الحكومة. أي أن أي توافق سيحصل في هذه المسألة برعاية دولية، سينعكس عملانياً على أداء الحكومة العتيدة. في الأسبوع المقبل، سيعقد اللقاء الثلاثي في الناقورة، الذي يضم ممثلاً عن الجيش اللبناني وآخر عن جيش العدو الإسرائيلي برعاية الامم المتحدة. في الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا بحضور اللواء عباس إبراهيم وضباط الجيش المكلفين بلقاءات الناقورة، جرى التشديد على وجوب ترسيم الحدود وفق الاتفاقات المعترف بها. وتشير مصادر متابعة إلى أن لبنان يظهر اهتماماً أساسياً في فصل التفاوض بشأن الحدود البحرية عن البرية، ليضمن سلامة التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9.
أما في شأن الحدود البرية، فتشير المعلومات إلى أن شروع الإسرائيليين في تشييد الجدار الاسمنتي يتجدد، لكن من دون حصول أي اختراق للحدود اللبنانية، وسط تأكيدات من قوات الطوارئ الدولية والأطراف العاملة على خطّ الوساطة، أن الإسرائيليين لن يعتدوا على الحدود اللبنانية، وسيتم إنشاء الجدار في النقاط المتوافق عليها. ووفق المعلومات، فإن لبنان سيطالب بتحديد خطّ أزرق مائي مماثل للخط الأزرق على الحدود البرية، يوفر مظّلة آمنة للشركات التي ستعمل على التنقيب عن النفط. على أن يكون هذا الخط البحري متفقاً عليه دولياً، ويحظى برعاية أممية. ويتحدث المسؤولون اللبنانيون عن إيجابية في هذا الأمر. وهناك من يتوقع تحقيق تقدّم في الفترة المقبلة، مع مطالبة لبنانية بانسحاب إسرائيلي من القسم اللبناني لقرية الغجر. وهذا قد يخضع لمبدأ المقايضة أيضاً مع التسوية على البلوكات النفطية.
وهناك من يشير إلى أن لبنان سيبني على نتائج اللقاء المرتقب موقفه في شأن الدخول بمفاوضات حول الحدود البحرية أم لا. وهذا يتوقف على الاستعداد الإسرائيلي للاستجابة للشروط اللبنانية. وتشير مصادر متابعة إلى أن الأمر لن يحلّ سريعاً بل يحتاج إلى مزيد من الوقت، وسط معلومات تفيد بوجود توافق بشأن 5 نقاط ليبقى الأساس معلّقاً على 4 نقاط أخرى، أهمها في العديسة ورأس الناقورة. مع الإشارة إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين يستعجلون إنجاز الاتفاق لضمان حق لبنان النفطي، وعدم تأخير عمليات التنقيب، لأن أي تأخير سينعكس سلباً على لبنان، فيما إسرائيل ستكون قادرة على استخراج النفط من المياه الإقليمية اللبنانية.
في هذا السياق، برز موقف لوزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، الذي أعلن أن أفكاراً جديدة طرحت عبر قناة سرية أميركية للوساطة في نزاع بحري بين إسرائيل ولبنان بشأن أعمال التنقيب عن النفط والغاز. أضاف أن هناك بعض الأفكار الجديدة على الطاولة وأن هناك مجالاً للتفاؤل الحذر، لكن ليس أكثر من ذلك. على أن يتم التوصل خلال الأشهر المقبلة أو بحلول نهاية العام إلى حل جزئي للنزاع.
وترى المصادر وجود موقف متحمس لدى رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل بشأن الإسراع في حسم التوافق على حدود لبنان البحرية والبرية، وذلك لاعتبارات تفيد بأن قطاع النفط والغاز وحده القادر على إنقاذ لبنان من أزماته الاقتصادية. أما موقف الرئيس نبيه بري الذي كان يبدي تشدداً حيال المقترحات المقدّمة، لا سيما أنه يعتبر أن ما قدّمته خطة هوف أفضل من الطروحات التي قدّمها ديفيد ساترفيلد، فلديه الآن قناعة بأن المفاوضات غير المباشرة ستكون قادرة على تحسين وضع لبنان، وتحصيل أكثر مما هو مطروح عليه. بالتالي، لا داعي للتعجل، خصوصاً في ظل عدم وجود ضمانات جدية بهذا الشأن.
إلا أن بري كشف عن تلقي لبنان عرضاً جديداً من الأميركيين، للتفاوض على ترسيم الحدود الجنوبية، بما فيها مزارع شبعا، معتبراً أن لبنان يوافق على هذا المسعى، لكنه يقتضي وقف إسرائيل بناء الجدار العازل.
بعيد فشل وساطة ساترفيلد، طرح لبنان مسألة اللجوء إلى التحكيم الدولي، وذلك لتجنب الذهاب نحو مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين. ويملك لبنان وثائق وخرائط تثبت أحقيته البرية والبحرية، على كل المناطق المتنازع عليها. لكن هناك نصائح عديدة وصلت داعية لبنان إلى تجنب التحكيم، كي لا ينعكس سلباً على حقوقه. وهنا، نقلت قناة أميركية عرضاً إسرائيلياً فيما الاجتماع الثلاثي تحدّث عن طرح مضاد، وسيبدأ الأميركيون مفاوضات للتقريب ما بين العرضين.