كشف مصدر قيادي بارز في الحزب «التقدمي الاشتراكي» أن رئيسه وليد جنبلاط سيقوم في نهاية الأسبوع الجاري بزيارة للمملكة العربية السعودية، هي الأولى له منذ سنوات، يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان. واعتبرتها مصادرُ مواكبة للأجواء التي سادت التحضير لها عبر تواصل القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت الوزير المفوض وليد بخاري مع جنبلاط وقياديين في «التقدمي»، مؤشراً إلى عودة الحرارة إلى علاقة جنبلاط بالقيادة السعودية بعد أن مرت في مرحلة من البرودة.
وعلمت «الحياة» من المصادر المواكبة، أن جنبلاط سيتوجه إلى السعودية على رأس وفد حزبي، وقد يكون من بين أعضائه نجله رئيس «اللقاء الديموقرطي النيابي» تيمور جنبلاط في أول إطلالة له على الدول العربية، من البوابة السعودية.
وتولي المصادر نفسها أهمية خاصة للمحادثات التي سيجريها جنبلاط في السعودية في ظل الظروف السياسية الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية والساحة الإقليمية، لما للأخيرة من دور ريادي في دعم استقرار لبنان والوقوف إلى جانبه للنهوض بوضعه الاقتصادي في ضوء ما تحقق في مؤتمر «سيدر» في باريس في هذا الخصوص والذي كان فيه دور إيجابي للسعودية.
وتوقعت المصادر أن يحضر الوضع في لبنان بعد إجراء الانتخابات النيابية بامتياز، من باب تأكيد الثوابت السعودية القائمة على دعم الجهود الرامية إلى ترسيخ الاستقرار في لبنان وتحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة. وقالت إن التداول في الوضع اللبناني لا يعني أبداً الدخول في تفاصيله، لأن السعودية تنأى بنفسها عن التدخل فيها، وأن ما يهمها هو إجماع الأطراف اللبنانيين على التوافق لمصلحة العبور ببلدهم من أزماته إلى ما يفتح الباب أمام تحسين أوضاعه، لا سيما تلك ذات الطابع الاقتصادي والمالي.
وعلى صعيد موقف «اللقاء الديموقراطي» حيال المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، علمت «الحياة» أن النائب وائل أبو فاعور على تواصل مع وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري، إضافة إلى تواصله من حين لآخر وبعيداً من الأضواء مع الحريري.
وتؤكد مصادر «اللقاء الديموقراطي» أن لا تبدل في موقفه من تشكيل الحكومة، وأنه يصر على أن يتمثل بثلاثة وزراء من طائفة الموحدين الدروز في حال توصلت المشاورات الجارية على أكثر من صعيد إلى اتفاق يقضي بأن تتشكل الحكومة من 30 وزيراً.
وتلفت أيضاً إلى أن موقفه ينطلق من أن كتلة اللقاء الديموقراطي تضم 6 نواب دروز، يضاف اليهم النائب أنور الخليل الذي هو من الناحية السياسية يجمع في علاقته بين «اللقاء الديموقراطي» وكتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبالتالي يبقى النائب الدرزي طلال أرسلان وحيداً، بصرف النظر عن قيام «التيار الوطني الحر» بتشكيل كتلة نيابية مفتعلة تحت اسم «لائحة المصالحة في الجبل» تضم إضافة إلى أرسلان ثلاثة نواب هم أعضاء في لائحة «لبنان القوي» برئاسة جبران باسيل.
وتضيف أنه كان سبق لأرسلان أن أيد فور انتهاء الانتخابات النيابية عام 2009 ثلاثة نواب هم بلال فرحات (حزب الله)، وفادي الأعور وناجي غاريوس (تكتل التغيير والإصلاح)، وكلف أن يرأس كتلة نيابية باسم «وحدة الجبل»، لكن هذه الكتلة سرعان ما غابت عن السمع وتعذر عليها أن تثبت وجودها في المعادلة السياسية لأنها جاءت مركبة وسرعان ما انفض النواب الأعضاء فيها من حول أرسلان.
وفي هذا السياق، نقلت مصادر سياسية عن قطب سياسي بارز قوله أخيراً أمام زواره إن أرسلان أخطأ مرتين عندما قرر أن يخوض الانتخابات ضد اللائحة المدعومة من جنبلاط في الشوف وعاليه، الأولى سياسياً والثانية انتخابياً، وإن حساباته لم تكن في محلها، مع أن جنبلاط حرص على أن يترك المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً ليشغله أرسلان الذي فاز إلى حد ما بالتزكية لغياب أي منافس له.
وقال القطب السياسي إنه لم يفهم الأسباب التي أملت على أرسلان رفضه العرض الذي قدمه له جنبلاط قبل أسابيع من موعد إجراء الانتخابات وأبدى فيه استعداده للتحالف معه على أن يترشح على اللائحة المدعومة من «التقدمي» و «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» إلى جانب القيادي في حزبه النائب السابق مروان أبو فاضل.
وكشف القطب أنه تدخل شخصياً لدى جنبلاط الذي لم يمانع في أن يترشح فيصل الصايغ في بيروت على اللائحة التي ترأسها الرئيس الحريري على أن يزور ارسلان في منزله في خلدة ليكون بمثابة قاسم مشترك بينه وبين جنبلاط، لكن أرسلان رفض العرض، إضافة إلى أنه عرّض علاقته بالرئيس بري و «حزب الله» إلى فتور، ويحاول الآن زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية التدخل لمصالحته مع قيادة الحزب.
وأكد القطب النيابي نفسه أنه لم يفهم «الإغراءات» التي قدمها باسيل إلى أرسلان ودفعته إلى ترؤس لائحة عن دائرة «الشوف- عاليه» منافسة للائحة تحالف «التقدمي» و «المستقبل» و «القوات».
لذلك، يواجه توزير أرسلان صعوبة طالما أنه أوصد الباب أمام تصحيح علاقته بجنبلاط، وسيصطدم إصرار باسيل على توزيره بـ»فيتو» من «اللقاء الديموقراطي»، خصوصاً أنه لا يملك السلاح السياسي الذي يسمح له بتسويقه وزيراً، هذا إلا في حال مبادرة أرسلان إلى تسليم مناصره أيمن السوقي المتهم بقتل المسعف علاء أبي فرج في الشويفات، والذي تبين أنه فر إلى سورية من طريق البقاع إلى بلدة القصير في داخل الأراضي السورية.
فتسليم السوقي يمكن أن يعيد التواصل بين جنبلاط وأرسلان، وإلا فإن توزير الأخير سيدفع في اتجاه المزيد من التأزم ولو أعطي «التقدمي» وزيراً مسيحياً لمقايضته بموافقته على توزير أرسلان.
وعليه، فإن لا مصلحة لأرسلان في أن يضع كل أوراقه السياسية في سلة باسيل الذي هو موضع انتقاد من «التقدمي» و «القوات» وحركة «أمل»، على خلفية استمراره في اتخاذ مواقف سياسية نافرة ضد من يعارضه، وهذا لا يخدم العهد الذي يتطلع إلى تشكيل حكومته الأولى، ولا الحريري الذي يصر على أن تأتي حكومته متجانسة وجامعة وليست فضفاضة لتوزيع جوائز ترقية على هذا أو ذاك شرط أن ترى النور في أسرع وقت ممكن، لأن البلد لا يحمل أن يدار لأمد طويل بحكومة مستقيلة تتولى تصريف الأعمال على نطاق ضيق وبلا قرارات تصدر عنها.
ويبدو أن «حزب الله» أبدى تفهماً لوجهة نظر جنبلاط حيال المواقف التصعيدية النافرة التي تصدر عن باسيل، وهذا ما تبلغه لدى استقباله أخيراً المعاون السياسي لأمينه العام حسين خليل ومعه مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا في حضور القيادي في «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي.
ويكفي ما نقل عن خليل من قوله في اللقاء إن الحزب يركز على تعاطيه المباشر مع رئيس الجمهورية ميشال عون في معظم الأمور السياسية.