مجموعة الدول المصدرة للنفط الـ٢٤ التي تعاونت لتخفيض الإنتاج بـ 1.8 مليون برميل في اليوم حتى نهاية هذه السنة، تعقد اجتماعاً على هامش مؤتمر الأوبك في فيينا في ٢٢ حزيران (يونيو) الجاري، وذلك في ظل خلافات حول اتجاه السعودية وروسيا للعودة إلى زيادة الإنتاج من اجل استقرار السوق وتعويض أي نقص يحدث بسبب العقوبات على إيران وفنزويلا. ويظهر أن الوضع النفطي الفنزويلي يتدهور يوماً بعد يوم، إضافة إلى مشاكل الحقول التي تهالكت فيما العقوبات الأميركية ستؤثر في قدرة فنزويلا على تمويل مشاريع جديدة. وقد توقّعت مصادر الصناعة النفطية المزيد من الانخفاض الإنتاجي الفنزويلي شهرياً قد يبلغ ٧٠ إلى ٨٠ ألف برميل في اليوم.
وعودة العقوبات الأميركية على إيران وتنفيذها ابتداء من تشرين الأول (نوفمبر) ستؤدي أيضاً إلى تخفيض في إمدادات أوروبا من النفط الإيراني، وقد كثر كلام الأوروبيين أنهم يرفضون الضغط الأميركي عليهم وأنهم يبحثون عن طرق لتفادي تنفيذ العقوبات الأميركية على طهران. ولكن، في نهاية المطاف، سيكون من الصعب جداً على أوروبا إيجاد حلول للوضع، فمثلاً شركة «توتال» التي تشتري نفطاً إيرانياً لديها مصالح كبرى في الولايات المتحدة ولن تجازف بذلك لحساب شراء نفط إيراني أو حتى للاستثمار في مشروع الغاز في ساوس بارس.
في النهاية هناك كميات من النفط ستغيب عن الأسواق، لذا يدرس الوزير السعودي خالد الفالح والروسي ألكساندر نوفاك العودة عن قرار التخفيض وتدريجاً. ومنذ أن تم إعلان ذلك انخفضت أسعار النفط بعد أن وصلت إلى ٨٠ دولاراً لسعر برميل البرنت في الشهر الماضي ما أثار تهجّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حينه على سياسة «أوبك». وقد عقد وزراء نفط السعودية والكويت والإمارات والجزائر وعُمان اجتماعاً في الكويت الأسبوع الماضي وأصدروا بياناً يؤكد الحاجة إلى سوق نفطية مستقرة. والسؤال الآن ما هي الزيادة المطلوبة لتأمين هذا الاستقرار وتجنيب السوق فائضاً نفطياً جديداً يدفع بأسعار النفط إلى التدهور. لا شك في أن عدداً من دول أوبك سيرفض هذا التوجّه لزيادة الإنتاج، في طليعتها إيران لأسباب سياسية واضحة، ولكن، هناك دول تريد المزيد من العائدات ولن توافق على مبدأ الزيادة.
في نهاية المطاف الدولتان الأساسيتان في مجموعة الـ٢٤ هما السعودية وروسيا لأن إنتاجهما الأكبر والأهم في السوق العالمية، والشركات الروسية تعوّل منذ فترة على العودة إلى رفع إنتاجها خوفاً من منافسة النفط الأميركي في أسواقها. أما السعودية فحريصة على استقرار السوق لكنها أيضاً حذرة لأنها لا تريد أسعار نفط متدنية تؤثر في الاستثمارات. وقد يكون الحذر عنوان الاتجاه المقبل لمؤتمر منتجي النفط في فيينا لأن لا أحد في النهاية يريد انخفاضاً كبيراً في الأسعار، لذا قال خالد الفالح في أحد تصريحاته أنه ربما تعود مجموعة الدول الـ٢٤ إلى زيادة إنتاجها تدريجاً، وعلى هذه الدول أن تراقب المستوى النفطي الذي سينقص في الأسواق بشكل دقيق، لئلا تخلق مجدداً فائضاً يؤدي إلى تدهور الأسعار.
من الصعب الآن وضع رقم دقيق حول كميات النفط الإيرانية والفنزويلية التي ستغيب عن الأسواق لكي يتم الاتفاق على الكميات التي تنبغي زيادتها، لكن لجنة أوبك الاقتصادية كالعادة تدرس مسألة العرض والطلب وتضع الأرقام التي كثيراً ما تتم مراجعتها وفقاً لتطورات السوق النفطية، وعلى رغم أن قرار زيادة الإنتاج أصبح حتمياً فالمستوى غير معروف بشكل حاسم، وينبغي أن يكون الحذر عنوان المرحلة لئلا تقع الدول المنتجة للنفط مجدداً في أزمات تمويلية.