عادت قضية الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة حيث من المتوقع أن تتكثف المباحثات حول هذا الأمر بعد تقديم قائد «قوات اليونيفيل» اقتراحا جديدا للحل، في وقت أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أن أفكارا جديدة طرحت عبر قناة سرية أميركية للوساطة في النزاع البحري بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط مرجحا التوصل إلى اتفاق خلال هذا العام. وبعد اللقاء الثلاثي الذي عقد يوم أول من أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، سيعقد في الأيام المقبلة لقاء ثلاثي بصفة دورية غير مباشر بين لبنان وإسرائيل بواسطة الأمم المتحدة في نقطة الناقورة الحدودية لاستكمال المفاوضات التي تهدف على الأقل في المرحلة الأولى إلى إيجاد حلول للحدود البرية، بحسب ما أشارت إليه مصادر وزارية. وكشفت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، عن تقديم قائد «اليونيفيل» مايكل بيري، اقتراحا جديدا للحل وضع على طاولة البحث رافضة إعطاء المزيد من التفاصيل، مشيرة كذلك إلى استكمال الجهود الأميركية في هذا الإطار وتحديدا تلك التي كان قد بدأها نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد الذي زار لبنان وإسرائيل في شهر فبراير (شباط) الماضي والتقى المسؤولين من الطرفين للبحث في الحل منعا لأي مواجهة بينهما. مع العلم أنه وبعدما أحيل ساترفيلد إلى التقاعد من المتوقع أن يستكمل هذه المهمة خلفه ديفيد شينكر الذي سيؤدي اليمين الدستورية يوم الخميس المقبل أمام الكونغرس.
وأشارت «وكالة الأنباء المركزية» أن «الجدار الإسمنتي سيكون على جدول أعمال اللقاء الثلاثي في الناقورة، فضلا عن الطلب اللبناني لليونيفيل برسم خط أزرق مائي في المنطقة البحرية ما يضمن حرية عمل الشركات المكلفة التنقيب عن النفط في المنطقة اللبنانية الخالصة. إضافة إلى انسحاب إسرائيل من القسم اللبناني لبلدة الغجر والخروقات الإسرائيلية البرية والجوية للخط الأزرق».
وعن موضوع الجدار، أكد قائد القطاع الشرقي وقائد الكتيبة الإسبانية العاملة في إطار «اليونيفيل» في الجنوب الجنرال خوسيه لويس سانشيز مارتينيز لـ«المركزية»، أن «إسرائيل تبني الجدار الإسمنتي في المناطق المتفق عليها، وحتى الآن لا يوجد أي تعد على الأراضي اللبنانية»، مشيرا إلى أن «إسرائيل ملتزمة إلى الآن بعدم اجتياز الخط الأزرق، ونحن نراقب يوميا المناطق التي تعمل فيها، ونسجل عدد ألواح الباطون التي يضعها الجنود الإسرائيليون لاستكمال بناء الجدار».
مع العلم أن الموقف اللبناني الرسمي يشدّد على التمسك بخط الهدنة لعام 1949 مع التأكيد على أن الخط الأزرق الذي فرضه القرار 1701 ليس هو حدود لبنان الجنوبية، وما يسري حدودياً على البر ينبغي أن يسري في البحر. وحول الخط الأزرق المائي، قال مارتينيز إن «الخط يقع في القطاع الغربي في اليونيفيل، ويعمل المسؤولون المعنيون على تذليل العقبات».
وفي الجانب الإسرائيلي، اكتفى وزير الطاقة يوفال شتاينتز الذي يشرف على التنقيب عن الطاقة في إسرائيل ويقود المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، بالقول لـ«وكالة رويترز»، إن أفكارا جديدة طرحت عبر قناة سرية أميركية للوساطة في نزاع بحري بين إسرائيل ولبنان بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، مضيفا أنها تعزز احتمالات التوصل لاتفاق جزئي هذا العام.
وبدأت إسرائيل خطة تنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط قبل عشرة أعوام تقريبا بعد اكتشاف حقلين ضخمين للغاز. وتم اكتشاف حقول أخرى في مصر وقبرص وتنقب الشركات الآن في المياه اللبنانية أيضا.
وقال شتاينتز إن جيسون جرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط، يشارك أيضا في الجهود، مضيفا: «هناك مجال للتفاؤل الحذر لكن ليس أكثر من ذلك. أتمنى أن نتمكن خلال الشهور المقبلة أو بحلول نهاية العام من التوصل إلى حل أو على الأقل حل جزئي للنزاع... لم تتم تسوية شيء بعد».
ومما لا شك فيه أن أي حل سينعكس إيجابا على البلدين في وقت يبدأ العمل والتخطيط للتنقيب عن النفط.
وقسم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، ووقّع قبل نحو أربعة أشهر عقود استكشاف الغاز والنفط في «البلوكين» 4 في الشمال و9 في الجنوب مع تحالف الشركات الأجنبية، الذي يضمّ «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتك» الروسية. وتقع الرقعة الرقم 9 بمحاذاة منطقة متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً.