تسارعت الأحداث بوتيرة مرتفعة على خط إيجاد تسوية وحل متكامل لموضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان والكيان الصهيوني .
وقد برزت في الأيام الماضية عدة معطيات توحي بوجود جو إيجابي حول الموضوع ، وتؤكد أن الأمور متجهة إلى حلّ بين الطرفين ، ما يجعل شبح الحرب يبتعد كخيار في هذه الفترة .
أولى هذه المعطيات ، الإجتماع الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا منذ يومين والذي ضم الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ، حيث أعلن بري بعد الإجتماع وبشكل غير متوقع أنّه كان مُخصّص للحديث عن الموضوع النفطي وترسيم الحدود ، في وقت كان ينشغل الرأي العام اللبناني بمرسوم التجنيس .
إشارة أخرى جاءت من إسرائيل على لسان وزير طاقتها يوفال شتاينتز الذي قال أن :" أفكاراً جديدة طرحت عبر قناة أميركية سرية للوساطة في نزاع بحري بين إسرائيل ولبنان عقّد أعمال التنقيب عن النفط والغاز ، وهناك بعض الأفكار الجديدة على الطاولة . إنّها أكثر مما يمكنني مناقشته، حيث هناك مجال للتفاؤل الحذر لكن ليس أكثر من ذلك . أتمنى أن نتمكن خلال الشهور المقبلة أو بحلول نهاية العام من التوصل إلى حل أو على الأقل حل جزئي للنزاع ، ولم تتم تسوية شيء بعد ".
وجاء تصريح آخر للرئيس بري أمام زواره بالأمس أن لبنان تلقى عرضاً من الأميركيين للتفاوض من أجل ترسيم الحدود الجنوبية بما فيها مزارع شبعا ، وأعلن بري أنّه موافق على العرض ويستوجب ذلك وقف إسرائيل لبناء الجدار .
بالمقابل ، أفادت مصادر لجريدة " الجمهورية " عن حصول إجتماع بين إسرائيل ومثّلها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأميركا عبر مسؤولين مهتمين بالنفط حول الموضوع في تل أبيب ، وأن العرض الإسرائيلي للحل المتكامل لموضوع الحدود جاء بعد هذا الإجتماع.
لذلك تُوحي جميع المعطيات إلى وجود نوايا جادة لدى الطرفين لإيجاد حل متكامل حول الموضوع ، سواء الحدود البرية ( مزارع شبعا وكفرشوبا ) والبحرية عند البلوكات المتنازع عليها .
إقرأ أيضا : 400 مليار دولار قيمة الغاز والنفط في لبنان ، من سيحمي الثروة الوطنية؟
لكن لبنان الرسمي ومن خلفه الشعبي يرفض الذهاب إلى مفاوضات ثنائية مباشرة مع إسرائيل ، لكي لا تُعتبر خطوة لبنانية على خط الإعتراف الرسمي بالدولة الإسرائيلية ، لذلك يتصرّف لبنان على أساس الحد الأدنى من الواقعية السياسية والمصلحة الإقتصادية ، وهو يقبل بمفاوضات برعاية الأمم المتحدة وقد تحضر الولايات المتحدة الأميركية في الناقورة .
وبعيدا عن بروتوكولات التفاوض ، ففي حال تم الإتفاق ، هذا يعني أن لبنان سيبدأ التنقيب عن النفط براحة وسيجذب المزيد من الشركات العالمية إلى المنطقة ، وبالتالي سيدخل رسمياً نادي الدول النفطية .
لكن الأهم من كل ذلك ، أن المنطقة الحدودية في الجنوب اللبناني مُتجّهة إلى المزيد من الإستقرار والإزدهار ، كون هذه الشركات العالمية هي بحد ذاتها تُشكل ضمانة أمنية أولاً لمصالحها وثانياً للمنطقة التي ستستثمر فيها ، ومعظم هذه الشركات هي شركات نفط أوروبية وأميركية ، ولن يعود من مصلحة أحد، سواء الإسرائيلي أو اللبناني أن يذهب إلى حرب .
وقد شهدت أسعار العقارات على الخط الساحلي خصوصاً في منطقة الناقورة إرتفاعاً ملحوظاً منذ بدء الحديث عن الموضوع النفطي.
أما ترسيم الحدود البرية بما يخص مزارع شبعا وكفرشوبا ، في حال تم أيضا ، فهو سيُشكل ضمانة إضافية لتعزيز الأمن والإستقرار في الجنوب ، خصوصاً أن هذا الملف يُعتبر نقطة حسّاسة وعامل توتير أمني وعسكري بين لبنان وإسرائيل منذ ما بعد ٢٥ أيار ٢٠٠٠.
في ظل كل هذه التطورات ، لم يصدر بعد موقف رسمي من " حزب الله " حول الموضوع ، فموقف الحزب مهم كونه عامل أساسي في إستقرار الجنوب أو إندلاع أي حرب مستقبلية .
لكن بالمحصّلة ، تتجه الأمور إلى حلول بشكل عام ، فليس من مصلحة أحد إندلاع حرب في تلك المنطقة.