في الحلقة الــ 13 (بثت يوم 29 أيار/ مايو)، من المسلسل الرمضاني «الهيبة - العودة» (تأليف سيناريو وحوار باسم سلكا- إخراج سامر البرقاوي)، أثار الجدل مشهد تعنيف «جبل» (تيم حسن) لزوجته «سمية» (نيكول سابا). مشهد يضاف الى جرعات الدماء والقتل و«البلطجة» وحتى الإتجار بالنساء في هذا الجزء. مجموعة عوامل ضمها الجزء الثاني من «الهيبة»، الذي يتعرض لانتقادات واسعة، ولا يحظى بالصيت الذي انتزعه الجزء الأول (كتابة هوزان عكّو - إخراج سامر البرقاوي)، بسبب هزالة أحداثه، والاستعانة بمشاهد العنف لتغطية هذه الثغر. المشهد الذي يضرب فيه جبل زوجته بعنف شديد، ويستخدم الحزام الجلدي ويبرحها ضرباً الى أن يصل صراخها الى الغرفة الأخرى، حيث تجلس أم جبل «ناهد» (منى واصف)، ومنى (روزينا لاذقاني) قرب «صخر» (أويس مخللاتي)، المريض، قابله مشهد آخر: تحاول منى النهوض لمساعدة زوجة شقيقها. هنا، تمسك «أم جبل» بعصاها وتمنعها من التقدم خطوة باتجاه غرفة «جبل».
تُستشفّ سريعاً رغبة المرأة الهرمة وصاحبة السلطة في المنزل، موافقتها على ضرب ابنها لزوجته، وإيلامها. استقبلت هذا الأمر ببرودة لافتة كما ظهر، بخلاف ابنتها التي لم يكن بيدها حيلة سوى التأثر والبكاء على ما يحصل. في هذا المقطع، الذي عنونته mbc: «سمية تدفع ثمن ثرثرتها»، تواطؤ بل تشجيع وتبرير واضح للتعنيف الأسري وضرب المرأة بهذه الوحشية. «سمية» ضُربت لأنها أخرجت أسرار منزل عائلة «جبل شيخ الجبل» الى العلن. ولذا وفق سياق المسلسل، فهي تستحق أن تُضرب وتُهان، وتُعامل بهذه الوحشية رغم أنه في حديثها الأخير مع «جبل» قبل ضربها، تحذّره سمية من لمسها مرة ثانية، قائلةً: «شيل إيدك عني (..) إذا إيدك بعد بتمدّها بكسرها». طبعاً، التهديد الذي خرج من امرأة ضعيفة البنية، لم يشفع لها، بل نالت جرعات عالية من العنف وملأ صراخها أرجاء «الهيبة» (القرية البقاعية المتخيّلة).
المرأتان ـــ ناهد التي وافقت من دون تردد على ضرب ابنها لزوجته «عقاباً» لها، و«سمية» التي عنّفت في مشهد درامي مخيف ـــ شخصيتان، رسمهما الكاتب باسم سلكا، وأضاف الى سجل الجزء الثاني، جرعات جديدة من العنف المجاني والإثارة المطلوبة لشدّ الأنظار الى عمله الرمضاني. في «الهيبة - العودة»، تكريس لسلطة ذكورية (متمثلة في امرأة أو برجل)، بأناس يرزحون تحتها مسحوقين. أما المرأة فهي الحلقة الأضعف هنا. أضف الى مشهد تعنيف سابا، مشاهد أخرى تخص شبكة الإتجار بالنساء، التي ترأسها امرأة تتحدث باللهجة البعلبكية، مكوّنة من نساء (من الجنسية السورية) منهنّ صغيرات في العمر، وأيضاً بالغات. خلطة وضعها سلكا، رسمت صورة مهينة للنساء، ومشجعة على استغلالهنّ والإتجار بهنّ بخلاف ما شاهدناه العام الماضي، مع الكاتب هوزان عكوّ، الذي وضع لمساته على الجزء الأول.
تعنيف نيكول سابا وتكريس للسلطة الذكورية
صحيح أن «ناهد» بقيت على صورتها كامرأة صلبة، ذائبة في العادات والتقاليد، تفرض على باقي أفراد عائلتها الالتزام بها، ولو بخلاف إرادتهم، فيما «عليا» (نادين نجيم)، تمردت في البداية، على ما فُرض عليها، لكنها رضخت في ما بعد خوفاً من سلبها ابنها الصغير، الا أن هناك مشهداً لا يمكن نسيانه في ذاك الجزء: مشهد جمع بين الأم (ناهد)، وزوجة ابنها (عليا)، وشقيقته (منى)، يحملن السلاح في منزل العائلة ويسهرن على حماية بيوتهن من أي «غزو» خارجي، بعد غياب كل رجال عائلة «جبل شيخ الجبل». مشهد عزّز فيه دور المرأة ومكانتها، وأيضاً عدم حاجتها لأي رجل «يحميها» أو يساندها. تبادل أدوار أجراه عكّو هنا في قلب «الهيبة»، وتقاليدها الصعبة وذهنيتها القاسية، كان بمثابة قفزة الى الأمام، ليعود ويُهبط اليوم، مع الجزء الثاني، الذي كرّس أكثر مكانة مهينة للمرأة ولصورتها وكيانها.