هل نجح الاجتماع الثلاثي، الذي عقد في قصر بعبدا، اولا بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، ثم انضم إليه الرئيس سعد الحريري، فاللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام، في فك الارتباط ما بين مرسوم التجنيس، الذي شكل صدمة للرأي العام الرسمي والسياسي والشعبي، وإصدار مراسيم تأليف الحكومة الجديدة، التي تأتي وسط حالة تشكيك ويأس، وحملات متبادلة، واستنفارات سياسية، وغموض يلف الوضع من اوله إلى آخره.
الهجوم للدفاع!
وبدا واضحاً، بعد أكثر من أربعة أيام من الصمت، ان الدولة، أو المرجعيات الرسمية فيها، استرجعت زمام المبادرة في موضوع مرسوم التجنيس الذي أخذ رقماً هو 2943وتاريخاً هو 11 أيار 2018 أي قبل استقالة الحكومة من خلال الهجوم الذي شنته على المعارضين من سياسيين واحزاب، للدفاع عن المرسوم والأسماء التي وردت فيه، والحق الدستوري الذي يملكه رئيس الجمهورية في التوقيع على مراسيم التجنيس، بغض النظر عما اذا كان المرسوم قد جمّد تنفيذه أو علق، ريثما يكون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد انتهى من عملية «تنظيفه»، لينشر، ولكن ليس على غرار المرسوم الصادر في العام 1994، بل لأنه تحول إلى قضية «رأي عام»، بحسب ما أوضح وزير الداخلية.
وفيما التزمت دوائر بعبدا الصمت، على الرغم من المتابعة الحثيثة للموضوع من قبل الرئيس عون، تولى حملة الدفاع عن المرسوم الوزيران نهاد المشنوق بصفته الوزير المعني بالتوقيع الثالث، باسيل رغم انه ليس معنياً به وإنما من باب الدفاع عن العهد، وذلك قبل ان ينضم إليهما غروباً الرئيس الحريري، في أعقاب اللقاء الثلاثي، الذي جمع مع الرئيسين عون وبرّي في بعبدا، من دون ان يكون له علاقة بمسألة تأليف الحكومة، بل بحسب ما أكّد الرئيس برّي كان لموضوع ترسيم الحدود الجنوبية، وهو ما أكده الحريري ايضا، ولكنه في رده على أسئلة الصحافيين، بدا ممتعضاً من الضجة المثارة حول المرسوم مستغرباً جعل «كل حبة قبة»، داعياً كل من لديه اعتراض فليتوجه إلى القضاء، مشددا على حق رئيس الجمهورية في إصدار المراسيم، لكنه استدرك بأنه إذا كانت هناك ملاحظات عن الشفافية وغيرها فنحن نرغب بذلك، لافتاً إلى ان هناك مشكلة طائفية في الموضوع، لكن النقاش حول التجنيس يجب ان يحصل داخل مجلس النواب، خاصة وان هناك العديد من القوانين تخضع للنقاش حول إعطاء المرأة اللبنانية الحق في منح الجنسية لاولادها.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه لم يتم حتى الان تنفيذ أي إجراء يتصل بمرسوم الجنسية ولم تطلب جوازات السفر أو غير ذلك، وأشارت إلى أن ما سرب من أسماء في هذا المجال غير صحيح حتى أن بعضهم نفوا ذلك، كما أن هذه الأسماء رميت للتشهير.
وأوضحت أنه تمت مراعاة الأصول في المرسوم، مضيفة انه نتيجة لما جرى حول الموضوع طلب إلى المدير العام للأمن العام معالجة الموضوع. وقد استلم الملف وستبدأ الأمور بأخذ مجراها الطبيعي في هذا الشأن. 
وأشارت إلى أنه لا يمكن مقارنة هذا المرسوم بمرسوم العام 94 الذي كانت الأسماء فيها كثيرة.
ولفتت إلى أن أي التباسات يتم تصحيحها، وأكدت أن وزارة الداخلية هي الجهة التي ترفع الأسماء بعدما تكلف الدوائر المختصة، غير أن هذا لا يعني أن هناك طلبات مقدمة من رئيس الجمهورية من أكثر من مناسبة تم تجميعها وهي تضم حالات إنسانية تمت مقاربتها بجدية.
 وسألت لماذا الحملة على الرئيس عون فقط مع العلم أن المرسوم يمر عبر قنوات معروفة قبل الوصول الى القصر الجمهوري. إلى ذلك توقعت المصادر أن يتم نشر الأسماء التي نالت الجنسية.
المشنوق
اما الوزير المشنوق، فقد كان حاسماً تجاه الذين راجعوه أمس، من وفود أحزاب الكتائب و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي طالبين نسخاً من مرسوم التجنيس ليصار إلى اتخاذ المقتضى القانوني حياله. وهو ابلغهم ان وزارة الداخلية احالت القضية إلى هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل لحسم مسألة ما إذا كانت الداخلية هي الجهة المخولة تسليم نسخ المرسوم، علماً ان الوزارة تعتبر ان رئاسة الجمهورية هي المرجع الصالح، أو انها ملزمة بتسليم نسخ المرسوم إلى النواب الذين يطلبون ذلك، وبالتالي فإنه في انتظار رأي هيئة التشريع ليس بإمكانه إعطاء نسخة من المرسوم المذكور إلى أي كان.
وسبق للمشنوق ان اجتمع قبل لقاءاته بوفود الأحزاب الثلاثة، بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وتابعا معاً حيثيات المرسوم وطلب الرئيس عون من إبراهيم إعادة التأكد من ان كل الذين وردت اسماؤهم في المرسوم يستحقون الجنسية اللبنانية.
وأوضح المشنوق بعد ذلك انه كان طلب من المراجع الثلاثة المختصة، أي «النشرة القضائية اللبنانية»، وشعبة المعلومات والانتربول الدولي مراجعة كل الأسماء الواردة في المرسوم وابداء الملاحظات وارفاق التحقيقات والتقارير بملفاتهم، ثم ارفق هذه التحقيقات بالمرسوم واحاله إلى رئيسي الجمهورية والحكومة لاجراء المقتضى، وعلى هذا الأساس، أضاف المشنوق، تمّ حذف مجموعة من الأسماء تبين انها لا تستوفي الشروط القانونية.
ولاحقاً، زار وزير الداخلية قصر بعبدا والتقى الرئيس عون، وأكّد بعده ان الرئيسين عون والحريري لن يتراجعا عن المرسوم، وانه اتفق مع إبراهيم على تدقيق رابع في أسماء المجنسين، داعيا من لديه أي دليل إلى رشاوى أو ادانات ليقدمه تمهيدا للتحقيق فيه بعيدا من المزايدات السياسية، ومؤكدا ان المرسوم لا يتضمن أياً من الأسماء التي حولها شبهات أمنية أو مشاكل.
... وباسيل
ومن دون ان يكون معنياً بالملف، دخل الوزير باسيل على خط الدفاع عن المرسوم، من خلال مؤتمر صحفي عقده في الخارجية أكّد فيه ان كل تجنيس جماعي يُهدّد الهوية أمر مرفوض وكل تجنيس افرادي يُعزّز الهوية أمر مرغوب، مشيراً الى ان التجنيس الجماعي هو على شكل ذلك الذي حصل في العام 1994 والذي أخل بالتوازنات في الداخل عن قصد.
وإذ أعلن انه ليس مع المال مقابل إعطاء الجنسية، طالب رئيس الجمهورية بالاستمرار في صلاحية إصدار مراسيم التجنيس مقترحاً ان تصبح هذه المراسيم شهرياً، رغم انه أكد بعد ذلك ان الجنسية ليست للمتاجرة.. ورأى أن أهداف الحملة الي تحصل واضحة وهي الهجوم على العهد ورئيسه، لكن ذلك لن يغطي جريمة سكوتهم عن محاولة توطين مليون ونصف مليون سوري ان بالمشاركة أو بالتفرج، لافتاً إلى ان تجنيس بضع مئات لا تمكن مقارنته بتوطين الملايين.
وكان باسيل تلقى أمس من نظيره السوري وليد المعلم رسالة طمأنه فيها بصدد القانون رقم 10 الذي أصدره الرئيس بشار الأسد بخصوص نزع الملكية لمن لا يثبتها ضمن مهلة سنة للسوريين النازحين خارج سوريا، سلمها  إليه  السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وليس سفير لبنان في دمشق، بما يُشير إلى ان الاتصالات بين الوزيرين في شأن موضوع  النازحين بلغت مستوى سياسياً، يتجاوز المهمات التي يقوم بها اللواء إبراهيم بخصوص إعادة هؤلاء، ومن بينهم ثلاثة آلاف سوري سينتقلون من عرسال إلى الداخل السوري أوائل الشهر المقبل،  الى جانب دفعة من النازحين في منطقة العرقوب.
اجتماع بعبدا
إلى ذلك، نفت مصادر مطلعة أن يكون الاجتماع الرئاسي الثلاثي الذي انعقد في قصر بعبدا تناول ملف الحكومة بشكل مفصل والذي أتى غداة اتصال أجراه الرئيس عون بالرئيس برّي مساء الأحد، وتم الاتفاق علىالاجتماع.
  وأفادت المصادر أن تأكيدا برز على دعم جهود رئيس الحكومة المكلف في مهامه. وأفادت أن الرؤساء الثلاثة تطرقوا إلى موضوع الجنسية وكان التوجه لأن تكون هناك دراسة مفصلة في الأمن العام  كي يبنى على الشيء مقتضاه.
 أما في ملف الحدود فعرضت كل المعطيات قبيل بدء مهمة اللجنة الثلاثية في الناقورة قريبا على أنه لم يعرف ما إذا كان ترسيم الحدود البرية  يسبق الحدود البحرية وما إذا كان بإمكان فصل هذا الترسيم عن ذاك. ولفتت المصادر إلى أن الجو الإيجابي بين الرؤساء يسمح بتجاوز أي مطبات، ومن ذلك أن يقوم صراع توزيع الحقائب في ملف تشكيل الحكومة.
ورجحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان تبقى الحقائب السيادية في إطار التوزيع ذاته الذي كان في حكومة استعادة الثقة مع تبدل في الأسماء. كما لم تستبعد المصادر نفسها ان تضم الحكومة وزارات دولة خصوصاً في التخطيط ومكافحة الفساد ورئاسة الجمهورية.
وكان الرئيس الحريري أبدى اطمئنانه بعد الاجتماع إلى ان الأمور تسير كما يجب في موضوع تشكيل الحكومة، آملا ان تنعكس الإيجابية السائدة بين الجميع على التشكيل في أسرع وقت ممكن، من دون التوقف عند وزير من هنا أو وزير آخر من هناك، لافتا إلى ان الوضع الاقتصادي صعب ويجب تشكيل الحكومة في أسرع وقت، داعيا الأحزاب إلى التعاون مشيرا إلى انه يلمس تجاوبا كبيرا في هذا المجال من قبل «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«المردة» وحركة «امل» وكل الأحزاب الأخرى.
لا شيء محسوماً
الا ان مصادر متابعة للملف الحكومي، لفتت إلى ان لا شيء محسوماً بعد، لا بالنسبة لعدد الوزراء لـ24 أو 30 او 32) ولا بالنسبة لتوزيع الحقائب، وان كل الامور قابلة للنقاش، ووسط تضارب الاجواء بين متفائلة بولادة التشكيلة بعد عيد الفطر ومتشائمة بتأخيرها الى حين تذليل العقد المطروحة حول التمثيل المسيحي(بين التيار الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب والمستقلين)، والتمثيل الدرزي، والتمثيل السني من خارج «تيار المستقبل»، برغم اشاعة معلومات امس عن ابداء جميع الاطراف مرونة بالاتصالات القائمة في الظل، خاصة بعد اللقاءات التي عقدت مؤخرا بين اركان «حزب الله» وبين الوزير باسيل ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط .
ولكن النائب السابق غازي العريضي  الذي حضر اللقاء قال ل «اللواء»: ان البحث مع المعاون السياسي للامين لعام للحزب ومسؤول لجنة الارتباط وفيق صفا لم يتناول موضوع تشكيل الحكومة لا من قريب ولا من بعيد ولا التمثيل الدرزي فيها، بل العلاقة الثنائية بين الحزبين وكيفية استمرارها على عناوين واضحة، حيث تبلغنا ان الحاج حسين الخليل سيكون هو المسؤول عن ملف العلاقة بين الحزبين.
اضاف ردا على سؤال حول كيفية التعاطي مع امور الدولة لاحقا: سنستكمل مع الحزب في مجلس النواب بعد تشكيل الحكومة متابعة كل الملفات كالكهرباء والنفايات وتلك المتعلقة بالمال العام والهدر ومكافحة الفساد ومعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وهي «ورشة» مشتركة سنعمل عليها سويا.
الطعون الانتخابية
على صعيد آخر، تقدم امس 21 مرشحا  من ست لوائح في دائرة بيروت الثانية بطعن مشترك امام المجلس الدستوري، فيما تقدم لائحة «بيروت الوطن» طعنها غدا الاربعاء  وهي تضم 11مرشحا، قبل اقفال باب تسليم الطعون عند الثانية بعد الظهر.
    وعقد مقدمو الطعن المشترك مؤتمرا صحافيا في نادي الصحافة بعد تقديمهم الطعن. تحدث فيه كل من المرشحين: رولا حوري، المحامي سعيد مالك، رجا الزهيري، بشاره خيرالله، خليل برمانا ونعمت بدر  الدين، فاكدوا حصول ارتكابات ومخالفات علنية وتلاعب وتشويه للقانون النسبي وجرى التعتيم على وقائع وحقائق العملية الانتخابية، عدااستغلال الوزراء المرشحين لنفوذهم وسلطتهم، والغاء اصوات وعدم احتساب اخرى.   
    وطالب الزهيري «مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بـ«توقيف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وبأن يتم ذلك بالتواصل مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، وان يتم وضعه في الاقامة الجبرية في منزله او مكتبه ريثما ينتهي التحقيق بما قام به في بيروت الثانية».
  وقالت المرشحة بدر الدين: سنكمل الطعون في بيروت الثانية لنصل الى 37 طعنا، ونطالب بالغاء هذه الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة، فهي شهدت اكبر عملية تزوير وتلاعب أدت الى تغيير النتائج باكملها.
وتحدثت عن «تواطؤ سياسي بين كل اقطاب السلطة في بيروت الثانية لاعادة توزيع حصصهم»، واوضحت ان بحوزتها «قرائن وادلة وفيديوهات للارتكابات التي حصلت».
وأشار الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، في تعليق له على مواقع التواصل الاجتماعي ان المحامي هاني المرعبي بوكالته عن ريفي وأعضاء «لائحة لبنان السيادة» تقدّم بطعن امام المجلس الدستوري بصحة الانتخابات استناداً إلى عدد كبير من المخالفات، مطالباً بإلغاء الانتخابات في دائرة الشمال الثانية.
رسالة سورية لباسيل
وعلى صعيد تبادل الرسائل بين بيروت ودمشق، أبلغت سوريا امس لبنان أنها تريد عودة اللاجئين للمساعدة في عملية إعادة إعمار البلاد وذلك بعد أن عبرت بيروت عن قلقها من أن قانونا جديدا لإعادة بناء المناطق المدمرة قد يثنيهم عن العودة إلى ديارهم.
وكان لبنان الذي يستضيف مليون لاجيء سوري مسجل لدى الامم المتحدة قد كتب للحكومة السورية الشهر الماضي بشأن ”القانون رقم 10" الذي تخشى منظمات تعنى بمساعدة اللاجئين وحقوقهم أن يؤدي إلى فقدان اللاجئين لممتلكاتهم في البلاد.
ومن بين المخاوف الكبيرة بشأن القانون أنه أعطى الناس 30 يوما فقط للمطالبة بإثبات ملكية العقارات في المناطق المختارة لإعادة البناء والمطالبة بتعويضات. لكن جماعات إغاثة تقول إن الفوضى التي تسببت فيها الحرب تعني أن قلة فقط سيتمكنون من ذلك في الفترة الزمنية المتاحة. وقال وزير الخارجية وليد المعلم يوم السبت إن هذه الفترة الزمنية امتدت إلى عام.
وكان جبران باسيل وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية المنتهية ولايتها قد عبر في رسالة إلى الحكومة السورية الشهر الماضي عن قلقه من محدودية الفترة الزمنية المتاحة للاجئين لإثبات ملكيتهم لمنازلهم.
وسلم السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي رسالة من المعلم إلى باسيل أمس.
وقال عبد الكريم علي للصحفيين بعد لقائه باسيل إن الرسالة جاءت ردا على أسئلة طرحها باسيل. وقال «الرسالة التي أرسلها الوزير المعلم تحمل هذا المضمون بأن سوريا بحاجة وحريصة على كل أبنائها وعلى عودة كل أبنائها وهي بحاجتهم وبعض هؤلاء الأبناء ممن صرفت سوريا عليهم أموالا كثيرة لتأهيلهم، بعضهم يحمل كفاءات عالية وبعضهم يحمل خبرات مهنية بحاجتها سوريا اليوم في مرحلة إعادة الإعمار».