بعلبك هذه المدينة العريقة أمّ المدن اللبنانية بتاريخها وآثارها وحضارتها، عندما نتحدث عن بعلبك نتذكر التاريخ والحضارة والفن والثقافة والتضحيات والمقاومة والعزة والشموخ والإباء،
عندما نتحدث عن تاريخ بعلبك نتذكر كل أنواع النضال والتضحيات والمقاومة ضد الإستعمار، وضد الإحتلال الإسرائيلي للبنان.
بعلبك صلة الوصل بين الماضي والحاضر، بعلبك نصف حضارة لبنان بقيَمه وتاريخه وحضارته ونضالاته ضد الإستعمار، بعلبك تاريخ طويل من المقاومة ضد العدو الإسرائيلي في الجنوب وكان لها الدور الريادي الأول في مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان كله فأصبحت مدينة الشهداء.
بعلبك تاريخ كبير من الفن والثقافة وأدراج بعلبك تشهد على عظماء وكبار مروا على أدراجها كأم كلثوم وفيروز ووديع الصافي وغيرهم، كانت أيقونة الفرح التي أضاءت تاريخ لبنان وأرز لبنان والسياحة الفنية والثقافية في لبنان.
بعلبك اليوم لم تتغير بناسها الطيبين وأدبائها وعلمائها ومفكريها وفنانيها وأحرارها وإصرارها على الحياة والتحدي والعطاء في سبيل استمراها كمنارة وحضارة، ولكن ما يحصل على الأرض اليوم وأمس ومنذ أسابيع يستدعي قول الحقيقة المُرة، الحقيقة التي يهرب منها كثيرون، الحقيقة التي تتحدث عن المشكلة الحقيقية لما تعانيه هذه المدينة من التدهور الأمني، بغض النظر عن أي معاناة أخرى لسنا بصدد الحديث عنها اليوم، لأن القلق الأمني في بعلبك تجاوز حدود المعقول، وتجاوز مقولة الحادث الفردي والإشكال الفردي، تجاوز ذلك إلى ما يشبه اجتياح المدينة وأمن المدينة وسلام المدينة من مجموعات تحمي نفسها أولا وآخرا بالعشيرة، العشيرة هذا العنوان الذي يقتل بعلبك ويستبيح بعلبك وأهلها، لأن نظام العشيرة في البقاع أقوى من سلطة الدولة والقانون، ولأن قوة العشيرة أكبر من سلطة الأجهزة الأمنية، وبالتالي فإن المشكلة تكمن في التحدي بين ما تريده هذه العشائر وبين ما ينبغي أن يكون، وبين أن تكون بعلبك تحت سلطة الدولة والقانون أو تحت سلطة زعران العشائر وسطوتهم وقدرتهم على الإرهاب وتحدي الدولة والقانون .
إقرأ أيضا : بعلبك اليوم يتيمة
إذن العشائر مسؤولة أولا بوجهائها ونوابها وحكمائها بوضع حد لمنطق العشائرية وبوضع حد للإحتماء بالعشيرة واتخاذ العشيرة كمأمن من أي سلطة أو قانون أو عقاب.
إن الواقع المتردي اليوم في المدينة ومحيطها يستدعي وقفة مسؤولة أمام الله والوطن وأمام هذه المدينة لانتزاع هذا الشر المتربص بأمن الناس وحياتهم، ويجب العمل على نبذ هذه المجموعات لأي عشيرة انتمت وأن تعلن هذه العشائر تنظيف صفوفها من هؤلاء المتربصين شرا بالمدينة وأهلها بمختلف مكوناتهم وانتماءاتهم.
وثانيا فإن على الأحزاب في المدينة وبعد الإنتخابات النيابية الأخيرة أن تكافىء أهالي البقاع على وفائهم وولائهم وأصواتهم بالعمل الجدي والفوري على معالجة هذه الأزمة بكل جوانبها وعدم الوقوف موقف المتفرج وإلقاء التهم والمسؤوليات يمينا وشمالا، وهذه الأحزاب تعرف واجباتها جيدا من خلال نواب المنطقة والمسؤولين التنظيميين وسواهم في المنطقة.
الوفاء لأهل بعلبك يستدعي وقفة حقيقية لمعالجة الوضع المتدهور ووضع حد لهذا الخراب ورفع الغطاء الحزبي والعشائري عن المتورطين باستباحة أمن المدينة .
الوفاء لبعلبك اليوم حاجة وضرورة من خلال التوقف عن استغلال المدينة في المواسم الإنتخابية والسياسية فقط لأن القليل من الوفاء لبعلبك يحميها والقليل من وفاء العشائر لمنطقتهم ومدينتهم يحميها أيضا .
بعلبك ليست مدينة خارج على القانون بناسها وأهلها وليست مدينة خارج الدولة بعلبك ضحية الذهنية العشائرية التي ترفض الدولة والتي ترفض القانون ومبدأ العقاب وضحية اللامبالاة التي يعتمدها الأحزاب تحت ذريعة ان الدولة صاحبة القرار والمعالجة هذه الدولة التي تشارك عن قصد أو غير قصد في إستمرار الأزمة والإبتعاد عن الحقيقة الأساسية للأزمة المتمثلة بسطوة العشائر والأحزاب .