على مدى العقود القليلة الماضية، تأرجحت سُمعة القهوة بشكل سريع وكبير. فبعد أن صنّفتها منظمة الصحّة العالمية عام 2011 ضمن المشروبات التي يُحتمل أن تسبّب السرطان، وجدت عام 2016 أن لا دليل قاطعاً لذلك. فهل يجب التوقف عن هذه العادة أو الاستمرار فيها باعتدال؟
من بين مختلف النتائج التي كشفتها الأبحاث السابقة، فإنّ غالبية الأخبار المرتبطة بالقهوة أتت إيجابية جداً. فبدل أن تكون مضرّة بالصحّة، يبدو أنّ شربها بانتظام وباعتدال هو في الواقع مفيد لكم.
أمّا أحدث ما قيل عن القهوة، فهو حكم صدر في لوس أنجلوس آذار الماضي يدعو كل الشركات إلى وضع علامات تحذير من السرطان على منتجات القهوة المُباعة في كاليفورنيا. يرجع السبب إلى أنه عند تحميص حبوب القهوة، يتمّ إنتاج مادة كيماوية «Acrylamide» تُعتبر مُسرطنة في كاليفورنيا.
لكن وفق الخبراء، فإنّ الجرعات العالية من الـ»Acrylamide» قد سبّبت السرطان فقط لدى فئران المختبر، لكن لا يوجد دليل مُقنع يُظهر أنها تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض عند البشر. ناهيك عن أنّ الحيوانات قد تعرّضت لهذه المادة بمعدل 60 مرّة أكثر من البشر. إذا كنتم تفرطون في القهوة يومياً لبلوغ هذا القدر من الـ»Acrylamide»، فإنكم على الأرجح ستتعرّضون لمشكلات أكثر من مجرّد تعزيز خطر السرطان.
وإذا كنتم تشكّون في تأثير فنجان قهوتكم اليومي، اطّلعوا في ما يلي على النتائج المهمّة التالية التي كشفتها الأبحاث العلمية:
خفض بعض أنواع السرطان
إستناداً إلى مراجعة أخيرة نُشرت في مجلّة «BMJ»، هناك أكثر من 1000 مادة في القهوة تحتوي العديد منها على مركّبات مضادة للإلتهاب والسرطان. حبوب القهوة بحدّ ذاتها تملك مضادات أكسدة، ما يساعد على الوقاية من التلف الناتج عن الجذور الحرّة الذي يُحتمل أن يسبّب السرطان. ووفق هذا التقرير، فإنّ استهلاك القهوة يرتبط بخفض خطر سرطان الميلانوما، واللوكيميا، والبروستات، وبطانة الرحم. لا بل أكثر من ذلك، وجدت دراسة من جامعة جنوب كاليفورنيا أنّ الأشخاص الذين يشربون القهوة كانوا أقلّ عرضة بنسبة 26 في المئة من معاناة سرطان القولون والمستقيم مقارنةً بالذين لا يحصلون على هذا المشروب.
الوقاية من السكري
يعتقد العلماء من جامعة هارفارد أنّ شرب القهوة العادية أو المنزوعة الكافيين قد يساعد على الوقاية من الإصابة بالسكري من النوع الثاني. وبحسب التحليل الصادر في مجلّة «Diabetes Care»، كلما زادت كمية شرب القهوة ضمن المعدّلات المسموحة انخفض هذا الخطر أكثر. يرجع الفضل في ذلك إلى احتواء القهوة معدن «Chromium» الذي يساعد الجسم على استخدام هورمون الإنسولين الذي ينظّم السكر في الدم. لكن لتفادي المبالغة ومنع حدوث الأرق، أو أوجاع المعدة، أو الصداع النصفي، ينصح خبراء الصحّة بعدم شرب أكثر من كوب واحد من القهوة يومياً.
ردع الألزهايمر والباركنسون
توصّلت الأبحاث خلال الأعوام السابقة إلى وجود علاقة بين استهلاك القهوة وخفض خطر الخرف. يُعتقد أنّ محتوى هذا المشروب الغنيّ بالكافيين قد يكون المسؤول عن المنافع المُعزِّزة للدماغ. وجدت دراسة صغيرة أُجريت على أشخاص ظهرت لديهم علامات مشكلات الذاكرة أنه، خلال مدة تراوحت بين 2 إلى 4 أعوام، فإنّ الذين يملكون أدنى مستويات كافيين في دمائهم كانوا أكثر عرضة للخرف مقارنةً بنظرائهم الذين لديهم أعلى معدلات.
ومن جهة أخرى، اقترحت مجموعة دراسات أوّلية أنّ الكافيين قد تحمي من الباركنسون. وفق مراجعة نُشرت في «Archives of Medical Science» عام 2017، خلُص الباحثون إلى أنّ الأشخاص الذين يحتسون كميات معتدلة من القهوة انخفضت لديهم معدلات الباركنسون، لكنهم لم يتمكّنوا من تحديد السبب.
حمايةُ القلب
لطالما طُلب من الأشخاص الذين يشكون من عدم انتظام ضربات القلب، الذي يرفع خطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية المفاجئة، بتفادي الكافيين. غير أنّ دراسة أخيرة صدرت نبسان الماضي كشفت أنّ شرب القهوة قد يخفّض في الواقع تردّد الرجفان الأذيني بنسبة 13 في المئة. فضلاً عن أنّ مراجعة أخرى صدرت في مجلّة «BMJ» أظهرت أنّ الأشخاص الذين يحتسون القهوة كانوا 19 في المئة أقلّ عرضة للموت من أمراض القلب والأوعية الدموية، و30 في المئة أقلّ عرضة للموت من السكتة الدماغية مقارنةً بالذين يمتنعون عن هذا المشروب.
إطالة مدة العيش
أظهرت الأبحاث أنّ الأشخاص الذين يحتسون القهوة قد يكونون أقلّ عرضة للموت من كل الأسباب. هذه كانت خُلاصة مراجعة نُشرت عام 2016 في «European Journal of Epidemiology» التي وجدت أنّ احتساء 4 فناجين قهوة يومياً مرتبط بخفض خطر الموت، بما فيها الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والسرطان.