يُدرك الحريري أن جسمه لبّيس في هكذا تهم كتهمة التجنيس ، ويروق لكثر في لبنان أن ينتقدوه
 

 

لم يعد معروفاً ماذا يريد الرئيس سعد الحريري ، فهو في كل مفصل سياسي يأمل فيه محبّيه وأنصاره بأنّه تغيّر سياسياً وبدأ يتقن فنّ السياسة بامتياز ، تراه يقع في خطأ فظيع من جديد ويُحطّم هذه الآمال .

في إستحقاق مرسوم التجنيس الأخير الذي وقّع عليه الرئيس ميشال عون ، إنتفض الشعب اللبناني بمعظمه وصبّ جام غضبه على العهد وفريقه والتيّار الوطني الحر ، وحمّلوه مسؤولية ما حصل وطالبوه بالتصحيح .

وفي ظل ضغط الرأي العام ، إستجاب العهد وأحال الموضوع إلى الأمن العام من أجل المزيد من التدقيق والتحقيق ، ما فُهم سياسياً بأنّه إعتراف غير مباشر من العهد بالخطأ الذي إرتُكب.

وبغضّ النظر عن أحقية الرئيس عون بتوقيع المرسوم ، وهو ما يسمح به الدستور بل لا يُلزمه أيضاً بنشره ، إلا أن مقاربة الموضوع اليوم تأخد منحى آخر متعلّق بتناقض خطاب عون قبل وبعد وصوله إلى قصر بعبدا حول التجنيس وخطر التوطين ، مع بعض الإلتباسات التي بحاجة إلى توضيح حول بعض الأسماء التي ستستفيد من المرسوم ، وهو ما يقوم به جهاز الأمن العام اليوم لحسم الموضوع .

 

إقرأ أيضا : عراقيل تُواجه الحريري في تشكيل الحكومة

 

 

ووسط هذه الحملة الإعلامية على العهد ، تفاجىء اللبنانيون بتصريح رئيس الحكومة سعد الحريري من قصر بعبدا ، حيث دافع عن المرسوم بشراسة وكان ملكاً أكثر من الملك ، وكأنّه هو المستهدف الأول من الحملة، فيما إلتزم الرئيس نبيه بري بالصمت بل قال أن النقاش كان حول ترسيم الحدود في الجنوب ، ولم يذكر مرسوم التجنيس لا من قريب أو بعيد .

هذا التصريح سيكون له تداعيات كثيرة ، وأبرزها أن الرأي العام الناقم على العهد ، سيحوّل نقمته ضد الحريري ، ومع مرور الوقت ستنتهي القضية بخلاصة تقول بأن الحريري هو المسؤول الأول عن مرسوم التجنيس .

لماذا نقول هذا ؟

لأنه ببساطة ، يُدرك الحريري أن جسمه " لبّيس " في هكذا تهم ، ويروق لكثر في لبنان أن ينتقدوه ، وهو يعلم كمّ الإنتقادات والتجريح التي تعرّضت لها الحريرية السياسية منذ إنطلاقها في لبنان ، من تحميلها تهمة الفساد وإغراق البلد في الديون ، إلى غيرها من التهم ، رغم أن هناك شركاء لها في هذه التهمة من كافة الطوائف ، لكنّها تحملتها وحدها .

الحريري بتصريحه بالأمس ، يُصّر على الخطأ ، بل على نفس الخطأ ، فهو أنقذ العهد لكنه لم يُنقذ نفسه ، والإتهامات ستهطل عليه كزخّ المطر في قادم الأيام .