الأدوار العادية، أمام أدائهما، تلفت الانتباه. تقلا شمعون ونزيه يوسف في #جوليا ("أل بي سي آي") مسارٌ خاص في المسلسل. كاراكتيران لا يبدو أنّهما على سرب واحد مع المجموعة. هذا الثنائي يحوّل البساطة الكوميدية فسحة للعمق، يلعب بثقة في المساحات وإن ضاقت. دورهما ظاهره للضحك وباطنه لتأمّل الحياة حين تكاد أن تُفلت من أيدٍ مرتجفة.
الدور الأفضل لشمعون بعد عليا في "روبي". لا يتطلّب منها سوى العفوية وبساطة الوقوف أمام الكاميرا. ديانا أرملة لم تنصفها سنوات العُمر، فربّت ولدين على حساب المرأة في داخلها. على الأرجح، أرسلتها للسبُات، للنسيان، لإنكار وجودها. هي ردّ فعل على النقص المتراكم داخلها، والمكبوت في المخيلة والقلب. قسوتها شكلية، تتفجّر في الآخرين، وتترسّب في ولديها، لكنّها أيضاً تدفع ثمنها. تقفل الباب على الحبّ، تخشى أن يوقظ مشاعرها ويعيدها إلى المرآة، فتسألها مَن الأجمل، وتعاتبها على مرور السنوات. وإنما الحبّ لا ينتظر خلف الأبواب المغلقة، يقتحمها ويخلع الإنسان من الأضلاع. خلف القسوة، امرأة مُعذَّبة، مُهمَلة، تبدّلت الفصول ولا تزال مسكونة بالخريف. ينقذها الحبّ من ذبولها وإحساسها بأنّ الأوان فات ليبادلها رجلٌ الاهتمام.
هذا الرجل هو نزيه يوسف بدور رشيد صاحب الدكان. ممثل أينما يُرمى يأتي واقفاً كما يقول اللسان الشعبي. يُضحك من دون تكلُّف، بسيط في الملامح والأداء وسلوك الشخصية. المرأة في عمر متقدّم، تحتاج رجلاً يُشعرها بوجودها، بعدما يكون أولادها قد انطلقوا إلى الحياة. رشيد مشاعر صامتة حتى الآن لم تنطق سوى بالحبّ. يجد في ديانا اكتماله، هو الوحيد وهي الوحيدة. ليس الأبناء فحسب مَن يمسحون آلام الوحدة، بل مشاعر من نوع آخر، أقل عبئاً من المسؤولية والقلق وحسابات الوقت. نزيه يوسف يحتمل دوراً لا يقول كلّ شيء دفعة واحدة. رشيد الغارق في ديانا، يعيد إحياءها على مهل. كلمة تنقذ مقتولاً من النهايات الحزينة.