أكد النائب اللبناني وليد البعريني أنه «لا أحد في لبنان يمكنه أن ينتصر على الآخر». ورأى أن «الكلّ يقف على رمال متحركة قادرة أن تغيّر الواقع، والمطلوب أن يقف لبنان على أرض صلبة، تمكنه من الصمود أمام العواصف التي تضرب المنطقة، وهذا لا يتحقق إلا بأوسع توافق وطني». وإذ شدد على أن «سياسة النأي بالنفس قادرة على حماية لبنان وتثبيت استقراره»، دعا إلى «عدم تضييع فرصة مؤتمر (سيدر) ومساعدة رئيس الحكومة سعد الحريري على ترجمة مقررات هذا المؤتمر، إلى مشاريع للنهوض بالاقتصاد اللبناني».
ورأى البعريني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس النيابي الجديد أمامه كثير من المهمات التشريعية التي تترجم تطلعات اللبنانيين الذين انتخبوا نوابه». ولفت إلى «توفر أجواء إيجابية توحي بوجود تفاهم وتعاون بين كلّ الزملاء للعمل معاً لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين». وأكد أن «السياسة العامة للبلاد ترسمها الحكومة، لكن يفترض أن يواكبها المجلس النيابي بورشة تشريعات وقوانين تمكنها من تنفيذ المشاريع الإنمائية والاقتصادية، والإصلاحات المطلوب إدخالها على بنية الدولة ومؤسساتها وإدارتها».
ومع رفع القوى السياسية سقف مطالبها الوزارية التي تقارب الشروط التعجيزية، دعا النائب، الجميع إلى «الخروج من الأنانية والتمسك بهذه الحقيبة الوزارية أو تلك». وأضاف: «المطلوب أن يعمل الكلّ من أجل خيار الدولة، وبناء دولة قوية تراعي طموحات الشباب والأجيال القادمة وتوقف هجرة الشباب اللبناني إلى الخارج».
والنائب وليد البعريني من الوجود الجديدة التي تدخل البرلمان للمرة الأولى، منتخباً عن المقعد السنّي في دائرة عكار (شمال لبنان)، لكنه ليس غريباً عن عالم السياسة، فهو نجل النائب السابق وجيه البعريني الذي ظلّ شغل هذا المقعد ما بين عامي 1992 و2005.
وتميّز البعريني الابن بخدماته الاجتماعية والصحية التي قدمها لأبناء المنطقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، وأوجدت له شعبية مكنته أن ينال أكبر عدد من أصوات الناخبين في عكار.
صوّب النائب البعريني على الخلل المتجذّر في بنية الدولة، ولفت إلى أن «الدول المتقدمة تضع خططاً وتنجز مشاريعها لـ100 سنة قادمة، فيما نتطاحن نحن في لبنان على حقيبة سيادية هنا وحقيبة خدماتية هناك، أما أمور الناس الحياتية والإنمائية والخدماتية في ذيل أولوياتنا، وهذا ما يجعل الناس تكفر بنا».
ورغم وجود تعقيدات قد تؤخر ولادة الحكومة، مثل مطالبة بعض الكتل بعدد كبير من الوزارات، وتمسّك كتل أخرى بحقائب خدماتية محددة، لم يتخوّف النائب وليد البعريني من وجود خطة لعرقلة مهمة الرئيس المكلّف، ورأى أنه «في مرحلة الاستشارات الكلّ يرفع سقف المطالب، لكن فور البحث الجدي يعود الجميع إلى الواقعية، وعندما يحصل كل فريق على الحدّ الأدنى من مطالبه تنطلق عجلة التأليف بسرعة».
وعمّا يُحكى عن محاولة تهميش بعض القوى أو إضعافها داخل الحكومة، أو دفعها للبقاء خراج التركيبة الوزارية، كما يحصل مع «القوات اللبنانية» التي باتت لديها كتلة برلمانية مؤلفة من 16 نائباً، أكد البعريني أنه «لا أحد في لبنان يمكنه أن ينتصر على الآخر، لأننا نقف على رمال متحركة سرعان ما تبدّل الواقع».
ويواجه لبنان كثيراً من التحديات الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية الناجمة عن التهديدات الإسرائيلية، ويتخوّف اللبنانيون من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة غير محسوبة، لكنّ البعريني أشار إلى أنه «بقدر ما نحيّد لبنان عن أزمات المنطقة، بقدر ما نعزز استقرارنا». وأضاف: «هذا ما يسعى الرئيس الحريري إلى تكريسه في الحكومة الجديدة، عبر تثبيت سياسة النأي بالنفس، وهذا ما يدفع باتجاه استثمار فرصة مؤتمر (سيدر)، والاستفادة من مبلغ 11 مليار دولار الذي قدمته الدول كمنح وقروض ميسرة للبنان، بما يعطي ثقة لدى الدول المانحة للمضي بدعم لبنان».
ولا تزال منطقة عكار هي الأكثر حرماناً في لبنان، وتتقدّم أولويات نوابها الجدد، ولفت النائب البعريني إلى أن نواب عكار السبعة «يحضّرون لأرضية عمل مشتركة، تطرح المشاريع الملحّة التي تحتاج إليها المنطقة، بدءاً بتحسين التغذية بالتيار الكهربائي، إلى حلّ أزمة السير الخانقة، مروراً بتشغيل مطار الرئيس رينيه معوض المدني، وبناء الجامعة اللبنانية والمشاريع الأخرى، وانتهاء ببدء تنفيذ المشاريع الإنتاجية التي تخلق فرص عمل لآلاف الشباب في عكار وشمال لبنان».