على رغم أن الفلتان الأمني في بعلبك - الهرمل بلغ أخيرًا حدًا لا يطاق مع الاستعدادات الجارية لإقامة مهرجانات بعلبك الدولية، فإنه حضر بامتياز في لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق في حضور محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، فيما كانت البلديات في هذه المنطقة تطالب الدولة، ومن خلالها الأجهزة الأمنية، بالضرب بيد من حديد لوضع حد للتدهور الأمني الذي بلغ ذروته في الأسبوع الأخير وما زالت تداعياته حاضرة في لقاءات هيئات المجتمع المدني وأحزاب المنطقة وفعالياتها.
وانضم أخيرًا إلى المحتجين على الوضع المأسوي الذي تشهده بعلبك (حزب الله) وحركة أمل، مجددَيْن رفع الغطاء السياسي عن المخلين بالأمن ومطالبين الأجهزة الأمنية بالتدخل بكثافة لإعادة الإستقرار إليها لوقف مسلسل تساقط الضحايا نتيجة الاشتباكات العشوائية وتوفير الحماية للضحايا الأحياء ممن باتوا يخشون على مصيرهم إذا لم تتواجد الدولة بكل أجهزتها الأمنية والعسكرية لإنهاء الجزر الأمنية التي تؤوي المطلوبين للعدالة وقطاع الطرق والعصابات المنظمة لسرقة السياسات وتهريبها بالعشرات إلى داخل الأراضي السورية، إضافة إلى تجار المخدرات ومروجيها بعد أن سجلت نسبة التعاطي بين صفوف الشبان رقمًا قياسيًا في غياب الإجراءات الرادعة لحمايتهم
بدوره، كان للوزير نهاد المشنوق رأي حيال الفلتان الأمني في ضوء تمدده إلى أحياء جديدة في بعلبك، غير تلك المشغولة على الدوام باشتباكات تدور بين فارضي الخوة في وضح النهار الذين يلجأون غالبًا في الليل إلى تفجير المحال التجارية للذين لم ينصاعوا إلى رغباتهم التشبيحية.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "الحياة" عن المشنوق قوله إن الدولة مسؤولة عن حفظ أمن رعاياها ومن غير الجائز أن تتركهم ضحايا الفلتان الأمني وبات عليها أن تحسم أمرها لأن الوضع لم يعد يطاق ولديها من الإمكانات ما يؤهلها لفرض هيبتها وإنهاء الوضع الشاذ في هذه المنطقة.
من جهته، يؤكد المشنوق أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، وأن التردد في إعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة يشجع المخلين بالأمن على المضي في إلحاق الأذى الجسدي والمعنوي بالذين يقيمون في هذه المنطقة، ويقول إن الاجتماعات السياسية ضرورية وإن الجميع يقر برفع الغطاء السياسي عن العصابات التي تتواجد في أوكار باتت معروفة، لكن لا بد من إحياء خطة بعلبك - الهرمل الأمنية، خصوصاً أن القوى الأمنية، من جيش وقوى أمن، نجحت في كسر الإرهاب وتحرير الجرود من المجموعات الإرهابية، وليست عاجزة عن تنفيذ خطة أمنية متكاملة تتقاسم المسؤولية فيها القوى الأمنية.
من جهة أخرى، شدد على ضرورة توفير المشاريع التي تحقق التنمية لهذه المنطقة وتخلق فرص عمل جديدة، ويقول إن مشروع "سيدر" يأخذ في الاعتبار النهوض بها، لكن لا يجوز ربط إعادة الأمن إليها بالشروع في تنفيذ هذه المشاريع التي تحتاج إلى وقت لوضعها على سكة العمل لتحقيقها.
وبحسب "الحياة" لفت المشنوق إلى ضرورة استجابة الدولة لشكاوى سكان هذه المنطقة وصرخاتهم اليومية لأن إعادة الهدوء إليها تشكل المدخل لتصحيح علاقتها بهم، وأكد أن هناك حاجة لفرض إجراءات أمنية فوق العادة وغير مسبوقة، ومن أعاد الأمن إلى طرابلس لن يعجز عن تعميم هذه التجربة على بعلبك - الهرمل مشترطًا فرض رقابة مشددة لأقصى الحدود على المعابر غير الشرعية التي تربط هذه المنطقة بسورية، خصوصاً أنها تحولت إلى مسالك لتهريب السيارات المسروقة وتبادل البضائع بصورة غير شرعية وأيضًا المأوى الآمن للمطلوبين.
لذلك، فإن تكرار الحديث عن رفع الغطاء السياسي عن المطلوبين لم يعد يجدي نفعاً وبات مطلوبًا من الدولة أن تتخذ قرارها بالقيام بعملية جراحية أمنية لإنقاذ بعلبك طالما أن جميع الأطراف فيها يُجمعون على أنها الحل الوحيد الذي ينتظره سكان المنطقة بفارغ الصبر بعد أن أداروا ظهورهم للوعود التي كانت وراء ارتفاع منسوب الفلتان.