بانتظار بدء تنفيذ الخطط الاقتصادية التي وضعها كل من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والمستشارة الرئاسية ميراي عون الهاشم كريمة رئيس الجمهورية، قد يسقط الهيكل، وربما تتبدل صورة الاسترخاء التي غلبت على السنة ونصف السنة من عمر العهد.
ففترة السماح التي أعطيت للحكومة وللرئيس تكاد تنفد بعد ان استنفدت كل الحجج التي كانت تستخدم لتبرير الاختناق الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، لاسيما لناحية الانكماش الذي يصيب الحركة التجارية والعقارية، وانقباض مستوى الاستثمارات، مما أدى الى ارتفاع منسوب البطالة في صفوف الشباب من الجنسين الى مستويات مخيفة، يقال انها تجاوزت الـ 33%، بينما يتوسع حجم القطاع العام، وتزداد ارقام العجز في الموازنة على حساب ارتفاع ارقام الدين العام الذي بلغ حدود الـ 150% من قيمة الناتج الوطني الإجمالي.
لن يبدأ تنفيذ المشاريع التي لحظتها خطة «سيدر» أو «باريس 4» قبل 18 شهرا من اليوم.
وهذه الخطة التي لحظت قروضا ميسرة للبنان بقيمة 11 مليار دولار، تنحصر في معظمها لتأهيل البنى التحتية ـ التي بالفعل تحتاج لتأهيل ـ ولكنها لا تلحظ مشاريع استثمارية، أو تحفيزات سريعة للأسواق او للقطاعات الإنتاجية، وما كان يعوّل عليه لتحريك القطاع العقاري، لناحية ما تضمنته المادة 49 من الموازنة، نسفه المجلس الدستوري بإلغائها، بحجة انها دخيلة على الموازنة، من دون ان يحسم الجدل على كونها تتعارض مع مقدمة الدستور التي تنص على منع التوطين ام لا، علما ان بقاء هذه المادة كان يمكن ان يضخ ما يقارب المليار دولار في الاقتصاد، وربما كانت تحتاج الى وضع ضوابط تمنع اي شكل من اشكال التجنيس او التوطين لمشتري المنازل السكنية التي تزيد قيمة الواحدة منها عن 500 الف دولار.
فتح الباب امام التطويع في صفوف القوى العسكرية والامنية، يساهم مساهمة بسيطة في امتصاص الفائض في اليد العاملة، ولكنه بالمقابل يساهم في تفاقم الازمة كونه يلقي اعباء إضافية على المالية العامة.
وقد كشف هذا التطويع الاختلالات الجوهرية في بنية الاقتصاد، لأن سلسلة الرتب والرواتب المحقة التي أعطيت للقطاع العام، لم يقابلها إنتاجية تغطي اعباءها، كما انها لم تطبق في كامل القطاعات الأخرى، مما ادى الى زحف مخيف من الشباب اللبناني باتجاه طلب العمل في القطاعات الحكومية.
ويمكن ذكر مثال واحد على اقل تقدير، فيه الكثير من العبر، بحيث تقدم 42000 الف شاب وشابة للتطوع في قوى الامن الداخلي، بينما العدد المطلوب تطويعه وفقا لقرار مجلس الوزراء هو 2000 فقط.
يقول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «لا يوجد خطر على الليرة اللبنانية، ومصرف لبنان يملك احتياطيا بالعملات الصعبة يوازي 45 مليار دولار، ولكن الخطر داهم على الوضع المالي برمته، إذا لم ينم الاقتصاد بما يفوق 2.5%، كما يجب حفظ العجز بالموازنة، وتنفيذ خطة الاصلاح قبل العام 2023، وعوامل الضغط على المالية العامة ستتفاقم إذا ما استمر ارتفاع اسعار الفوائد العالمية، وبقيت اسعار النفط الى ارتفاع ايضا».
قد يقترب موعد سقوط الهيكل إذا ما حاول بعض النافذين تأليف حكومة غير متوازنة، ولا تعبر عن حقيقة ما افرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات التي جرت في 6 مايو 2018، لأن القانون الانتخابي الذي اصر عليه البعض وأرغم على السير فيه البعض الآخر، افرز واقعا جديدا لا يمكن القفز فوق نتائجه، بحيث ان كل طائفة انتخبت ممثليها ـ ما خلا بعض الكتل التي نفذت ببعض التمثيل الوطني ـ وبالتالي اصبح تجاهل تجسيد هذا الواقع في تشكيل الحكومة في غاية الخطورة، وقد يهدد الميثاقية، ويستقدم ويلات لا يتحملها الانكماش الاقتصادي.