تطغى التكنولوجيا على اهتمامات الشباب وغيرهم من فئات المجتمع، إن كان لناحية التسلية والمعلومات أم لناحية التعلّم، إذ يتدافع طلاب الجامعات إلى دراسة اختصاص الاتصالات والتكنولوجيا أملاً منهم في فرص عمل أفضل في لبنان وخارجه. وفي المقابل، تسعى الجامعات دائماً إلى تطوير مهارات مدرسيها من جهة، وإلى تأمين تقنيات عالية لطريقة تعليمها. فما هو عدد الطلاب الذين يتقدمون إلى هذه الاختصاصات سنوياً؟ وبمَ يحلمون؟
طلاب اختصاصات التكنولوجيا والاتصالات (ICT) قليل وغير كافٍ لمتطلبات السوق المحلي. هذا ما أكده المسؤول عن قسم الهندسة في جامعة اليسوعية داني مزهر خلال حديثٍ لـ "النهار"، مشيراً إلى أنّ أقل من 10 في المئة من طلاب الجامعة ككل يدرسون (ICT)، وهم يشكلون نسبة 25 في المئة من طلاب كلية الهندسة.
فالمستقبل للتكنولوجيا، وإن لم تكن عن طريق وظائف الشركات لا بدّ أن يتم إلقاء الضوء على المبادرات الفردية للشباب اللبناني عبر شركات ناشئة خاصة بهم تحظى بدعم مصرف لبنان والحكومة رسمياً والمنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة أيضاً. وأضاف مزهر: "حتى اليوم، تسجّل نحو 80 طالباً في ICT للعام الدراسي 2018 - 2019 في الجامعة اليسوعية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 100 طالب أو حتى أكثر، إذ نعمل على جذب الأفراد لدراسة هذه الاختصاصات".
لربما الفارق الوحيد بين التكنولوجيا والاختصاصات الأخرى أنّها تتحدى الزمان والجغرافيا، إذ إنّها لغة عالمية تحتاج إليها جميع الدول وجميع القطاعات على حدٍّ سواء، بل تفتح آفاقاً أكبر أمام الشباب. وهادي (20 سنة) من محبي التكنولوجيا والاتصالات، ودفعه اهتمامه بها إلى درسها في الجامعة معتبراً أنّ لدارسي هذا الاختصاص حظوظاً أكبر من غيرهم في ايجاد فرص عمل، ليس فقط على الصعيد المحلي بل عالمياً. وقال هادي لـ"النهار": "كل ما نستخدمه في حياتنا اليومية حالياً يتعلق بالتكنولوجيا، من الهواتف النقالة والحواسيب الكبيرة إلى الإعلام والاتصالات، إذ أصبحت من أساسيات الحياة وليس من الكماليات كما كانت سابقاً. وأنا أثق بأنني سأجد وظيفة عمل بسهولة بعد التخرج".
أما لارا، فاختارت اختصاص تطوير تطبيقات الهواتف الذكية، مركّزة في عملها على مجال الإعلام الهاتفي Mobile Journalism أو ما يُعرف حالياً بالـ MOJO. وأوضحت لـ"النهار": العالم متوجه نحو استعمال التطبيقات الهاتفية في العمل، وفي الإعلام أيضاً أصبح بإمكاننا تصوير تقرير من صوت وصورة، وتعديله وتركيبه ونشره على المواقع الالكترونية أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي". واللافت أيضاً أنّ لارا وجدت فرصة عمل بدوام جزئي خلال عامها الأخير في دراستها الجامعية، وتتحضر لاستلام دوامٍ كامل بعد التخرّج.
بالأرقام
غياب الاحصاءات الرسمية في لبنان لا يتوقف على قطاع واحد، بل على كل القطاعات ومنها ICT، فقد أكدّ الرئيس السابق لشركة ISOC الاحصائية غبريال ديك أنّه لا يوجد احصاءات فعلية عن هذا المجال منذ العام 2004، إلا أنّه تقديرياً يبلغ عدد طلاب الجامعات نحو 2000 تلميذ مقسمين على 25 جامعة بمعدل نحو 100 تلميذ في الجامعة الواحدة، موضحاً أنّه من جهة الوظائف، يصعُب أحياناً إيجاد عاملين كـ Java Developer و Mobile Development. وشدد ديك لـ"النهار" على أنّ المستوى التعليمي للجامعات في لبنان جيد نسبة إلى مستوى جامعات أوروبا وأميركا، إلا أنّه بحاجة إلى تطوير أيضاً.
وفي المقابل، أكدّ الخبير الاقتصادي جاسم عجّاقة أنّ للـ (ICT) أي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، سوق كبير في لبنان، لكن وجود هذا القطاع مشروط ومرتبط بشكل مباشر بالاستثمارات، ذاكراً لـ"النهار" أنّ هذا المجال نما بنسبة 23 في المئة منذ 6 سنوات وحتى اليوم، ما يظهر الحاجة إليه. واعتبر أنّ واجب الحكومة تطوير التكنولوجيا والاتصالات. وتشجيع الشباب اللبناني يكمن في تسهيل الاستثمارات وخلق وظائف عمل إضافة إلى التعاون بين الجامعات والشركات الخاصة، عبر إقامة مراكز أبحاث في هذا المجال، يمكن للشركات من خلالها اختيار الطلاب المتميزين.
وختم عجاقة بالقول إنّ هناك 700 شركة تعمل في مجال (ICT) في لبنان، تضم نحو 7000 موظف، معتبراً أنّه قطاع واعد.
لا شك أنّ كل متطلبات حياتنا اليوم أصبحت ترتبط بشكل كبير بالتكنولوجيا، وما يشجع هو مشاريع الشباب اللبناني الحالية في تأسيس شركات ناشئة متحدّين البطالة والبحث عن فرص عمل، ومثبتين أنهم قادرون على ايجاد حلول لمشاكل بلادهم، خصوصاً أنّ الاستثمار في هذا القطاع مُربح ولا يتطلب رأس مال كبيراً.