لم تنطلق فعلياً عجلة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، بانتظار عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من إجازته العائلية القصيرة في المملكة العربية السعودية، في حين سيشكل الوضع الإقليمي المتوتر عاملاً ضاغطاً باتجاه تسريع ولادة الحكومة، أو عرقلتها، انطلاقاً من كيفية تعامل القوى السياسية اللبنانية معها.
وبعيداً، عن الكلام المتواصل عن توزيع الحصص الوزارية، يؤكد مصدر لبناني مطلع على عملية التأليف، أن الحراك الفعلي لم يبدأ بعد، مشيراً إلى أنه «من المبكر جداً الحديث عن مسودات تشكيلة حكومية سيحملها الحريري معه لدى عودته إلى بيروت مطلع الأسبوع». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحريري ينأى بنفسه عن الجدل الدائر، وإنه يغتنم فرصة إجازته القصيرة من أجل «جوجلة الأفكار التي سمعها من الكتل النيابية خلال الاستشارات النيابية الاثنين الماضي»، معتبرة أن البحث سينطلق، بعد عودته، «في المعادلات التي ستحكم تأليف الحكومة، ليصار في وقت لاحق إلى بحث الحصص ومن ثم الأسماء».
واستبعدت المصادر نفسها، أن تؤدي التعقيدات الإقليمية إلى تعقيد عملية التأليف وعرقلتها، مشيرة إلى أن هذه «التعقيدات تشكل عاملاً ضاغطاً على القيادات اللبنانية للإسراع في عملية التأليف ووضع الحسابات الصغيرة جانباً، لمصلحة حماية الاستقرار اللبناني».
وفي حين نفت المصادر وجود أي «فيتوات» دولية على مشاركة «حزب الله» في الحكومة، أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، أن تحذيرات غربية وجهت إلى عدد من المسؤولين اللبنانيين، ترسم خطاً أحمر فيما يتعلق بصيغة البيان الوزاري المتعلقة بـ«حق المواطنين في مقاومة الاحتلال والاعتداءات»؛ إذ ينص البيان الوزاري الحالي على التالي: «تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».
وتعتبر هذه الصيغة تسوية داخلية لموضوع سلاح «حزب الله» الذي يرى معارضوه أنه يحصل على تغطية لعمله العسكري من خلال هذا البيان، على الرغم من أنه نسخة مخففة عن بيانات سابقة كانت أوضح بكثير لجهة تأكيد حق «الشعب والجيش والمقاومة» بمواجهة الاحتلال والاعتداءات.
وتؤكد المصادر الوزارية وجود تشدد دولي لافت في هذا المجال، وخصوصاً من قبل الأميركيين والأوروبيين: «وتحديداً بريطانيا التي أبلغت بعض المسؤولين اللبنانيين موقفاً حازماً في هذا الشأن».
سياسياً، استمر النقاش الداخلي اللبناني حول موضوع تأليف الحكومة، فرأى نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، أمس، أنه «من المبكر الحديث عن عرقلة بتشكيل الحكومة، والحديث عن سقوف عالية كان يجري بصورة دائمة»، مشيراً إلى أنه «في حال تبين أن هناك نوايا تستهدف إغراق الحريري بالمطالب لإحراجه عندها تصدر مراسيم تأليف حكومة تؤلف الأكثرية النيابية»
ورأى النائب محمد الحجار، أن «جميع القوى السياسية اتفقت على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري رأى أن هناك رغبة في التعاون وتسهيل تأليف الحكومة. وإلى جانب ذلك هناك مطالب قدمتها الكتل السياسية»، معتبراً أن «بالحديث مع الحريري، لم أشعر أنه يرى أن هناك أموراً تعجيزية، وهو لم يسمع من جميع الكتل أن مطالبها مشروطة، ونأمل أن تكون كذلك».
وأكد النائب الكتائبي السابق فادي الهبر، أن «حزب «الكتائب» متمسك بثوابته نفسها من مشروع الدولة واستكمال السيادة والاستقلال والقرار الحر، إلى تقوية الجيش والقوى الأمنية الشرعية وإزالة السلاح غير الشرعي وحصر قرار الحرب والسلم بالدولة وحدها، والدفع باتجاه إطلاق الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، مثلما وعد الرئيس عون، وخصوصاً فتح آفاق وهوامش لاستراتيجية اقتصادية ومقاربة المخاطر المالية من جراء نتائج العقوبات الدولية على «حزب الله»، وأيضاً حماية النقد الوطني بسبب التراجعات الاقتصادية والسياسات الخاطئة على مختلف الصعد».
وأوضح أن «الثوابت الكتائبية أصبحت عناوينها معروفة عند الجميع على مختلف الصعد»، أكد الهبر أن «النهج نفسه سيستمر»، مضيفاً: «لقد فتحنا صفحة جديدة وكانت معارضتنا بنّاءة، وقد نشارك في الحكومة العتيدة، تبعاً لما ستكون عليه الأمور في عملية التشكيل والبيان الوزاري وتوجهاتها وأولوياتها وتوازنها».