«طبخة الحكومة» في الكواليس لم تحجب السباق الدائر بين القوى الرئاسية والسياسية حول نبش الملفات أو تمرير الملفات، وواحد منها ملف مرسوم التجنيس الذي يدور سجال انتقادي ودفاعي وهجومي حوله، في ظل حكومة تصريف أعمال، ووسط أسئلة عن «الإجازة العائلية»، وخطة مواجهة المطالب العائدة للكتل الكبيرة والصغيرة، أو التي قيد التأسيس.
وبين صيغ الحكومة وحجم مطالب الكتل، يبقى انتظار عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت سيد الموقف، وسط معلومات عن عودته في غضون الـ48 ساعة المقبلة، بعد لقاء مرتقب مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، والذي كان التقى في الساعات الماضية الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيجري مقاربة للأوضاع في سلسلة إفطارات بدءاً من يوم بعد غد الأحد، وكان تلقى دعوة من الرئيس الروسي فلادمير بوتين للمشاركة في افتتاح المونديال العالمي في مدينة سوتشي على البحر المتوسط نهاية الشهر.
ومع مضي أسبوع على التكليف بشبه إجماع على الرئيس الحريري استقرت العقدة كأنها متاريس بوجه التأليف على النحو التالي:
 1- عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» بعدد من الوزراء المسيحيين يماثل عدد الوزراء من التيار الوطني الحر في صورة تستنسخ تفاهمات «الثنائي الشيعي».. وهو أمر يرفضه التيار الذي يرأسه جبران باسيل.
2 - عقدة إصرار النائب السابق وليد جنبلاط على ان تكون كل حقائب الدروز من حصة اللقاء الديمقراطي، وهذا يسبب مشكلة مع النائب طلال أرسلان.
3 - تمسك رئيس الجمهورية بحصة وزراء مفصولة عن تكتل لبنان القوي، الذي يتمسك تمثيل العلويين والسريان.
4- إصرار حزب الله على تمثيل السنّة الثمانية خارج كتلة «المستقبل» التي تطالب بحصة لتمثيل السنّي في داخلها، خلافاً لما يطالب به «حزب الله» بضرورة تمثيله بوزارة وازنة تهتم بالبقاع، مع تمثيل أحد حلفائه السنّة.
وإزاء هذا المشهد «الاسمنتي» على صعيد المطالب، لم تستبعد مصادر نيابية قريبة من مراكز القرار، عدم ترك الوضع على عواهنه، وتقديم تشكيلة أمر واقع، على نحو ما يريد رئيس الجمهورية والرئيس الحريري.
الوضع الحكومي: لا شيء بعد
وفيما تبقى الحركة السياسية الداخلية خجولة نوعا ما على صعيد الملف الحكومي، بانتظار عودة الرئيس الحريري المتوقعة نهاية الأسبوع الحالي، حيث ستكون له إطلالة في الإفطار المركزي الذي سيقيمه «تيار المستقبل» غروب الأحد المقبل في مجمع «البيال»، توقعت مصادر سياسية ان تكون كلمة الحريري بمثابة اعادة اطلاق المحركات السياسية التي يفترض ان تستأنف مطلع الأسبوع المقبل، لعملية تأليف الحكومة، مستفيدا من الإجازة العائلية التي اعطاها لنفسه، في الرياض، لتكون فرصة لدرس وجوجلة كل الأفكار والمطالب التي استمع إليها في الاستشارات التي أجراها عقب تكليفه مجدداً برئاسة الحكومة.
غير ان مصادر أخرى، أكدت ان مفاوضات التأليف لم تتوقف رغم غياب الرئيس الحريري عن البلاد، مشيرة في هذا السياق إلى اللقاء الثلاثي الذي انعقد بعيدا عن الأضواء في وزارة المال، وجمع الوزيرين علي حسن خليل (حركة امل) والدكتور غطاس خوري (المستقبل) والنائب وائل أبو اعور (اللقاء الديمقراطي)، الا أي معلومات عن محصلة هذا اللقاء لم ترشح عن المجتمعين، سوى ان البحث تركز على موضوع الحصة الإسلامية في التركيبة الحكومية، مرجحة العودة إلى القاعدة التي استندت إليها عملية تأليف الحكومة المستقيلة بالنسبة لتوزيع الحصص على الكتل النيابية، بالرغم من تغير احجام بعض الكتل، معتبرة ان هذه القاعدة يُمكن ان تبقى على حالها، ولو تمت إضافة مقعد بالزائد أو حذف مقعد بالناقص.
وقالت مصادر متابعة للاتصالات بشان الحكومة في كتلة نيابية وازنة لـ«اللواء» ان اي شيء لم يتقرر بعد بخصوص شكل الحكومة ولا عدد اعضائها، وان البحث الجدي يبدأ بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية، لكنها اوضحت ان عدد اعضاء الحكومة يتحدد في ضوء مهمتها ودورها، فإن كانت تستدعي الظروف حكومة اقطاب ستكون مصغرة، وان كانت حكومة وفاق وطني ستكون موسعة اي ثلاثين عضوا، وهذا هو الخيار الارجح، لتمثيل كل الاطراف فيها «خاصة مع وجود السقوف العالية لبعض القوى السياسية، التي تحتاج وحدها الى حكومة كاملة».
واوضحت انه برغم التصورات والسيناريوهات المتداولة الا ان اي شيء لم يبحث ولم يتقرر بعد، ولم يتم البحث في اي امر تفصيلي له علاقة بعدد الوزراء ولا بتوزيع الحقائب. فالامر خاضع للاخذ والرد في عملية التفاوض. لكن الرغبة الاكيدة لدى الجميع هي تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة للبدء في معالجة الازمات الكبيرة المتراكمة.
ومن جهتها، اعتبرت مصادر «حزب الله» لـ «اللواء» ان المشاورات حتى الساعة بالنسبة لتأليف الحكومة ما زالت شكلية، ولم يكشف أحد بعد عن كافة أوراقه، وما أعلن وسرب من مواقف يبقى مجرّد أفكار واقتراحات قابلة للأخذ والرد، لا سيما وان البحث لم يدخل بعد في تفاصيل موضوع التأليف حيث تكمن الشياطين.
وإذ لاحظت ان العقد التي ظهرت منذ بداية التكليف ليست بسيطة، مشيرة إلى «العقدة الدرزية» وعقدة تمثيل «القوات اللبنانية» بحصة موازية لحصة «التيار الوطني الحر»، اضافت المصادر إلى ذلك موضوع التمثيل السني في الحكومة وضرورة عن اقتصاره على تيّار «المستقبل»، مشددة على ان «حزب الله» سيطالب بتوزير أحد النواب السنّة الثمانية غير المنتمين للمستقبل ويعتبرون من حلفاء الحزب.
واعتبرت مصادر الحزب ايضا ان تشكيل حكومة مصغرة أمر غير متاح في المرحلة الراهنة بسبب حجم مطالب الكتل، وصعوبة إرضاء كافة القوى الممثلة في المجلس، ولفتت إلى انها لا تبدي تفاؤلاً بإمكانية ولادة الحكومة في وقت سريع كما كان يشاع بأن تكون الحكومة عيدية الفطر السعيد، باعتبار ان هناك مشاورات طبيعية ستجري خلال الاسابيع المقبلة حيث يفترض ان يتواصل الرئيس المكلف مع الأطراف السياسية للتفاهم معها على الحقائب التي ستعطى لها، وهذا الأمر سيحتاج بطبيعة الحال إلى لقاءات واجتماعات مكثفة ليتم بعد ذلك اقتراح الأسماء والموافقة عليها، وهذا الموضوع يحتاج ايضا إلى مزيد من الوقت.
ورفضت المصادر الكشف عن الحقيبة الوزانة التي أعلن الحزب انه يريدها، كما رفضت استباق الأمور بالنسبة لمضمون البيان الوزاري، على اعتبار ان الموضوع ما زال مبكراً الحديث عنه.
مرسوم التجنيس
وبعيداً عن موضوع الحكومة، قفزت إلى واجهة الأحداث أمس، معلومات أكدت ان رئيس الجمهورية ميشال عون وقع مرسوم تجنيس نحو 385 شخصاً معظمهم من جنسيات سورية وفلسطينية وعراقية واردنية وتونسية ومصرية وسعودية والمانية وفرنسية وبريطانية وإيرانية وتشيلية وأميركية وهندية مع عدد من مكتومي القيد، بعد ان اقترن المرسوم بتوقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، مما أعاد إلى الأذهان فضيحة مرسوم تجنيس نحو أكثر من 150 ألف شخص في حزيران من العام 1994 في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي.
ولم يعرف بعد تاريخ توقيع المرسوم، وما إذا كان حصل قبل استقالة الحكومة، وجرى التكتم عليه أثناء الانتخابات النيابية، أم تمّ في مرحلة تصريف الأعمال، وهنا يبرز تساؤل عمّا إذا كانت مرحلة تصريف الأعمال تسمح قانونا بتوقيع مرسوم بأهمية مرسوم التجنيس، واي نص قانوني يُمكن الاستناد إليه في حال تقرر الطعن به امام مجلس شورى الدولة؟ بحسب ما لوح عدد من النواب، في مقدمهم النائب الكتائبي نديم الجميل الذي اعتبر ان المرسوم يمس بالتوازن بين الطوائف، علما ان الطعن بالمرسوم، بحسب ما أكدت مصادر قانونية سيكون محسوماً إذا شمل فلسطينيين، باعتبار انه يخالف مقدمة الدستور، كما ان شموله السوريين من شأنه ان يفتح الباب امام توطين هؤلاء، خلافاً 
لتوجهات الحكم والحكومة
واللافت ان المرسوم لم ينشر في الجريدة الرسمية على غرار المرسوم رقم 5247 الصادر في عهد الرئيس الهراوي، ولم يعثر له على أي اثر مادي، لكن مصادر مطلعة قالت ان المراسيم الاسمية لا تحتاج إلى نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة، وان المرسوم في أغلب الظن بات نافذاً.
ومهما كان الأمر، فإن معلومات «اللواء» تؤكد ان المرسوم صدر بالفعل، وتستفيد منه بحدود 270 عائلة مسيحية و115 عائلة مسلمة من عرب واجانب، ومعظمها من عائلات متباعدة، وشمل حالات لم الشمل وأخرى صحية وانسانية، فضلا عن رجال أعمال.
الطعون
في هذه الاثناء، رفض رئيس المجلس الدستوري الدكتورعصام سليمان التعليق على اجراءات المجلس الدستوري التي ستعتمد في قبول وبحث الطعون التي سيتقدم بها المرشحون الخاسرون في الانتخابات النيابية، وقال لـ«اللواء»: سأدعو يوم الخميس المقبل الى لقاء مع الصحافة في الساعة الحادية عشرة، أي بعد انتهاء مهلة تقديم كل الطعون المصادفة يوم الاربعاء، لشرح الالية وتوضيح كل المسائل المتعلقة بكيفية تعاطي المجلس مع الطعون في النظام النسبي الجديد, وقبل ذلك لن اقول اي كلمة.
وعن عدد الطعون التي وصلت الى المجلس حتى الان، قال: تحدثت المعلومات الصحافية عن تقديم المرشح في دائرة زحلة ناصيف التيني طعنا، لكن حتى الساعة الواحدة من بعد الظهر لم يكن قد وصلنا شيء.لكن من المفروض ان تُقدم كل الطعون ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء المقبلة.  
 وحول طبيعة لقائه امس، مع رئيس الجمهورية ميشال عون، قال ان لا علاقة له بموضوع الطعون، وانه يتعلق بدعوتي الى القاء محاضرة في مؤتمر متخصص في مدينة اندرو الاسبانية بعنوان «دور المجلس الدستوري في حماية الاقليات في لبنان»، وقد اخذنا بركة الرئيس وتوجيهاته.
وكانت المعلومات قد ذكرت ان التيني المرشح في لائحة «زحلة الخيار والقرار» ضد النائبين قيصر معلوف وإدي دمرجيان، طالب في طعنه تغيير النتيجة باعتبار ان ثمة خطأ يشوبها وتاليا اعلانه فائزا عن هذا المقعد.
ونفى مرشّح جمعية المشاريع الإسلامية (الاحباش) في طرابلس الدكتور طه ناجي ما يشاع عن صعوبة الطعن حسب القانون النسبي، وقال «ان الموضوع غير صحيح، فقط نتحدث عن الشكل. السؤال الوحيد الذي يطرح هو بمن سنطعن، باللائحة كلها التي نالت الحاصل ام بمرشح واحد. وفي حالتي، وبما ان الخطأ مادي، اي خطأ في الاحتساب، فلن يصار الى اعادة العملية الانتخابية، بل الى ابطال نيابة المطعون به، كما سبق للمجلس الدستوري ان صرح».
الفلتان الأمني في بعلبك
إلى ذلك، أفادت معلومات لـ«اللواء» ان سلسلة إجراءات سيتخذها الجيش والقوى الأمنية في بعلبك لضبط الوضع هناك بقيت تفاصيلها لجهة موعدها وغير ذلك متروكة للقيادة العسكرية، واستبعدت أي اجتماع في الوقت الحاضر للمجلس الأعلى للدفاع الذي سبق له وبحث إجراءات ضبط الأمن في المدينة، لكنها بقيت دون ترجمة على الأرض.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق حمل هذا الموضوع إلى قصر بعبدا ومعه محافظ بعلبك- الهرمل بشير خضر، ونقل عن الرئيس عون قوله ان اجتماعات مكثفة ستعقد مع القيادات السياسية والأمنية لوضع حدّ للفوضى المنتشرة في المنطقة بأسرع وقت، وانه سيتابع الوضع مع رئيس الحكومة وأعضاء مجلس الدفاع الأعلى والفاعليات السياسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وفي السياق، رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» ان الفلتان الأمني في بعلبك- الهرمل لم يعد مقبولاً التغاضي عنه، ولم يعد يحق للسلطة التغاضي عن مسؤولياتها، ودعت المؤسسات الأمنية لتنفيذ خطة أمنية حازمة في المنطقة.
وإذ أملت الكتلة تعاون مختلف الأفرقاء لإنجاز تشكيل الحكومة في أسرع وقت، حددت ما يشبه أولويات الحكومة الجديدة، بالعمل على مكافحة الفساد واستحداث وزارة تخطيط، واعتماد خطة جدية لمعالجة ازمة النازحين السوريين وتغليب المصلحة اللبنانية على مصالح الدول الأخرى.
تجدر الإشارة، بالنسبة لموضوع النازحين إلى ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كشف أمس، خلال تفقده المبنى الجديد للأمن العام في محلة الجديدة في المتن، عن ان التواصل قائم مع السلطات السورية لإعادة آلاف السوريين إلى ديارهم، مؤكداً ان الموضوع قريب.
ولفت إلى انه سيتم انشاء10 مراكز في لبنان خاصة بالسوريين لتخفيف الضغط عن المراكز الأساسية، الا ان ذلك، حسب ما قال، لا يعني ان بقاءهم في لبنان سيطول.