يتنامى السجال السياسي حول ″حصة″ رئيس الجمهورية الوزارية في الحكومة الجديدة، حيث يعتبر كثير من الأطراف أن هذه ″الحصة″ تهدف الى زيادة عدد وزراء التيار الوطني الحر على حسابها، وخصوصا القوات اللبنانية التي تواجه بحسب ما يردد نوابها ″محاولات لتهميش إنتصارها الانتخابي وعدم ترجمته في الحكومة″، فضلا عن سعي برتقالي لاحراجها وإخراجها نهائيا من الحكومة ودفعها الى المعارضة، بما يجعل ساحة الحكومة خالية لتيار ″لبنان القوي″ الطامح بحسب تصريح رئيسه جبران باسيل الى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزارة المالية أو الداخلية إضافة الى عدد لا يستهان به من الوزارات الأساسية لا سيما الطاقة.
يبدو واضحا أن عقدة ″حصة″ رئيس الجمهورية ستضاف الى العقد الحكومية الكثيرة، من صراع الثنائي المسيحي، الى العقوبات الأميركية والخليجية على حزب الله وتداعياتها، الى إصرار ″اللقاء الديمقراطي″ على الاستئثار بالحصة الدرزية كاملة، فضلا عن التمثيل السني في ظل إصرار الرئيس المكلف على أن يسمي كل وزراء السنة، وإستبدال الوزير السني الذي قد يسميه رئيس الجمهورية بوزير مسيحي على غرار ما فعل في حكومة تصريف الأعمال باستبدال طارق الخطيب (وزير البيئة من حصة الرئيس عون) بـ غطاس خوري (مستشار الرئيس الحريري وزير الثقافة).
تتسع مساحة الرفض لـ ″حصة″ رئيس الجمهورية، خصوصا أن مثل ذلك ليس فيه نصا دستوريا، خصوصا أن الرئيس عون نفسه في العام 2012 وعندما كان رئيسا لتكتل التغيير والاصلاح رفض جملة وتفصيلا أن يكون هناك حصة لرئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان، مؤكدا أنه ″طالما لا يوجد أي نص دستوري حول حصة حكومية لرئيس الجمهورية، فلا يمكن إعطاءه إياها″.
تصريح عون السابق، تستند إليه القوات اللبنانية بالدرجة الأولى، في الوقت الذي تحاول فيه أن تضغط في أكثر من إتجاه الحصول على أربعة وزراء على الأقل، وخصوصا على الرئيس المكلف إنطلاقا من الدعم السعودي غير المحدود لها، وربما يعود الحريري من السعودية بتكليف يقضي بإنصاف القوات وإعطائها حصة وزارية تتناسب مع حجمها النيابي الجديد، فضلا عن الاهتمام بحزب الكتائب من خلال تمثيله بوزير واحد، وهو أمر لا يزعج الحريري الذي يسعى الى تحصين ساحته في الحكومة خوفا من إستفراده عند أي خلاف وإمكانية الانقلاب عليه.
علما أن الحريري عبّر بصورة غير مباشرة عن رفضه لـ ″حصة″ رئيس الجمهورية من خلال طرح حصة مماثلة لرئيس الحكومة، وهو أمر وجد دعما سنيا من خلال موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا الى عدم تكريس ″أعراف جديدة لا طائل منها″، وذلك دفاعا منه عن الموقع السني الأول في لبنان، وحرصه على هيبة رئيس الحكومة الذي يواجه منذ فترة محاولات لمصادرة صلاحياته، وهو أمر من المفترض أن يتنبه له في تشكيل الحكومة الجديدة تحديدا، خصوصا أن بعض التيارات السياسية تتجه الى فرض أسماء وزرائها عليه.
ولا يستبعد مراقبون أن تصل عدوى ″الحصة″ الوزارية الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ربما يجد من يطالب له بـ″حصة″ مستقلة عن تياره السياسي، ما يعني تكبير الحجر على رئيس الجمهورية ومحاولة تطويقه، ما يجعل تشكيل الحكومة أمرا شبه مستحيل في حال لم تتواضع كل الأطراف وتزهد في حقائبها كماً ونوعاً.
يدرك الجميع أنه من الصعب أن يتنازل رئيس الجمهورية عن حصته الوزارية، ما سيؤدي الى مزيد من التعقيدات، إلا في حال نجحت المساعي في إقناع الرئيس بأن يمارس دور ″بيّ الكل″ وأن يمثل ضمن حصته الأحزاب التي لم تجد مكانا لها في التشكيلة الحكومية، أو تلك التي تشعر بالغبن مثل القوات، أو تلك التي تنتظر تسديد فاتورة سياسية على غرار النائب طلال أرسلان.