"تبرأ" زياد الأطرش، الذي ارتبط اسمه بعمليات تفخيخ السيارات بهدف تفجيرها، من شقيقه سامي "مهندس" السيارات المفخخة الذي قتل في آذار من العام 2014 بمداهمة للجيش في عرسال، ليدفع عنه تُهماً تتصل بمشاركته بعمليات تفخيخ السيارات وتفجيرها في مناطق ذات غالبية شيعية، حيث كان دور الموقوف تفكيك أبواب السيارات وإعادة تركيبها بعد تفخيخها بمحل يملكه محمد الحجيري الملقب بـ«كهروب»، وبمشاركة الأخير، وسامي الأطرش وأبو عبدالله العراقي، خبير المتفجرات.
ويُلاحق الأطرش، في ثلاثة ملفات، برز في أحدها أمس، أثناء مثوله أمام المحكمة العسكرية، اعترافات عن مشاركته في عمليات تفخيخ السيارات، ومنها التي تم ركنها في محلة المعمورة في الضاحية الجنوبية ليلة عيد الأضحى خلال العام 2014، غير أنه تم ضبطها قبل تفجيرها تلك الليلة.
ونفى الأطرش أمام «العسكرية»، أي علاقة له بتلك السيارات المفخخة ومنها سيارة المعمورة، وحمّلها برمّته إلى شقيقه سامي «فملفات أخي لا علاقة لي بها»، وذهب إلى حد الزعم أن «لا تواصل بيني وبينه»، على الرغم من أن منزليهما متجاوران في عرسال «فهو بحاله وأنا بحالي».
«انسياب» كلام الأطرش في إفادته الأولية واعترافاته في تلك الإفادة عن دور له في عمليات تفخيخ السيارات ومراقبة تحركات الجيش، فضلاً عن مشاركته في إطلاق صواريخ على بلدتي اللبوة والنبي عثمان ونقله حوالى 15 مرة أسلحة وذخائر من طرابلس إلى عرسال، استوقفت رئيس المحكمة العميد الركن حسين عبدالله الذي واجهه بها، وكان ردّه متوقعاً: «اعترفت تحت الضرب بعد تعذيب تعرضت له لعشرة أيام»، حيث «استسلم» الأطرش ـــ على حد زعمه ـــ قائلاً: «قلت للمحقق حينها إكتب ما شئت».
وفي هذا الملف أنهت المحكمة استجواب الأطرش وأصدرت مساءً حكماً بحقه قضى بسجنه عشر سنوات أشغالاً شاقة وتجريده من حقوقه المدنية، وإلزامه بتقديم بندقية حربية، وذلك بعدما استمعت إلى مطالعة ممثلة النيابة العامة القاضية مايا كنعان التي طلبت تطبيق مواد الاتهام بحقه، وإلى مرافعة وكيله المحامي انطوان نعمة التي خلص فيها إلى إبطال التعقبات عن موكله واستطراداً إعلان براءته وفي حال التجريم منح موكله الأسباب التخفيفية مع وقف تنفيذ العقوبة لعدم وجود أسبقيات بحقه، فيما طلب المتهم البراءة وإطلاق سراحه بعدما مضى على توقيفه أربعة أعوام.
في مستهل استجوابه، أكد المتهم الذي كرر أكثر من مرة أنه سلم نفسه طوعاً، وأنه كان يعمل على نقل سوريين من عرسال إلى طرابلس وبالعكس على سيارة لنقل الركاب، وأن كثيراً من العسكريين كانوا من ضمن الركاب، نافياً أن يكون قد عمل على نقلة أسلحة وذخائر كان يتسلمها في طرابلس من المدعو أبو جعفر وهو سوري وينقلها إلى شقيقه سامي، متراجعاً بذلك عن اعترافاته الأولية.
وسئل الأطرش عما جاء في تلك الإفادة من اعترافات عن أن شقيقه سامي من جبهة النصرة وكلّفه بنقل أسلحة وذخائر من محلة أبي سمرا في طرابلس إلى شقيقه في عرسال، وأنه نقل بالفعل 15 نقلة، ليأتي جواب الأطرش: «صحيح أن أخي تاجر أسلحة إنما لا علاقة لي به، وأنا كنت أنقل نازحين سوريين وكذلك عسكريين من اللواء الخامس وجميعهم يعرفونني، كما أنه لم يضبط معي شيء».
وعن اعترافه حول طلب سامي منه مساعدته في تفخيخ السيارات منها ما تم تفجيرها ومنها ما ضُبط، فضلاً عن مساعدته بذلك لسيارة من صنع أميركي جرى ضبطها على طريق مقنة وسيارة من نوع جيب شيروكي كحلي اللون تم تفجيره في بلدة النبي عثمان، قال الأطرش: «أنا سائق فان، وإذا كان أخي يعمل مع الثورة فما علاقتي بذلك، فالاتصالات بيني وبينه مقطوعة، ولم يرد اسمي على لسان أي من الموقوفين من هذه الملفات».
وماذا عن سيارة رابعة؟ - سئل الاطرش - فأجاب: «ما خصني فيهم»، مكرراً القول بأنه سائق عمومي «وما بعرف بالتفخيخ».
أقرّ الأطرش أولياً بأن شقيقه سامي أخبره بأنه أرسل سيارة مفخخة انفجرت بمحطة محروقات في الهرمل وأخرى انفجرت على حاجز للجيش اللبناني، ونقل قذائف وصواريخ إلى وادي الخيل اُطلقت على بلدة النبي عثمان، وكان جوابه: «تحت التعذيب».
و«تحت التعذيب» أيضاً، فصّل الأطرش في مرحلة التحقيق الأولي أدوار كل من شقيقه و«كهروب» والعراقي ودوره هو، فكان سامي يُحضر السيارات إلى محل «كهروب»، فيما كان هو يقوم بتفخيخ أبوابها ويُعيد تركيبها بعد تفخيخها، أما أبو عبدالله العراقي وهو خبير متفجرات، فكان يضع العبوات في أبواب السيارات، ليأتي دور «كهروب»، بوضع «اللمسات الأخيرة»، بتوصيل أشرطة الكهرباء، ثم يعمد أبو عبدالله وسامي إلى نقلها إلى الجرود بعد أن يكون المتهم زياد قد قام بمهمة المراقبة على طريق وادي حميد، بحيث تكررت هذه العملية أكثر من مرة.
أما جوابه على ذلك أمام المحكمة فكان هو نفسه «لا علاقة لي بذلك، إسألوا عني الموقوفين».
وكيف توفي سامي؟ - سئل الأطرش - فقال: «قتلوه، لا اعرف مَن، يمكن دورية مخابرات». ويضيف عن مشاركته بالمساعدة في إطلاق الصواريخ على بلدتي اللبوة والنبي عثمان: «ما خصني لا من قريب أو بعيد، وإذا أخي متورط فما علاقتي أنا».
وقبل أن تتابع المحكمة استجواب الأطرش، جرى الاستماع إلى إفادة «كهروب» الذي يلاحق الى جانبه بملفين آخرين، وأحدهما مع أحمد الأطرش الملقب بـ«نسر عرسال»، وكل من الفارين سامح البريدي والسوري أمين غرلي. ونفى كهروب تفخيخ سيارات في محله الذي يملكه في عرسال «والذي يبعد عن حاجز للجيش اللبناني 20 متراً فقط»، وقال إنه لم يسبق له أن التقى بزياد الأطرش الذي تعرف عليه في السجن، كما أن زياد وشقيقه سامي لم يقصدا يوماً محله الذي يتردد إليه العديد من عناصر الجيش لتصليح سياراتهم.
وعن إفادات عدد من الموقوفين حول مشاركته وزياد في تفخيخ السيارات قال كهروب: «فليواجهونني، أنا حوكمت بملفين بالسجن المؤبد حول انتمائي إلى داعش والنصرة وهم كانوا يريدون قتلي».
وبمتابعة استجواب الأطرش، حول استيضاحه لشقيقه سامي بعدما سمع بضبط سيارة مفخخة عند مفرق يونين، وأخبره حينها شقيقه بأنها تعطلت وكانت وجهتها الضاحية الجنوبية، اجاب: «ملفات أخي لا علاقة لي بها ولا أعرف محل كهروب».وأضاف: «لا دليل ضدي حول مساعدتي لأخي، وإذا كان يوجد أي دليل واجهوني به».