أولاً: القضاء والشُّبُهات...
عشيّة ورشة الإصلاح والقضاء على الفساد المُرتجاة من المجلس النيابي الجديد، ومع ميلنا لتصديق كلّ ذلك على مذهب تفاءلوا بالخير تجدوه، فإنّنا نميلُ أيضاً للتسليم بأنّ الأجهزة الأمنية عندنا سليمة ومُعافاة، تحترم القوانين وتعمل بموجباتها، وتتفانى في سبيل خدمة المواطنين والمحافظة على سلامتهم، وقبل ذلك المحافظة على كرامتهم، ومع تسليمنا دائماً بأنّ القضاء عندنا نزيهٌ وعادل وكفُؤ، فإنّ خطوة إطلاق سراح المقدّم سوزان الحاج بالأمس جاءت لتطرح علامة استفهام بعرض إصبعين، فهي مُتّهمة بجناية بشعة: تركيب ملف أمني لمواطن بريئ، بواسطة مُقرصن يعمل لحسابها وتحت إمرتها، ومع أنّها مُتّهمة بنفس تهمة المُقرصن، فقد أُخلي سبيلها، وبقي هو قيد الاعتقال، وأُخليت بكفالة رمزية، تمهيداً لإزالة ما تبقّى من " التباسات" كما صرّح محاميها، ربما للسّعي في سبيل تأمين براءتها، وعندها يبقى المقرصن إيلي غبش وحيداً أمام مصيره المجهول والقاتم.
إقرأ أيضًا: حربُ الإلغاء الثانية بين القوات والتيار العوني .. فإنّ الحرب أولُها الكلامُ
ثانياً: الاحتفال بدل الإعتذار والندم...
ما سبق ذكرُه أعلاه، يُعتبر من عاديات الأمور في لبنان، ولا يمكن الخروج عليه في بلد الطوائف والمُحاباة و"الوساطات" . إلاّ أنّ ما رافق إطلاق سراح الحاج، هو المُستغربُ والمُخزي ، فقد استُقبلت في دارتها استقبال الفاتحين، مرفوعةً على الأكتاف، وهي تُحيّي مُستقبليها بطلّتها البهية وابتساماتها العريضة، مع الزغاريد والتّهليلات، بدل أن تلوذ بالصّمت والوقار والتّهيُّب ممّا ينتظرها في المحاكمة الفاصلة، وبدل أن تعتذر من المجني عليه المسرحي زياد عيتاني، وتعتذر من اللبنانيين الذين وفّروا لها أعلى المراتب والرواتب والمُخصّصات، بدت مُتغطرسة غير مسؤولة.
إذا كان إطلاق سراح الحاج واستمرار احتجاز غبش أولّ الكُفر في هذا الملفّ، وأنّ غبش هو كبشُ الفداء، فلعلّ ذلك يكون عبرةً لكلّ من تُسوّل له نفسه أن يطمئنّ لذوي النفوذ والسلطان، لأنّه سيجد نفسه، حتماً، وحيداً في مخازيه ومخازي مُشغّليه.