بدأت المشاورات التمهيدية الجدية الدخول في عملية تشكيل الحكومة. الاستشارات النيابية غير الملزمة تعتبر مقدّمة لطرح الكتل مطالبها ووضع تصوّر عام بشأن العملية التحاصصية. كل الكتل النيابية تطمح إلى التمثّل في الحكومة الجديدة. حتى الكتل التي ينخفض عددها عن 4 نواب تسعى لأن تتمثّل بمعزل عن الطريقة أو الآلية، فيما هناك من يصرّ على جعل الحكومة مؤلفة من 32 وزيراً، أي إضافة مقعدين جديدين للأقليات والعلويين. فيما الرئيس المكلف يعتبر أنه لن يكون قادراً على تمثيل الجميع وتلبية مطالب الكتل كلها، لأن ذلك بحاجة إلى 60 وزيراً.
بدأت عملية الشد والجذب. القوات اللبنانية تجزم بأنها لن تكون في المعارضة، ولديها كتلة نيابية تخولها دخول الحكومة من الباب العريض، بالإضافة إلى التفاهم مع رئيس الحكومة المكلف، فيما هناك من يسعى إلى محاولة تطويق القوات عبر إشراك كل القوى المسيحية الأخرى، كحزب الكتائب المؤلفة كتلته من 3 نواب، وتيار المردة. وهذا يعني تطويق الخيارات القواتية من ضمن الحصّة المسيحية.
التيار الوطني الحر يصرّ على التمثّل بستة وزراء وفق حجمه النيابي، مع فصل حصّته عن حصة الرئيس الذي يجب أن يتمثّل بثلاثة وزراء، واحد مسيحي وآخر درزي وآخر سنّي. يعتبر التيار الوطني الحر أن هذا أمر مفروغ منه، وهو متفق عليه في اتفاق الطائف وفق تأكيد النائب الياس بو صعب، لكن هناك كثيراً من الآراء التي تعارض هذا الطرح. وهناك من يستند إلى تصريح سابق للرئيس ميشال عون في العام 2011، حين كان يجري التداول في حصة لرئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان، إذ اعتبر عون أنه لا يوجد أي نص أو مستند يقر بمنح رئيس الجمهورية حصة وزارية.
الاختلاف على هذا التفسير يتمدد، وهناك من يضع المسألة في نصابها "العرفي" بحيث درجت مرحلة ما بعد الطائف على أن يكون لرئيس الجمهورية غير المتمتع بكتلة نيابية حصة وزارية. في المقابل، كان ذلك يسري على رئيس الحكومة الذي يأتي من خارج نادي الأقوياء، كالرئيس رفيق الحريري في العام 1992، وحين ترأس الحكومة بدون كتلة نيابية، فكانت له حصة وزارية. والرئيس سليم الحص كذلك في العام 1998. بينما حين عاد الحريري بعد انتخابات 1996 و2000 إلى رئاسة الحكومة، وكانت لديه كتلة نيابية، لم يطالب بحصة وزارية منفصلة عن حصّة كتلته وتياره. بالتالي، هناك من يذهب بالنقاش إلى مكان آخر، بأنه إذا كان لا بد من حصة وزارية لرئيس الجمهورية منفصلة عن حصة كتلته "لبنان القوي"، يعني أن حصة رئيس الحكومة يجب أن تكون منفصلة عن حصة تيار المستقبل. لكن هذا الأمر لا يبدو مستقيماً عند الرئيس سعد الحريري.
تقول مصادر متابعة إن الحريري سيكون قادراً على تجاوز كل العقبات، استناداً إلى التوافق وتسهيل الجميع عملية التاليف، وهو سيكون قادراً على تمثيل القوات، والكتائب وكل القوى، فيما المشكلة الأساسية بالنسبة إليه ستكون في تمثيل السنّة المعارضين. ومبدأ طرح حزب الله للنسبية في التمثيل الوزاري، يعني أن السنة المعارضين للحريري يجب أن تكون حصّتهم نحو الثلث. وهذا الأمر سيرفضه الحريري. هنا، ستكون عملية الشد والجذب الأساسية، فيما يطرح الحريري مخرجاً بتمثيل هؤلاء السنّة بوزير واحد من حصة رئيس الجمهورية. الأمر الذي يرفضه حزب الله وحلفاؤه.
يطالب تيار المستقبل بستة وزراء سنّة، وهو قابل للمقايضة بواحد من هؤلاء مع رئيس الجمهورية بوزير مسيحي لصالح تسمية الرئيس وزير سنّي من حصته. ومن ضمن هذه الحصة، تتحدث بعض المعلومات، أن الحريري يتجه لتسمية امرأة من حصته في الحكومة. وهناك من يتداول اسم بشرى عيتاني، (خصوصاً أنه لم يرشح اسماً من آل عيتاني إلى الانتخابات)، إضافة إلى اسم الوزير السابق محمد الصفدي بناء على اتفاق مسبق معه. وتتحدث المعلومات عن استمرار معين المرعبي وجمال الجراح في منصبيهما، بالإضافة إلى توزير النائب السابق مصطفى علوش. فيما الوزير السادس، إذا ما كان سنياً، قد يذهب الحريري إلى تمثيل بيروت بوزير ثانٍ، أو تمثيل منطقة أخرى قد تكون البقاع أو الجنوب الثالثة حيث لم يحالف الفوز المرشح عماد الخطيب. أما في حال حصلت المقايضة بين الحريري وعون فحينها سيلجأ الحريري إلى تسمية وزير مسيحي.
أما بالنسبة إلى حزب الله الذي يطالب بثلاثة وزراء شيعة، فهو سيتجه إلى إبقاء الوزير محمد فنيش، مقابل توزير شخصيتين جديدتين. وإذا ما حصل الحزب على وزارة التخطيط، فهناك تداول اسم عبدالحليم فضل الله، رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق. وهو أحد أبرز المهتمين بشؤون التخطيط. ويحرص الحزب على تمثيل البقاع بوزيرين، وإذا كانت وزارة العدل من حصته، فقد يتجه لتوزير النائب السابق نوار الساحلي. ولدى الحزب خيارات أخرى حسب الوزارات التي سيحصل عليها. بينما يتمسك الرئيس نبيه بري بعودة الوزير علي حسن خليل إلى وزارة المال، مع إمكانية عودة غازي زعيتر، فيما الوزير الثالث سيتركه بري مفاجأة كما كان توزير عناية عزالدين مفاجأة. وتعتبر المصادر أن بري قد يلجأ أيضاً إلى توزير امرأة.
ويتمسك التيار الوطني الحر بالمطالبة بست وزارات. وتشير معلومات متداولة إلى عودة الوزيرين جبران باسيل وسيزار أبي خليل، وإعادة توزير بو صعب، فيما الأسماء الأخرى لم تحسم بعد. أما القوات اللبنانية فقد تبقي على الوزيرين ملحم الرياشي وغسان حاصباني، مع كلام عن إمكانية توزير النائب السابق أنطوان زهرا، فيما هناك من يعتبر أن القوات قد توزّر امرأة. فيما الحزب التقدمي الإشتراكي فلم يحسم الأسماء بعد، ويفضل رئيسه وليد جنبلاط ترك الأمور لتشكّل مفاجأة، سواء أكان لجهة طرح أسماء جديدة، أو العودة بأسماء معروفة كوائل أبو فاعور، أكرم شهيب أو غازي العريضي. فيما الترجيحات تشير إلى تمثيل الإشتراكي بوزيرين درزيين وآخر كاثوليكي، ليبقى تبلور الأسماء في انتظار حسم الحصص.