تزداد عُقد تشكيل الحكومة يوما بعد يوم، مع تمسك كل طرف بـ”حصّته” الوزارية، وفي ظل الصراعات السياسية المفتوحة لا سيما بين الثنائي المسيحي، وعلى الصعيد الدرزي، فضلا عن العقدة السنية المستجدة، في ظل تمسك الرئيس المكلف بتسمية خمسة وزراء سنة، وإصراره على إستبدال الوزير السني الذي سيسميه رئيس الجمهورية بوزير مسيحي.

والجديد أمس، هو محاولة بعض الأطراف تكريس عرف جديد لجهة الاصرار على “الحصّة” الوزارية لرئيس الجمهورية وفصلها بشكل كامل عن “حصة” تياره السياسي، الأمر الذي دفع البعض الى المطالبة بـ”حصّة” لرئيس الحكومة المكلف على غرار رئيس الجمهورية وفصل ذلك عن “حصّة” تيار المستقبل، وربما يأتي غدا من يطالب بـ”حصّة” مستقلة لرئيس مجلس النواب بغض النظر عن “حصّة” تياره السياسي، ما يجعل الحريري أمام مهمة مستحيلة.

هذه المستجدات، أثارت حفيظة الرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا في تغريدة له على “تويتر” ليل أمس “جميع الاطراف الى تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة على قاعدة النصوص الدستورية بعيدا عن  تكريس اعراف جديدة لا طائل منها، خصوصا ما يحكى عن حصة وزارية لرئيس الجمهورية، والا فنحن نؤيد ما قاله الرئيس المكلف عن حصة مماثلة لرئيس الحكومة”.

دعوة الرئيس ميقاتي جاءت في معرض دفاعه المستمر عن الطائف والدستور، ومن موقع حرصه الدائم على صلاحيات وهيبة رئاسة الحكومة التي باتت تتعرض مرارا وتكرارا لمحاولات إضعافها، وهو أمر بالغ الخطورة من المفترض أن يتنبه له الرئيس الحريري في مهمته الوطنية الجديدة، فلا يجوز أن يكون الرئيس المكلف مجرد “ساعي بريد” لمطالب الكتل النيابية التي تصر على تسمية وزرائها، بل يجب أن يكون للرئيس المكلف رأيا في هذه التسميات، كي لا تصبح الحكومة عبارة عن مجموعات متناقضة أو دكاكين سياسية، برئيس لا يمون إلا على وزراء تياره.

أمام هذا الواقع يقف الرئيس الحريري الذي غادر مساء أمس الى السعودية في زيارة تمتد لعدة أيام، أمام ثلاثة خيارات بما يخص تشكيل الحكومة العتيدة:

ـ الخيار الأول أن يستمر في مساعيه وأن ينجح في تدوير الزوايا، وفي تقريب وجهات النظر بين التيارات السياسية، ودفعها الى الزهد في الحصص الوزارية كماً ونوعاً، إنطلاقا من رغبة أكثرية تلك التيارات بتشكيل الحكومة لانطلاق العهد بزخم كبير، خصوصا أن كثيرا من المعنيين يعتبرون أن الحكومة المقبلة هي حكومة العهد الأولى.

الخيار الثاني: أن يستفيد الحريري من كونه رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيسا مكلفا تشكيل الحكومة الجديدة، وأن يتمسك بمواقفه ويحافظ على صلاحياته التي منحها له الدستور، بما يدفع الراغبين في الاسراع بتشكيل الحكومة وإنطلاق العهد، الى تقديم التنازلات نحو إنجاز سلة متكاملة من التشكيلة الحكومية الى البيان الوزاري، خصوصا أن أي تهاون في التأليف أو التخلي عن الحلفاء ممن يشكلون خط الدفاع الأول عنه، أو محاولة إقصاء الأطراف السنية الأخرى التي يمكن أن يستفيد الحريري من غطائها داخل الحكومة، كل ذلك من شأنه أن يأتي بتشكيلة وزارية ذات أكثرية ستفرض نفسها على الحريري وتمنعه من الحكم، وربما تنقلب عليه في أي وقت إذا لم يستجب لمطالبها، وتخرجه من جنة الحكم بشكل نهائي.

الخيار الثالث: أن يؤخر التمسك بالحصص الوزارية، والشروط والشروط المضادة عملية التأليف، وأن يشعر الحريري بأنه وصل الى الطريق المسدود ما يؤدي الى إعتذاره، ما يعني فرط عقد التسوية التي أنتجت عهد الرئيس ميشال عون.