بقي الرئيس المكلف سعد الحريري على تفاؤله، بعد مرور 24 ساعة على اختتام الاستشارات النيابية غير الملزمة لتأليف الحكومة، وهو وصفها، بعد زيارة قام بها إلى قصر بعبدا، حيث التقى الرئيس ميشال عون «الاجواء بالإيجابية» آملا ان تؤلف الحكومة سريعاً.
ولليوم الثاني على التوالي، بقيت حصة رئيس الجمهورية موضع جدل سياسي في البلاد، على الرغم من ان التيار الوطني الحر، ينطلق من ان هذه الحصة مسلمة دستورية، وهو ما أشار إليه النائب إبراهيم كنعان من ان هذه الحصة «مبتوتة دستورياً وغير قابلة للنقاش».
وإذا كان الرئيس المكلف لا يرى ضيراً من حصة لرئيس الجمهورية، بعد زيارة بعبدا، وتأكيده انه من حق الرئيس تسمية وزراء، وهو حق محفوظ، فإن مصادر المعلومات تحدثت عن وضع تُصوّر اولي للحكومة لجهة العدد (24- 30 وزيراً) أو لجهة التمثيل، حيث ان الأولوية للكتل الكبرى، من زاوية الاقتداء بالنموذج الذي أدى إلى تأليف حكومة تصريف الأعمال، على ان لا يتجاوز الوقت سقف الأسبوعين.
وقالت المصادر أن سفر الرئيس الحريري إلى المملكة العربية السعودية في زيارة عائلية، قد يلتقي خلالها، القيادة السعودية، ستستمر لايام، على ان يعود إلى بيروت الأحد لرعاية افطار مركزي لتيار «المستقبل» في البيال.
تُصوّر الحريري
وعلى الرغم من ان الرئيس المكلف أكّد بعدما وضع رئيس الجمهورية ميشال عون في أجواء الاستشارات النيابية التي أجراها أمس الأوّل، وكذلك امام نواب كتلة «المستقبل» في أوّل اجتماع لهم أمس برئاسته، بأن لديه تصوراً بتشكيل حكومته الجديدة لكنه ما يزال قابلا للبحث، نفت مصادر مطلعة لـ «اللواء» ان يكون الحريري قد حمل معه إلى بعبدا أي مسودة أو تُصوّر اولي يتعلق بالتشكيلة الحكومية العتيدة، مع انه كان متفائلاً، وهذا التفاؤل انسحب بدوره على الرئيس عون الذي شدّد بحسب زواره، على وجوب عدم استبعاد أي مكون سياسي ممثّل في المجلس النيابي.
وأوضحت المصادر ان الرئيسين عون والحريري تداولا في معايير الوزارة الجديدة، وفهم في هذا المجال ان الحكومة الموسعة التي يحكى عنها ستضم بين 24 و30 وزيراً، وهو ما يرغب به الرئيس الحريري، في حين ان الرئيس عون يميل إلى تمثيل الطائفتين العلوية والسريانية، ولو أدى ذلك إلى رفع عدد الوزراء إلى 32 وزيراً، بحسب ما أبلغ النائبين مصطفى علي حسين وعلي درويش اللذين زاراه أمس، لكن الرئيس الحريري لا يبدو انه سيسير بهذا الطرح.
وكان الرئيس الحريري قد بكر بالصعود إلى بعبدا لوضع الرئيس عون في أجواء استشاراته النيابية، نظرا لارتباطه بافطار دار الأيتام الإسلامية غروباً في «البيال»، ومن ثم السفر إلى المملكة العربية السعودية في زيارة عائلية، مكرراً تفاؤله بأن يتم تشكيل الحكومة بشكل سريع جداً، لافتا إلى ان الرئيس عون أبدى تعاوناً كبيراً، وانه اتفق معه على جوجلة كل الأفكار والمعايير المطروحة، ومنها شكل الحكومة وموضوع المداورة في الحقائب السيادية، لاستخلاص أفضل طريقة لتشكيل الحكومة، مشيرا إلى ان الجميع حريص على التمثيل فيها، وانه حريص بدوره على الوفاق في الحكومة، كما حصل في الحكومة السابقة.
ورداً على سؤال نفى الحريري ان يكون قد عرض تصوره الأوّلي لشكل الحكومة، وإنما كان الحديث حول الأفكار فقط، متمنيا ان يتم تشكيل الحكومة البارحة قبل اليوم.
حصة الرئيسين
ولفت الانتباه، في سياق الرد على أسئلة الصحافيين تأكيد الحريري على وجود حصة لرئيس الحكومة، فاصلا بدوره بين حصته كرئيس الحكومة وحصة تيّار «المستقبل» الذي هو «تيار لا يُمكن لأحد ان يشكك بوجوده»، على حدّ قوله، مع انه أجاب رداً على سؤال آخر انه لا يدري ما إذا كان التيار سيحصل على ستة مقاعد وزارية أو أقل.
وجاءت إشارة الحريري إلى حصة رئيس الحكومة، وسط الحديث المتصاعد عن حصة رئيس الجمهورية في الحكومة، وفصلها عن حصة «تكتل لبنان القوي»، الذي هو ايضا تكتل رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، حرص زوّار الرئيس عون على التأكيد بأن من حق الرئيس ان يكون له وزراء يمثلونه في الحكومة وحضور في السلطة التنفيذية كونه الوحيد الذي يقسم اليمين على صون الدستور والبلاد، في حين شدّد أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة الوزير جبران، على ان «حصة رئيس الجمهورية في الحكومة محسومة، وهي غير خاضعة للنقاش»، وقال: «لا أحد يقدر ان يناقش فيها، لأنه أمر مبتوت ومحسوم ان كان على صعيد القانون أو على صعيد الممارسة».
الا ان الرئيس نجيب ميقاتي، أعلن صراحة مساء أمس عبر «تويتر» معارضته للحصة الوزارية لرئيس الجمهورية، معتبرا انها «تكريس لاعراف جديدة لا طائل منها»، وإلا فنحن نؤيد ما قاله الرئيس المكلف عن حصة مماثلة لرئيس الحكومة.
وركز النائب كنعان على ان «تأليف الحكومة من صلاحية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف والانتخابات النيابية 2018 هي الأساس لتحديد الاحجام والارتكاز عليها للتأليف، ولفت إلى ان التكتل يأمل ويتمنى، ويطالب من الجميع تسهيل عملية تأليف الحكومة وسنقدم كل ما يلزم لمصلحة العهد ولبنان وجميع المواطنين».
وأوضح عضو التكتل النائب ماريو عون لـ «اللواء» ان التكتل يتمنى تمثيل الطوائف الصغرى في الحكومة، متمنياً ان يأخذ الرئيس الحريري هذا الأمر بالاعتبار، لافتا إلى ان ملف تشكيل الحكومة انطلق، مبديا تفاؤله بقرب التشكيل، وأعلن من جهة ثانية، ان التكتل لم يناقش الملف الحكومي، وتناول فقط مسألة الخلوة التي يعقدها التكتل الثلاثاء المقبل في زحلة والتي ستشمل جميع المواضيع الاقتصادية والإنمائية.
كتلة «المستقبل»
اما كتلة «المستقبل» النيابية، فقد رحّبت بتكليف الرئيس الحريري لتأليف الحكومة، مشيرة إلى ان التحديات تستوجب الإسراع في تشكيلها وعدم إضاعة الوقت في أي تجاذبات.
وقالت مصادر نيابية داخل الكتلة، لـ«اللواء» انه من المتوقع ان يعكف الرئيس الحريري في الأيام المقبلة، على بحث ودراسة كافة الخيارات المتاحة امامه، ولجوجلة كل الأفكار والآراء التي استمع إليها خلال مشاوراته مع الكتل النيابية من أجل ان يبني على الشيء مقتضاه.
ولفتت إلى ان إعلان الكتل عن استعدادها لتسهيل ولادة الحكومة، لا يكفي وحده، بل المهم ان تصدق النيّات وتتنازل الأطراف عن المطالب التي قد تكون ربما مستعصية من حيث الحقائب والاعداد التي طالبت بها، والتفكير واقعيا بما هو متاح لنجاح عملية التأليف.
ونقلت المصادر عن الحريري تفاؤله بإمكانية الوصول إلى حلول لكل الأمور، وان لا تطول مرحلة التكليف، واعتبرت ان تفاؤل الحريري يأتي من منطلق معرفته بأن لا مصلحة لأحد المناورة وتضييع الوقت الذي تحتاجه الحكومة المقبلة من أجل إنجاز الكثير من الاستحقاقات المنتظرة سياسياً واقتصادياً ومالياً، خصوصا وان هناك التزامات دولية واضحة على لبنان تنفيذها بحرفيتها في أقرب وقت ممكن.
ورفضت المصادر النيابية الخوض بالحصص والأسماء على اعتبار ان الوقت ما زال باكرا، معتبرة ان كل ما يصدر هو مجرّد تكهنات وتأويلات، فالموضوع لا زال في بدايته، وهو يحتاج بطبيعة الحال إلى تشاور ولقاءات واتصالات بين كافة الفرقاء السياسيين، وتذكر المصادر نفسها ان التكليف لم يمر عليه أسبوع بعد، وبطبيعة الحال هناك تُصوّر ما وصفه الرئيس الحريري لحكومته المقبلة لكنه قابل للبحث.
افطار «دار الأيتام الاسلامية»
وحرص الرئيس الحريري، في افطار «دار الأيتام الاسلامية» بمشاركة رؤساء الحكومة السابقين ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وممثلين عن المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية، على الدخول مباشرة في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرا إلى التحديات الكبيرة داخلياً وخارجياً التي تستوجب الإسراع في تشكيلها، ومنها خارجياً: التصعيد الإقليمي الجاري عسكريا فوق مسرح العمليات السوري، وسياسيا في فلسطين المحتلة بعد الخطوة المرفوضة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، واستراتيجياً بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.
اما داخلياً، فقال الحريري: «نحن أمام فرصة ذهبية لن تتكرر، بإجراء الإصلاحات التي طال انتظارها، والبدء بتنفيذ البرنامج الاستثماري الذي تم تمويل المرحلة الأولى منه في مؤتمر سيدر قبل أسابيع في باريس، لتحريك عجلة النمو الاقتصادي وتأمين الخدمات الأساسية اللائقة لكل اللبنانيين وإيجاد فرص العمل أمامهم»، لافتاً إلى ان «كل القوى السياسية الرئيسية في البلاد وفي البرلمان واعية للمخاطر الخارجية والتحديات الداخلية، وبالتالي فهي متوافقة على ضرورة الإسراع في إنجاز تشكيل الحكومة. كما أن هناك توافقا بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري وبيني على ضرورة الإسراع في الإصلاح الإداري والاقتصادي، ومن ضمنه أولوية مكافحة الفساد بكل أشكاله.
وقال: «يبقىأن تترجم الأيام المقبلة هذه الإرادة بالفعل، وأن نتواضع جميعا أمام مصلحة لبنان واللبنانيين، وأن نرتفع جميعا إلى مستوى التحديات الماثلة أمامنا، والمرجح أنها ستتصاعد في الأشهر القليلة المقبلة».
وختم واعداً بالبقاء على تعهده بالحفاظ على التعهدات الأساسية التي حمت الاستقرار واطلقت مسيرة الإنجاز، تحت سقف الثوابت التي لا مساومة عليها،  وعلى رأسها اتفاق الطائف، والدستور، ونظامنا الديمقراطي، وهوية لبنان العربية، ونأي لبنان عن التدخل بشؤون الأشقاء العرب، حفاظا على أفضل العلاقات معهم».
نفي سعودي
وفيما توجه الحريري مباشرة بعد الإفطار إلى المملكة العربية السعودية، في زيارة تستمر بضعة أيام، لاحت في الأفق الخارجي ملامح أزمة سعودية- فرنسية محورها لبنان، على خلفية حقبة استقالة الرئيس الحريري من الرياض في تشرين الثاني الماضي، إذ ردّت السعودية على كلام للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحدث فيه للمرة الأولى عن احتجاز الرئيس الحريري في المملكة، مشيرا إلى انه لو لم تتدخل فرنسا لكانت وقعت حرب في لبنان حيث نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية أن ما ذكره الرئيس الفرنسي كلام غير صحيح». وذكّر المصدر بأن المملكة، كانت ولا تزال تدعم استقرار وأمن لبنان وتدعم الرئيس الحريري بالوسائل كافة.
 وقال: إن كافة الشواهد تؤكد بأن من يجر لبنان والمنطقة إلى عدم الاستقرار هو إيران وأدواتها مثل ميليشيا حزب الله الإرهابي المتورط في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وقتل مواطنين فرنسيين في لبنان، إضافة إلى مد إيران للميليشيات الإرهابية بما فيها ميليشيات الحوثي بالأسلحة والصواريخ الباليستية التي تستخدمها ضد المدن السعودية». وشدد على «أن المملكة تتطلع للعمل مع الرئيس الفرنسي لمواجهة قوى الفوضى والدمار في المنطقة وعلى رأسها إيران وأدواتها.
لقاء الراعي - ماكرون
وفي معلومات لـ«اللواء» ان النفي السعودي لكلام الرئيس ماكرون، اثير على هامش لقاء الرئيس الفرنسي مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في قصر الاليزيه، والذي استمر ساعة كاملة، لكن مصادر الاليزيه لم تشأ الرد على الموقف السعودي، ولا أي مصدر في الخارجية الفرنسية «الكي دورسيه».
وإلى جانب هذا الموضوع، اثار البطريرك الماروني موضوع النازحين السوريين، من زاوية ضرورة فصل الموضوع السياسي عن عودة هؤلاء، والا فإن لبنان سيدفع الثمن، وهنا، ودائما، بحسب المعلومات، سأله الرئيس ماكرون: وماذا ستفعلون إذا كان النازحون لا يريدون العودة؟ فأجابه الراعي: «هذه مسؤولية المجتمع الدولي الذي يجب عليه تشجيعهم على العودة».
وبطبيعة الحال تطرق الحديث إلى القانون السوري رقم 10 الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، ورأى فيه الراعي وجهين: وجه إيجابي يشجعهم على العودة ووجه سلبي، فإذا لم يعودوا فمعناه انهم سيبقون في لبنان، واستمرار وجودهم ليس لصالح اللبنانيين، ولا لصالحهم.
تجدر الإشارة إلى ان كتلة «المستقبل» النيابية، حذّرت في اجتماعها أمس من مخاطر القانون رقم 10 وما يبيته تجاه مئات آلاف النازحين السوريين الهاربين من جحيم الحرب إلى دول الجوار، وبينها لبنان، فيما غرد رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر» قائلاً: «القانون 10 هو استكمال تدمير سوريا من قبل النظام ومن قِبل «داعش» وهما وجهان لعملة واحدة».
وأضاف، غامزاً من قناة الوزير باسيل، من دون ان يسميه، تعليقاً على الرسالة التي وجهها إلى نظيره السوري وليد المعلم: «يقوم البعض من موقع التغطية على حقيقة النوايا بالاتصال بالمعلم في سوريا وبـ(انطونيو) غوتيرس في الأمم المتحدة، مستوضحا حول القانون 10: ماذا يريد هذا البعض الذي يتظاهر بجهله حول نوايا النظام؟
مالياً، قال مصرف لبنان انه باع سندات دولية قيمها 3.022 مليار دولار، موضحا انه كان يعتزم بيع ما قيمته مليار دولار لكنه زاد الحجم بسبب الطلب المحلي المرتفع.
اخلاء الحاج
قضائياً، سجل تطوّر قضائي لافت في الملف الذي عرف بملف «عيتاني- الحاج» حيث وافق قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا على تخلية سبيل المقدم سوزان الحاج التي  كانت اوقفت في آذار الماضي على خلفية فبركة ملف زياد عيتاني الذي اتهم بالتعامل مع الموساد الاسرائيلي.
وافيد أن القاضي ابو غيدا اخلى سبيل المقدم الحاج بسند اقامة واصدر قرارا اتهامياً بحقها وأحالها على المحكمة العسكرية. وإذ منع المحاكمة عن الممثل زياد عيتاني واتهم المقرصن ايلي غبش والمقدم الحاج بارتكاب جناية وفق المادة 403 من قانون العقوبات التي تصل الى 10 سنوات سجن، على أن تتم محاكمتهما أمام المحكمة العسكرية. وقد أبقى أبو غيدا على غبش، موقوفا. كما تضمن القرار دفع كفالة مليون ليرة ومنع سفر. 
وليلاً، وصلت المقدم الحاج إلى منزلها في أدما، وأقيم لها لدى وصولها احتفال شعبي أطلقت خلاله المفرقعات النارية.