يتحضر رئيس مجلس النواب نبيه بري لدعوة النواب للجلسة الثانية، وهي التي يعمد فيها المجلس إلى انتخاب لجانه الدائمة، كونها الجلسة التي تلي انتخاب هيئة مكتب المجلس بعد الانتخابات العامة. ويجري الانتخاب الذي يتكرر مع بدء دورة تشرين من كل سنة بالاقتراع السري (بواسطة ظرف خاص وأوراق نموذجية بيضاء تحمل كلاهما ختم المجلس توزع على النواب) وبالغالبية من أصوات المقترعين. وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً، وفقاً للمادة 19 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
ولا يبدو أن انتخاب اللجان قد سلِم من صراع الكتل النيابية، إذ دخلت اللجان الـ 16 وهي: " المال والموازنة، الإدارة والعدل، الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، الإعلام والاتصالات، الشؤون الخارجية والمغتربين، التربية والتعليم العالي والثقافة، الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، شؤون المهجرين، الزراعة والسياحة.
بالإضافة إلى لجان البيئة، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الشباب والرياضة، حقوق الإنسان، المرأة والطفل، تكنولوجيا المعلومات. وجميعها تدخل على خط البازار السياسي، وبدأت القوى المتنافسة تطرح في الصالونات السياسية حصتها من ترؤس هذه اللجان.
فور وصول المشاريع والاقتراحات وسائر القضايا التي يجب درسها في اللجان إلى قلم المجلس يحيلها الرئيس إلى اللجان بحسب اختصاصها إلا إذا كان النظام ينص على عرضها على المجلس أولاً. وعلى هذه اللجان أن تنهي دراستها وترفع تقريرها في المشاريع والاقتراحات وسائر المواضيع المحالة إليها في مهلة أقصاها شهر اعتباراً من تاريخ ورودها. أما المشاريع المستعجلة، يجب إنهاء درسها ورفع التقرير بشأنها خلال أسبوعين على الأكثر. وتُرفع تقارير اللجان الى مكتب المجلس لإدراجها في جدول أعمال جلسات المجلس العامة وفق ترتيب وصولها اليه مع حفظ الأولوية للمشاريع المعجلة، تبعا للمواد 26، 38، و42.
ولفهم أهمية اللجان ودورها، تواصل "ليبانون ديبايت" مع رئيس لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية في برلمان 2009 النائب السابق عاطف مجدلاني، الذي أكد على أن اللجان النيابية أساسية في عمل المجلس النيابي التشريعي، ومهمتها مناقشة كل اقتراحات القوانين التي يمكن أن يقدمها النواب، أو مشاريع القوانين التي تصل إلى المجلس النيابي من الحكومة، قبل تحويلها إلى الهيئة العامة للتصويت عليها إيجابا أو سلباً.
وعادةً تُوزع اقتراحات ومشاريع القوانين على اللجان وفق اختصاص كل لجنة، وإن كان هناك ضرورة يُحول اقتراح أو مشروع القانون إلى عدة لجان بنفس الوقت. وفي ختام البحث في حال كانت التعديلات أساسية ومختلفة بين لجنة وأخرى يُحال هذا الاقتراح أو المشروع الى اللجان المشتركة للتفاهم على صياغة واحدة للقانون قبل إحالته إلى الهيئة العامة للتصويت. إذا كانت التعديلات بسيطة يُعدل الاقتراح أو المشروع ويذهب مباشرة إلى التصويت، وفقاً لمجدلاني.
يتم التمييز عادةً بين لجان أساسية وأخرى غير اساسية، ما يخلق نزاعا بين القوى المتنافسة، على غرار ما يحصل في الحقائب الوزارية، لكن مجدلاني يرفض هذا التصنيف ويصرّ على اعتبار كل اللجان النيابية أساسية نسبة للمهام التي تُلقى على عاتقها وإلزامية مرور أي اقتراع أو مشروع قانون بها قبل أن يُحول للهيئة العامة.
ويقول هناك 3 لجان فقط يمكن اعتبارهم "ثانوية" وهي حقوق الإنسان، المرأة والطفل، وتكنولوجيا المعلومات، وذلك انطلاقاً من النظام الداخلي للمجلس الذي يمنع في المادة 21 منه النائب من أن يكون عضواً في أكثر من لجنتين من لجان المجلس الدائمة إلا في اللجان الثلاث السابقة الذكر.
وفي الصراع القائم بين الكتل على اللجان وترأسها، يرى مجدلاني أنه صراع ليس شرساً، بل أهون شروراً من غيره، على اعتبار أن النواب هم من يختارون في أي لجنة يريدون أن يكونوا. وعادة يكون هناك تفاهم مبدئي مسبق بين الكتل على تكوين اللجان الذي يُعرض على الهيئة العامة مع بعض التعديلات، ما يسهم بانتهاء الانتخاب في جلسة واحدة، لأن ترك الموضوع للهيئة العامة قد يأخذ أشهراً. ويراعي تكوين اللجان التوزيع الطائفي أكثر منه السياسي، حتى إن لجاناً طُبعت باسم طوائف معينة يمكن استبدالها بلجان أخرى لكن بنفس الأهمية.
ويتأسف مجدلاني لظاهرة ملفتة في البرلمان تتمثل بإصرار بعض النواب على الوجود في لجنة معينة، وعندما يبدأ عمل اللجان يصبح حضورهم نادراً بالرغم من أن المادة 44 تعتبر حضور جلسات اللجان إلزامياً، إذ يُعتبر مستقيلاً حكماً عضو اللجنة الذي يتغيب عن حضور ثلاث جلسات متوالية بدون عذر مشروع، وما أكثر الأعذار المشروعة لبعض النواب...!