العقبة المسيحية تراوح أمام إسراع الحريري في تشكيل الحكومة اللبنانية
 

يباشر اليوم الرئيس سعد الحريري، بعد تكليفه بأكثرية 111 صوتًا من أصل 128 في مجلس النواب، مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة.


وفي هذا السياق، توقعت مصادره أن يتمكن من الإنتهاء من هذه المهمّة قبل حلول عيد الفطر منتصف الشهر المقبل، علمًا أن الحريري نفسه أبدى في الأيام القليلة الماضية تفاؤلًا بإمكان إنجاز هذه المهمة في أسرع من ذلك، لكنّ مصدرًا سياسيًا رفيع المستوى اعتبر أن تفاؤل الحريري مبالغ به في ضوء رغبة "التيار الوطني الحر"، في الحصول على شبه احتكار للحصة المسيحية في الحكومة على حساب "القوات اللبنانية".


من ناحية أخرى، أوضحت مصادر سياسية لبنانية نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" أن ما يدعو الحريري إلى التفاؤل، ولو نسبيًا، التفاهم القائم بينه وبين كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في شأن الإسراع بتشكيل الحكومة، وأشارت إلى أن هناك وعيًا لدى كلّ من الرؤساء الثلاثة بمدى أهمّية تشكيل هذه الحكومة سريعًا في ضوء الأزمة الإقتصادية العميقة التي يعاني منها لبنان والتي لا سابق لها في تاريخه الحديث.


بدورها، ذكرت المصادر نفسها أن برّي وعون سيسعيان إلى جعل حزب الله يحدّ من مطالبه المتعلقة بتمثيله في الحكومة وذلك تفاديًا لأي عقوبات أميركية جديدة تطال المصارف اللبنانية وتعطل وصول المساعدات التي خصصها للبنان مؤتمر "سيدر" الذي انعقد في باريس في نيسان الماضي، وتصل قيمة هذه المساعدات، التي هي في معظمها قروض ميسّرة، إلى ما بين 11 و 12 مليار دولار، وأشارت إلى أن إزالة العقبة التي يشكلها (حزب الله)، المطالب بحصة وازنة في الحكومة، لا يعني عدم بروز عقبات أخرى في وجه الحريري، من بين هذه العقبات سعي التيّار الوطني الحر، الذي يرأسه النائب جبران باسيل إلى شبه احتكار للمقاعد المسيحية في الحكومة في حين تطالب القوات اللبنانية بحصة تتناسب مع النتائج التي حققتها في الإنتخابات إذ ضاعفت مرتين عدد نوابها (من ثمانية نواب إلى 15 نائبًا)، وكشفت في هذا المجال أن الحملات المتبادلة بين جبران باسيل وقياديين في القوات اللبنانية في الأيام الماضية لن تسهّل مهمّة الحريري، خصوصا أنّ باسيل ذهب بعيدا في احتقاره لحجم تمثيل القوات للمسيحيين.


كذلك كشفت المصادر السياسية اللبنانية أنّ رئيس الوزراء المكلّف لا يستطيع تجاهل مطالب القوات في ضوء العلاقة الخاصة القائمة بين سمير جعجع من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، وظهرت هذه العلاقة بوضوح أثناء الزيارات التي يقوم بها مبعوثون سعوديون للبنان، وقد حرص هؤلاء على زيارة جعجع في مقرّ إقامته في معراب وتناول العشاء لديه، مميزين بينه وبين بقية الزعماء المسيحيين.


من جهة أخرى، تحدث مصدر سياسي نقلًا عن "العرب" عن عقبة أخرى يمكن أن تواجه الحريري في تشكيل حكومته، وتتمثّل هذه العقبة في إصرار الحزب، بالتفاهم مع جبران باسيل، على أن يكون النائب الدرزي طلال أرسلان عضوًا في الحكومة، علمًا أنه لا يمتلك أي كتلة نيابية، وقد فاز في الانتخابات بعد إخلاء اللائحة المنافسة من منافس درزي له، وكان أرسلان خرج في الأسابيع الماضية عن كلّ اللياقات في التعاطي بين الزعامات الدرزية وهاجم وليد جنبلاط بعنف إرضاء لجبران باسيل، حيث لا يكنّ باسيل ودًّا لوليد جنبلاط الذي استطاع إبعاد أرسلان وتهميشه إلى حد بعيد بعدما كانت القاعدة الدرزية منقسمة في الماضي بين عائلتي جنبلاط وأرسلان.


بدوره، ذكر سياسي لبناني على اتصال بوليد جنبلاط أن الأخير، الذي رشّح ابنه تيمور ليخلفه في المجلس النيابي، على استعداد لقبول طلال أرسلان وزيرًا في الحكومة شرط أن يكون لديه وزير مسيحي في الحكومة الجديدة.